بيان الدورة الثالثة للمجلس الوطني لحزب الاستقلال

الاثنين 22 أبريل 2019

التأم المجلس الوطني لحزب الاستقلال في دورته الثالثة، يوم الأحد 15 شعبان 1440 الموافق لـ 21 أبريل 2019، برئاسة الأخ شيبة ماء العينين رئيس المجلس، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 81 من النظام الأساسي للحزب . 

وبعد العرض السياسي الهام الذي تقدم به الأمين العام للحزب الأخ نزار بركة أمام أعضاء المجلس الوطني، وبعد النقاشات المستفيضة والعميقة التي أطرتها تدخلات أعضاء المجلس الوطني للحزب، اتفق الأعضاء الحاضرون على إصدار البيان العام التالي:

إن أعضاء المجلس الوطني للحزب يثمنون عاليا مضامين العرض السياسي الهام الذي ألقاه الأمين العام لحزب الاستقلال، والذي عالج بشكل مستفيض وعميق الإشكالات الحقيقية لراهنية الظرفية السياسية، والحالة الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، كما أحاط بالوضعية التنظيمية لحزبنا.

يجدد المجلس الوطني التأكيد على الموقف الثابت للحزب فيما يتعلق بقدسية وحدتنا الترابية، ويدعو إلى مواصلة التعبئة الشاملة للشعب المغربي وراء جلالة الملك محمد السادس حفظه الله للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.

كما يجدد التأكيد على أن مقترح الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية هو الحل الوحيد القادر على استيعاب مختلف المبادرات نظرا لقوة الفكرة الديمقراطية التي يحملها وواقعية المضامين المؤطرة له، والتي توفر إطارا للعيش المشترك تحت السيادة المغربية.

ويعلن المجلس الوطني رفض حزب الاستقلال لكل المحاولات الرامية إلى إرباك مسار التسوية السياسية في إطار الأمم المتحدة، كيفما كان نوعها ومصدرها، بما فيها تلك المتعلقة بتوسيع صلاحيات المينورسو، ويؤكد على ضرورة مواصلة تقوية وتماسك الجبهة الداخلية، والتحلي بدرجة عالية من اليقظة والجاهزية على الواجهات: الأممية والإفريقية والأوروبية، من أجل مواجهة مناورات خصوم وحدتنا الترابية والدفاع عن المصالح العليا لبلادنا على المستويين الإقليمي والدولي.

يجدد حزب الاستقلال نداءه الموجه إلى إخواننا في مخيمات تندوف للتحلي بالواقعية، وعدم الاستمرار في الانسياق وراء الأوهام، ويدعوهم إلى الالتحاق بأرض الوطن ووضع حد للظروف الإنسانية الصعبة المفروضة عليهم، والمساهمة في المسار الديمقراطي ببلادنا، والانخراط في مشروع الحكم الذاتي في ظل السيادة الوطنية، بوصفه مشروعا ديمقراطيا بامتياز يتيح مشاركة واسعة في اتخاذ القرار وفي بلورة وتنفيذ السياسات العمومية. 

ويؤكد المجلس الوطني على ضرورة التسريع بإعطاء الصدارة للأقاليم الجنوبية في تنزيل الجهوية المتقدمة في أفق وضع الشروط الضرورية لمنح الحكم الذاتي لهذه الأقاليم في إطار السيادة الوطنية. كما يثمن الدينامية التنموية المبذولة في أقاليمنا الصحرواية من خلال النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس أيده الله، والتي بدأ المواطنين يستشعرون وقعه على معيشهم اليومي وفي مختلف المجالات.

يسجل المجلس الوطني اعتزازه بالدور الكبير الذي يلعبه المنتخبون الاستقلاليون في الأقاليم الجنوبية، وفي تعزيز القدرة التفاوضية للموقف المغربي أثناء لقاءات جنيف التي يشرف عليها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، السيد هورست كوهلر، من خلال المشاركة الفعالة للأخ سيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، والأخ ينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب. كما يسجل باعتزاز اللقاء التاريخي الذي نظمه الحزب بمدينة العيون، وكذا اللقاءات الناجحة في كل من بوجدور والسمارة والداخلة، والتي وجهت رسائل واضحة مفادها تشبث الأغلبية المطلقة للصحراويين بمغربية الصحراء وتعلقهم بالعرش العلوي المجيد.
ويوجه المجلس الوطني تحية خاصة للحاج حمدي ولد الرشيد وللدور الهام الذي يقوم به في أقاليمنا الجنوبية.

يحمل المجلس الوطني للحكومة المسؤولية فيما يتعلق بتعطيل المسار الديمقراطي ببلادنا من خلال عدم قدرتها على ترجمة وتملك روح وجوهر الاختيار الديمقراطي الذي كرسه دستور 2011، والذي لم ينعكس على مختلف التشريعات، واستفرادها بالقرار في ظل تغييب واضح لروح الحوار والنقاش العمومي والتشاور في القضايا الحيوية والمجتمعية، وتجميد الديمقراطية التشاركية، وكذا مسؤوليتها الواضحة في تعميق أزمة الثقة في مؤسستي الحكومة والبرلمان جراء الصراعات السياسية والانتخابوية بين مكوناتها.

ويدعو المجلس الوطني إلى وضع حد فوري للأزمة السياسية داخل مكونات الأغلبية الحكومية، والانكباب على حل المشاكل الحقيقية التي تعاني منها بلادنا، وتقديم التدابير والحلول الاستعجالية والهيكلية لمعالجة الاختلالات، وذلك للحفاظ على ما تبقى من رأسمال الثقة في مؤسساتنا، والآمال في العيش اللائق تحت سقف الوطن.

كما يدعو الحكومة إلى ضرورة تحصين المكتسبات التي حققتها بلادنا في مجال حقوق الانسان، ووضع حد لبعض الانزلاقات والممارسات التي لا تتماشى مع جوهر وروح دستور 2011 والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا. 
 
ينبه المجلس الوطني إلى التراجعات الخطيرة التي همت الوضعية الاجتماعية للمواطنين، وتزايد حالة الاحتقان الاجتماعي وتصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية، وانحدار القدرة الشرائية للأسر، وضعف الحماية الاجتماعية للمواطنين، في ظل التراجعات المسجلة في الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم، وتفقير الطبقات الوسطى بالإضافة إلى هشاشة سوق الشغل وذلك أمام العجز الواضح للحكومة على الوفاء بالتزاماتها الطوباوية وغير الواقعية الرامية إلى خلق مليون و200 ألف فرصة شغل في ظل معدل نمو لا يتجاوز 3 في المائة.

يسجل بكل أسف استمرار الحكومة في توجهها الليبرالي المُفرط الذي يعمق الفوارق الاجتماعية والمجالية، ويهدد التماسك الاجتماعي، وإصرارها على المضي في الاختيارات والسياسات العمومية التي بلغَت مداها ولم تعد قادرة على مواكبة حاجيات المجتمع والمواطن، في ظل عجزها الواضح على صياغة مشروع النموذج التنموي الجديد الذي نادى به جلالة الملك منذ أكتوبر 2017.

يعبر المجلس الوطني عن قلقه إزاء  خطورة تعطيل الانتقالات الحقوقية والديمقراطية والحكاماتية والمجتمعية التي تعرفها بلادُنا، وعدم استكمال البناء المؤسساتي والدستوري من خلال عدم التفعيل الأمثل لورش الجهوية المتقدمة وميثاق اللاتركيز الإداري و عدم التخفيف من المركزية المفرطة، وتأخر إصدار القوانين التنظيمية بالرغم من مرور الآجال التي حددها الدستور بأكثر من 3 سنوات، ولا سيما فيما يتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وحق الإضراب، والدفع بعدم دستورية القوانين، وميثاق المرافق العمومية.

يثمن المجلس الوطني عاليا المبادرات السامية لجلالة الملك محمد السادس أيده الله، الرامية إلى انتشال الأداء الحكومي من الانتظارية والتردد والبطء، من خلال إطلاق وتتبع العديد من الأوراش الإصلاحية ذات الأولوية، من قبيل سياسة الماء، والتكوين المهني والتشغيل، والحماية الاجتماعية، وإصلاح السياسة الفلاحية...وغيرها.

يعبر المجلس الوطني عن عميق أسفه إزاء الأحكام الثقيلة التي شملت المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، وتتطلع بكل أمل إلى معالجة هذا الملف وطيه بشكل نهائي في مستقبل الأيام بما يحدث الانفراج ويدخل الفرحة في قلوب أسر المعتقلين، كما يؤكد على ضرورة استكمال المصالحة المجالية ومواصلة تنفيذ البرامج التنموية وتوفير فرص الشغل والنهوض بالوضعية الاجتماعية لساكنة الحسيمة.

يطالب المجلس الوطني بإعمال الفصل 101 من الدستور ويدعو الحكومة الى تقديم الحساب أمام البرلمان من خلال تقديم حصيلة عملها لنصف الولاية والتي تتميز بضعف كبير وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المعلنة، والتراجع الواضح للثقة في الاقتصاد الوطني وانخفاض الاستثمارات الأجنبية واستمرار الفقر والهشاشة وضعف الخدمات والحماية الاجتماعية.

يطالب المجلس الوطني الحكومة بالتحلي بالجرأة السياسية ومراجعة برنامجها الحكومي وإعادة تحديد الأولويات وإقرار حكامة جديدة في تدبير السياسات العمومية وتجاوز الأنانيات والصراعات السياسية التي تهدر زمن الإصلاح وتضيع على بلادنا فرص حقيقية للتنمية ووضع حد لحالة القلق والإحباط العام التي تخيم على المشهد العام ببلادنا .

يجدد المجلس الوطني التأكيد على موقف الحزب الثابت من مشروع قانون الاطار حول التعليم انطلاقا من مرجعيتنا في التعادلية الاقتصادية والاجتماعية ويؤكد على ضرورة الالتزام بالثوابت الجامعة للأمة المغربية، وإعطاء الصدارة للغتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، مع تعزيز اللغة العربية وتنمية استعمالها و التعجيل بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وذلك وفق ما جاء به الدستور، مع الانفتاح على اللغات الأجنبية الأكثر تداولا للولوج إلى مجتمع المعرفة، والعمل على التسريع بإخراج القانونين التنظيميين للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة، وتفعيل أكاديمية محمد السادس للغة العربية ، وكذا إدماج التنوع الثقافي وتثمين الإرث الحضاري للهوية الوطنية بمختلف روافدها وتقوية روح الانتماء والإنسية المغربية.

كما يعتبر أن النقاش حول إصلاح منظومة التعليم والتربية والتكوين لا ينبغي ان ينحصر فقط في البعد الهوياتي بل يتعين الانكباب على ضمان الشروط الأساسية للنهوض بالتعليم العمومي وبجودة المدرسة العمومية وإعمال مبدأ تكافؤ الفرص وجعلها وسيلة لضمان الارتقاء الاجتماعي والانكباب على مراجعة المقررات والمضامين والمناهج البيداغوجية والانتقال من التركيز على التلقين والحفظ والتخزين إلى التركيز على إذكاء حس النقد والملاحظة وتملك الأدوات المنهجية وآليات التحليل وتشجيع الإبداع.

ويعلن المجلس الوطني رفضه المطلق للتعليم الطبقي والفئوي ببلادنا، ويطالب بتقليص الفوارق بين التعليم العمومي والتعليم الخاص، وبين التعليم في المدن والعالم القروي بالإضافة إلى العمل على الحد من الفوارق على مستوى الهوة الرقمية بين الجهات والمجالات الترابية على المستوى الوطني.






في نفس الركن