الفريق الاستقلالي بمجلس النواب يمتنع عن التصويت على قانون وكالة المغرب العربي للأنباء

الأربعاء 28 مارس 2018

ضرورة ترسيخ عمل إعلامي احترافي عنوانه المصداقية والموضوعية والانفتاح والتعدد


عقد مجلس النواب جلسة تشريعية عمومية يوم الثلاثاء 27 مارس 2018 في إطار الدورة الاستثنائية، والتي خصصت للتصويت على المشاريع الجاهزة، وفي هذا الاطار ناقش المجلس وصوت على مشروع القانون  رقم 02.15 المتعلق بإعادة تنظيم وكالة المغرب العربي للأنباء في قراءة ثانية، والذي صوت عليه الفريق الاستقلالي بالامتناع، وقد تميزت هذه الجلسة بتدخل الأخت إيمان بنربيعة باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية جاء فيه.

يشرفني أن أتدخل باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب في مناقشة مشروع القانون  رقم 02.15 المتعلق بإعادة تنظيم وكالة المغرب العربي للأنباء في قراءة ثانية، وهي مناسبة لنجدد التأكيد على طموحنا الكبير في الفريق الاستقلالي للرقي بصحافة الوكالة، باعتبارها قاطرة للنهوض بقطاع الإعلام والاتصال ببلادنا، وفضاء لتحفيز النقاش العمومي الديموقراطي، وواجهة إعلامية لتعزيز إشعاع بلادنا وتقوية حضوره الدولي.

وإذا كان تحقيق هذا الطموح المشروع يمر أولا عبر توفير عدد من الشروط الموضوعية خاصة تطوير الإطار القانوني المنظم لعمل الوكالة، فإن تحقيق أخرى، يعتبر مفتاحا لتنزيل ما يبتغيه المشرع بمناسبة الدراسة والتصويت على مشروع القانون قيد الدرس اليوم، وعلى رأسها، ترسيخ عمل إعلامي احترافي عنوانه المصداقية، والموضوعية والانفتاح والتعدد والحيادية في معالجة الخبر، وفقا لما تقتضيه اخلاقيات مهنة الصحافة كضمير حي لمختلف الديناميات المجتمعية.

لقد شدد الفريق الاستقلالي خلال كل مراحل دراسة مشروع القانون، أن الرقي بوكالة المغرب العربي للأنباء لمصاف وكالات الأنباء العالمية ذات التأثير والانتشار الواسع، يستلزم، وفضلا عن دورها الرئيس في تقديم الروايات الرسمية للأخبار والاحداث، ضرورة تقديم الرأي المخالف، بما يتطلبه أيضا من موضوعية، وهو ما شكل على الدوام خللا عميقا لم  يساهم في تحقيق المصداقية المفروضة في الخط التحريري ، مما يجعل المرتفق العمومي يستقي أخباره غالبا من وكالات أنباء منافسة.

إن احترام مبدأ الرأي والرأي الآخر لا يهدد الاستقرار بل يساعد عليه، وإذا كان تدبير الخط التحريري للوكالة حريصا على الرسمية، خاصة بمناسبة تغطية أحداث اجتماعية، هي في جوهرها من صلب التطور الصحي للمجتمع، بغاية الحفاظ على الاستقرار، فإن الخطورة الحقيقية تكمن في فتح المجال لوكالات أنباء أجنبية بأجندات ملغومة للاستفراد بتقديم الرأي الآخر، بل تحويره وتضخيمه وإخراجه عن سياقه.

ولا يحتاج الأمر هنا للتذكير أن كثيرا من وكالات الانباء العالمية أضحت تلعب دورا متعاظما ليس فقط في نقل الخبر ومعالجته بالسرعة والمهنية المطلوبة، بل تساهم أيضا في صناعة رأي عام عالمي في كثير من القضايا مما أضحى يستوجب من هذه المؤسسة العمومية، النهوض بكافة المهام التي أفردها لها هذا القانون، في سيبل تحقيق جاذبية وطنية ودولية  خاصة وأن مختلف الحكومات المتعاقبة، وفرت  كل الاعتمادات المالية اللازمة لذلك.

جاذبية لن تتحقق الا باحترام التعددية الوطنية الغنية، بمختلف روافدها، ناهيك عن تعزيز حضور الخبر المحلي والجهوي، بما يساهم في تغيير الصورة النمطية حول الوكالة باعتبارها مصدرا رسميا ومركزيا للخبر.

إن مطلب تطوير الاعلام العمومي كان ولازال دائما ضمن أولويات الفريق الاستقلالي باعتباره مؤشرا دالا على تقدم المجتمع بل ورافعة له، وهو ما يجعلنا ننبه الى ضرورة تمتيع ادارته بكافة شروط الحكامة الجيدة، وهو ما حرص الفريق الاستقلالي على تحقيقه من خلال تعديلاته على مشروع القانون خاصة عبر توسيع قاعدة المجلس الإداري للوكالة لتشمل ممثلين عن المستخدمين سواء من الصحافيين أو الإداريين والتقنيين يتم انتخابهم بطريقة ديموقراطية وشفافة فضلا عن حضور مختلف المتدخلين العموميين بالقطاع مع الحرص على تعزيز وتوضيح مختلف المسؤوليات بما يعزز التداول الواسع ويحقق فرصا أوسع لربط المسؤولية بالمحاسبة.

ويظل حسن تدبير الموارد البشرية، أحد أبرز عناوين الحكامة، بما يقتضيه الأمر هنا من تحقيق شروط الكرامة في العمل، والاستحقاق والمساواة في الارتقاء المهني، والتكوين المستمر  للعاملين بالوكالة في سبيل مواكبة التطور المستمر لهذا القطاع التنافسي.

وإذا كان تعيين وسيط للوكالة، يتولى مهمة تلقي آراء وملاحظات زبناء الوكالة ومرتفقيها في شأن منتوجاتها  والمضامين المسوقة من طرفها، في ظل استقلالية عن الإدارة، من أهم مستجدات القانون قيد الدرس اليوم، فإن إنجاح هذه التجربة وضمان تأثيرها الإيجابي على تطوير عمل الوكالة بما يتناسب وطموح عموم المرتفقين، يبقى رهينا بالتجاوب الموضوعي لإدارتها مع ما ستقدمه من ملاحظات وتوصيات في تقريرها السنوي باعتباره عنصر تحليل وتقويم مواكب هام.
اننا الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، نجدد التأكيد على أن تطوير عمل وجاذبية وكالة المغرب العربي للأنباء بتاريخها الكبير، لا يمر حصرا عبر تطوير الاطار القانوني الناظم، بل أساسا عبر تطوير ميكانيزمات وعقلية التدبير الذي يتطلب مزيدا من الاحترافية والإبداع.



في نفس الركن