الأخ نورالدين مضيان: لا مستقبل للوطن ولا تنمية ولا تقدم إلا عبر مدخل تعليم وطني يتسم بالجودة والنجاعة

الثلاثاء 6 فبراير 2018

الممارسة الحكومية غير مهتمة بقيمة الزمن واحترام المواعيد الدستورية
الحكومة تفتقد لاستراتيجية واضحة قادرة على صياغة الوصفة السليمة لإنقاذ التعليم بالمغرب
الحكومة تختار الحلول السهلة بضرب مجانية التعليم و الإصلاح لا ينبغي أن يتم على حساب الأسر المغربية المقهروة


تطبيقا لأحكام الفصل 100 من الدستور في فقرته الثالثة عقد مجلس النواب يوم 05 فبراير 2018 جلسته الشهرية العمومية المخصصة للأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة المتعلقة بالسياسة العمومية، وقد تميزت بالمشاركة المهمة للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية حيث تساءل في موضوع إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
وتدخل الأخ نورالدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي، معقبا  على  جواب رئيس الحكومة، حيث شدد على اهمية وإستراتيجية قضية التعليم، التي يعتبرها الفريق قضية جوهرية بعد القضية الوطنية، وقبل مناقشة الجواب استغل الفرصة ليتقدم لرئيس الحكومة وأغلبيته بالتهاني بمناسبة تجاوز حالة ومحنة ” بلوكاج” التي دامت لأكثر من 4 أشهر، بعدما دام البلوكاج  الأول 6 أشهر ” أي  ما يعادل 10 أشهر من هدر الزمن السياسي والحكومي، وهو ما أدى الى توقف قطاعات حيوية من قبيل  الصحة والسكن والتعليم خاصة موضوع هذه الجلسة، معتبرا أن الترميم الحكومي اتسم بدخول مزيد من التقنوقراط، مما سيعزز ظاهرة “الصباغة السياسية”، الأمر الذي يؤدي حتما إلى إضعاف العمل السياسي، ومكانة الأحزاب السياسية ودورها الدستوري، ودائما في مجال هدر الزمن السياسي تأسف الاخ مضيان عن تأخر الجلسة لمدة 15 دقيقة دون تقديم أي اعتذار أو استقالة، مقدما المثال بما حصل مؤخرا في دولة أوروبية ديمقراطية اضطر وزير في حكومتها الى الاعتذار وتقديم استقالته بسبب تأخره لمدة دقيقتين فقط، عكس ما يقع في الممارسة الحكومية المغربية التي لا تعطي قيمة للزمن واحترام المواعيد خاصة الدستورية.
و أبرز رئيس الفريق الاستقلالي  أنه لا حاجة لتذكير الحكومة بأن لا مستقبل للوطن ولا تنمية ولا تقدم، إلا عبر مدخل تعليم وطني يتسم بالجودة والنجاعة، فمستقبل الأمم يبنى على أعمدة التعليم ،وإذا ضعفت الأعمدة، ووهنت فإن البناء يكون هشا، مشيرا إلى  ان الفريق أكد مرارا  أمام هاته الحكومة وسابقاتها، وفي مناسبات عديدة أن وضعية التعليم ببلادنا كارثية، وبكل المقاييس.
وأكد الأخ مضيان أن جواب رئيس الحكومة لم يكن شافيا بالنسبة للفريق ولحزب الاستقلال القريب من هموم أسرة التعليم بفعل برامجه ومجموعة من أطره التي تشتغل في سلك التعليم، وهو ما يجعله على دراية تامة بأوضاع القطاع الذي يعيش في حالة يرثى لها في جميع المستويات، موضحا أن التعليم  في بلادنا لم يعد ينتج سوى العطالة والأميين، في غياب استراتيجية واضحة قادرة على صياغة الوصفة السليمة لإنقاذ التعليم بالمغرب، مشيرا إلى أن البلاد منذ الاستقلال وهي تتخبط في مجموعة من الاستراتيجيات والتجارب الدولية دون أن يستقر الرأي على استراتجية مغربية تستجيب لاحتياجات المغاربة، مؤكدا أن الدول التي تقدمت في المجالات الاقتصادية والاجتماعية كان بفضل اهتمامها بالتعليم كأولوية، حيث وفرت له ميزانيات ضخمة وكان الركيزة هي لغتها الام ولم تلجأ للغة المستعمر، مثل اليابان والصين وروسيا وتركيا وغيرها، عكس ما يقع بالمغرب الذي بقي وفيا للغة المستعمر الفرنسية، هاته الاخيرة أصبحت ترتب علميا وتكنولوجيا في المرتبة السادسة عشرة على الصعيد العالمي.
واستغرب الأخ مضيان من إصرار  المسؤولين على إدراج تعلم اللغة الفرنسية منذ بداية المستوى  الابتدائي،بالرغم من احتلالها ترتيبا متأخرا على الصعيد العالمي، مطالبا بالانفتاح على لغات لها تأثير دولي مثل الانجليزية، معتبرا ان الاعتماد على الفرنسية وحدها هو تكريس للتخلف وللتبعية، وفي نفس السياق شدد على ضرورة التدريس باللغة الأم للمغاربة وهي لغة القرآن العربية وكذا الامازيغية، والعمل على تنقيح  اللغة العربية، والقطع مع الطريقة  التي تدرس اليوم، والتي تجعل منها لغة مستهجنة ومبتورة وهو ما اعتبره استهدافا لها، حتى يتم الترويج لضعفها وعدم مسايرتها للتكنولوجيا والبحث العلمي، مذكرا بأن الامة العربية والاسلامية في فترة ازدهارها تقدمت باللغة العربية، وأنجبت علماء كبار أبدعوا في مجالات مختلفة كالرياضيات والكيمياء والفلك والهندسة وعلم المعادن والفلسفة والطب والصيد مثل (ابن سينا، وابن رشد، وابن الهيتم والفارابي و الخوارزمي وجابر بن حيان و غيرهم كثير …)،حينها كان الغرب يلجأ الى ترجمة إبداعاتهم الى لغته الأم للاستفادة من العلوم العربية، مجددا تنبيهه للحكومة بضرورة اعتماد التدريس باللغة العربية كمدخل أساسي لإصلاح التعليم.
أما بخصوص التجهيزات والمرافق التعليمية، فأوضح الأخ مضيان  أنه بالرغم من تخصيص ميزانيات لها، إلا أنها  لا تترجم على أرض الواقع، بسبب الخصاص المهول في العديد من المناطق، مقدما المثال بواقع المدارس بالعالم القروي التي تشهد انقطاعات عن الدراسة بسبب أمطار الخير والثلوج في ظل غياب التجهيزات الأساسية للتدريس، وغياب النقل المدرسي وانعدام المسالك الطرقية الضرورية، دون الحديث عن أبسط  المستلزمات، حيث تنعدم  المراحيض  والكهرباء والمياه والنوافذ، بل حتى الاسقف في بعض قاعات التدريس، أما الداخليات ودور الطالبات والمطاعم المدرسية فحدث ولاحرج.
وبخصوص التعليم العالي والبحث العلمي، فقد استغرب رئيس الفريق الاستقلالي من جواب رئيس الحكومة الذي خصص حيزا ضيقا لهذا المحور  عندما قال “سأشير وباقتضاب”، وهي عبارة تستصغر من شأن هذا القطاع الحيوي، معتبرا أن تقدم الدول يعتمد على البحث العلمي والتعليم الجامعي والاعتناء بالموارد البشرية وغيرها من الاجراءات التي يجب اعتمادها من أجل تحقيق التنمية الشاملة، وفي هذا الصدد طالب  الأخ نورالدين مضيان بالرفع التدريجي لنسبة البحث العلمي من الميزانية العامة للدولة، لتصبح 2 بالمئة بدل 0.8 بالمائة حاليا، و الإصلاح التوافقي للنظام الأساسي لأساتذة التعليم العالي، وتحسين ظروف الخدمات الاجتماعية للطلبة من خلال الرفع من عدد المنح وتحقيق العدالة المجالية في توزيعها، معتبرا أن قيمة المنح المقدمة للطلبة تبقى ضئيلة ولا تكفي لمسايرة متطلبات البحث العلمي خاصة الطلبة المنتمين الى الأقاليم الهشة والفقيرة.
وبالنسبة  للنقاش الدائر حول إلغاء مجانية التعليم أكد الأخ رئيس الفريق أن الحكومة قد فشلت في أول امتحان لها لإصلاح التعليم، حيث اختارت الحلول السهلة بضرب مجانية التعليم وتحميل العائلات المغربية تخلي الدولة عن مسؤوليتها في تدريس أبنائها، ما دام  إصلاح التعليم لا يمكن أن يكون على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال ضرب مجانية التعليم عوض البحث عن مصادر أخرى للتمويل، بما فيها إلغاء الامتيازات الضريبية التي تستفيد منها بعض القطاعات الاقتصادية، بما فيها أيضا تخفيض الأجور العليا بالإدارات والمؤسسات  والمقاولات العمومية  وشبه العمومية، بما فيها كذلك إلغاء اقتصاد الريع  والإثراء غير المشروع، ما دامت وضعية التعليم تجسد بحق حالة المجتمع المغربي المتمثلة في تكريس الفوارق الاجتماعية  والتفاوتات الجمالية، والفوارق بين الأغنياء الذين يلج أبناؤهم إلى  البعثات الأجنبية، والمدارس الخصوصية وبين الفقراء الذين تضطرهم الحاجة لدخول المدرسة العمومية.



في نفس الركن