بوابة حزب الاستقلال

الأخ بولون السالك : التفاوت في التوزيع الجغرافي للاستثمار العمومي يضع الجهوية على المحك

الخميس 1 نونبر 2018

في إطار الاجتماعات التي تعقدها لجنة المالية  بمجلس النواب المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2018، عقدت اللجنة عدة اجتماعات  وقد  تميزت أشغالها بالنقاش الهام والمساهمة المتميزة للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية وفي هذا الصدد تقدم الاخ بولون السالك بتدخل جاء فيه:
 
اولا لابد ان نستغل هذه الفرصة لكي نهنئ السيد وزير الاقتصاد والمالية بالثقة المولوية الغالية التي وضعها فيه صاحب الجلالة نصره الله عندما عينه في هذا المنصب، متمنين له النجاح والتوفيق في هذه المهمة المهمة الحكومية.

تعتبر لحظة مناقشة مشروع القانون المالي في هذا الوقت من كل سنة فرصة لنا كممثلين للأمة للتحدث بشكل صريح وواضح الى ممثلي الحكومة بخصوص اختياراتهم وتطلعاتهم وتنزيلهم لبرنامجهم الحكومي من خلال مشروع الميزانية السنوية، لأن هذه الوثيقة هي خطة عمل سنوية جزئية من ضمن الخطة العامة لخمس سنوات والتي نالت على اثرها الحكومة ثقة ممثلي الأمة، وبالتالي هي فرصة لهم لإطلاعنا على برامجهم قصيرة المدى، وفرصة لنا لكي نناقشهم ونحاورهم حول هذه البرامج وآليات تنزيلها وآثارها عند التطبيق.

كما انها فرصة ايضا لنا لكي نتعرف من خلال الوثائق المصاحبة لمشروع هذا القانون السنوي على الوضعية العامة للاقتصاد الوطني والبرامج القطاعية ومدى تطبيق البرامج الكبرى المهيكلة التي انخرطت فيها بلادنا بفضل الرؤية الملكية التي جاءت بها، فهذه الوثائق المهمة التي اصبحت جزء لا يتجزأ من وثائق القانون المالي بموجب القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، تهدف الى اطلاع نواب الامة على الأرقام وبالتالي تقدم بعض البرامج وتطور بعض القطاعات.

 وهنا لابد ان اتطرق الى التقرير المتعلق بالتوزيع الجغرافي للاستثمار العمومي والذي لا نراه منصفا بأي شكل من الاشكال ولا متوازنا ولا عادلا، فالجهات الجنوبية وجهتي الشرق والدرعة تافيلالت لا تحظى بالحد الأدنى من الاستثمار العمومي، في حين لا زال هذا الاستثمار متمركزا في الساحل الاطلسي الشمالي، مما لا يساير بأي حال من الاحوال مفهومي الجهوية الموسعة وااللاتركيز الاداري، ولا يواكب الرؤية الملكية حول التوازن بين الجهات والعدالة المجالية في الاستثمار والخدمات.

 ومن هنا تأتي الهجرة من الأطراف نحو المركز مع ما يصاحبها من آفات اجتماعية (السكن العشوائي، البطالة، المخدرات، ...)، وهو ايضا ما يتسبب في أن التنمية المقصودة لا تكون متوازنة ومتوازية بين جميع الجهات، مما يؤدي إلى إحساس بأفضلية مناطق على أخرى، وهو الشئ الذي نريد تجاوزه خلال إعداد مشروع النموذج التنموي الجديدي الذي أمر به جلالة الملك، وهو ما قمنا به في حزب الاستقلال من خلال اعتماد مشروعنا الخاص الذي سيتبناه مجلسنا الوطني في دورته ليوم الغد ان شاء الله.

فبدون هذا التوازن والعدالة المجالية في توزيع الاستثمار العمومي، فلن نحقق حلمنا بمغرب الجهات، بل سنكرس أقطابا اقتصادية وطنية ونهمش مناطق أخرى تعد بحق أرضا خصبة للمزيد من الاستثمار، فالاستثمار العمومي هو القاطرة التي تجر الاستثمار الخاص الذي يتبع العمومي أين ما كان، فالمقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات المحلية تنتعش في كل المناطق بفضل الاستثمار العمومية، وهو ما يحتم ان يكون متساويا في كل المناطق.

 إن قراءة الارقام الواردة في هذا المشروع تحتم علينا ان نعترف بالزيادة الكبيرة في مخصصات القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة، وهو تطور في الارقام فهل سيكون له وقع على الواقع المعيش من قبل اامواطنين؟ وهل سيكون له أثر في حياتهم وحياة أسرهم؟
فبعد تقرير إدريس جطو الأخير عن هذه القطاعات المهمة، لم تعد لغة الأرقام تجدي نفعا، ولم تعد ضخامة المبالغ المالية تغرينا، لأن التقرير اوضح لنا ان أثر هذه المبالغ الضخمة المخصصة لهذين القطاعين لم تؤثر بشكل ايجابي على حياة المواطنين وأسرهم، وأن المبالغ المونفقة لم تكن بنسبة عالية وأنها لم تحدث تغييرا كبيرا في الاوضاع المؤسفة لهذه القطاعات.

فلا زالت منظومتنا التعليمية تعرف ظاهرتي التسرب والهدر المدرسيين بنسب عالية، ولا زالنا نبحث عن لغة التدريس ونجرب في كل مرة خطة جديدة، كما لا زال قطاعنا الصحي مريضا وعليلا ولا يلبي ادنى احتياجات المرضى والمرتفقين، ولا زال الأستاذ والطبيبة والممرض لم يتم الاهتمام بوضعهم الاجتماعي ولا تحسين وضعهم المادي، وهنا مكمن الخلل، لأن تجاهل وضع العنصر البشري في هذين القطاعين هو سبب الفشل الذريع في كل الوصفات الاصلاحية التي جربناها في التعليم والصحة.