بوابة حزب الاستقلال

الأخ عبدالسلام اللبار : جواب رئيس الحكومة بعيد كل البعد عن التمثل الحقيقي الذي ينبغي أن تكون عليه السياسة العامة للغة ببلادنا

الخميس 21 يونيو 2018

استكانة الحكومة إلى الحلول السهلة والبسيطة يشكل تهديدا للاستقرار والسلم الاجتماعين
نهج الحكومة يعبر عن حالة الارتباك والتيه في التعاطي مع المسألة اللغوية


شارك الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين في الجلسة الشهرية الخاصة بمساءلة رئيس الحكومة، عبر تعقيب الأخ  المستشار عبدالسلام اللبار حول موضوع: "السياسة العامة المتعلقة بتنمية اللغات والتعبيرات الثقافية الوطنية".

وفي هذا الإطار أبرز الأخ اللبار أن  الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية وهو يشارك في مناقشة موضوع تنمية اللغات والتعبيرات الثقافية الوطنية في جلسة اليوم،  يؤكد أن الانشغال بالمسألة اللغوية ببلادنا لا يمكن اعتبارها تحت أي ظرف أو مسوغ مسألة جديدة أو طارئة، بل لقد كانت دائما في صلب معركة الحرية والاستقلال والوحدة التي خاضتها القوى الوطنية والديمقراطية الحية منذ خمسينيات القرن الماضي.

  وأوضح الأخ اللبار أن  النقاش حول اللغة يصب في الغنى الثقافي والحضاري لبلادنا والإنسية المغربية، الذي تحميه وتضمنه الوحدة الوطنية القائمة على المشترك وعلى التنوع والاختلاف، الذي يشكل الإسمنت الحقيقي لرص لبنات الوحدة الوطنية بعضها ببعض، بقيادة جلالة الملك، مشيرا إلى أن الفريق الاستقلالي من خلال طرحه للموضوع يروم   الوقوف على مستوى تمثل الحكومة لأهمية الوثيقة الدستورية، ومدى جديتها في تنزيل ما تضمنه الدستور من مقتضيات ومضامين تتعلق بالسياسة اللغوية، خاصة وأنها تشكل استمرارية للحكومة السابقة سواء على مستوى قيادة الائتلاف وحتى على مستوى برنامجها.

التأخير الممنهج في تهييئ القوانين التنظيمية

واكد رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين أن جواب رئيس الحكومة، جاء بعيدا كل البعد عن التمثل الحقيقي الذي ينبغي أن تكون عليه السياسة العامة للغة ببلادنا، مشيرا إلى أن مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين باللغة الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، تم تقديمهما في الأيام الأخيرة لولاية الحكومية السابقة، وهو ما يؤكد التأخير الممنهج في تهييئ تلك القوانين التنظيمية، وتعمد الحكومة عدم إطلاق حوار وطني بشأنها، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على الدينامية التي انطلقت مع دستور 2011 بخصوص قضايا اللغة والهوية الوطنية، مضيفا ان المحصلة اليوم،  وبعد سبع سنوات على دستور 2011، وبعد مرور سنتين من إعداد القانونين، لازلت الحكومة  لم تراوح  بعد غرفة الانتظار؛ ولا زلت في نقطة البداية، سواء تعلق الأمر بوضعية اللغتين الوطنيتين الرسميتين العربية و الأمازيغية أو حتى في ما يتعلق بالتعبيرات الشفهية المنتشرة على المجال الجغرافي الوطني الواسع، وفي مقدمتها التعبير اللغوي والثقافي الحساني.

  وأكد الأخ اللبار أن  الحكومة اختارت  الاستكانة إلى الحلول السهلة والبسيطة، بدل ابداع الحلول التي من شأنها استنبات الرضى الاجتماعي مع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين ومع الشعب، وهو ما من شأنه ان يشكل تهديدا للاستقرار والسلم الاجتماعين، ولنا في عدد من الدول خير مثال وأوفر الدروس...

وجدد الأخ اللبار التأكيد على أن اللغة  هي مجال اجتماعي حيوي فيه تتحقق العدالة ومنه تنطلق فرص الحياة، ولأنها كذلك، فهي توجد في صلب السياسة وفي صلب تدبير الحياة العامة، وهي مقياس ومعيار لتحقق الديمقراطية على أرض الواقع، موضحا أن هذا الأمر، لا يمكن له أن يتحقق دون حوار وطني جدي ومسؤول ومتكافئ ونزيه، ولا يمكن أن ينجح بمنطق الغلبة والأغلبية والمعارضة؛ واستمرار الحكومة في فرض سياسة الأمر الواقع؛

التأخير في اخراج القانون الإطار لقطاع التربية والتكوين؟

 وفي السياق نفسه تساءل الأخ اللبار لماذا تتعمد الحكومة التأخير في اخراج القانون الإطار لقطاع التربية والتكوين والذي من المفترض أن يحسم في الأسئلة اللغوية الكبرى؟، ألا يدل ذلك على ارتباكها   وعدم تملكها الشجاعة والجرأة لطرح الإشكالات المركزية المرتبطة بموضوع اللغة؟..وكيف يمكن للحكومة الاستمرار في نهج مقاربات قديمة وسابقة على المقتضيات الدستورية ل2011 والتي جاءت متقدمة جدا في مسألة اللغة ببلادنا؟ وكيف يمكن لخطة صادرة عن مؤسسة دستورية ذات طبيعة استشارية، أن تضع  حدود مسيجة لقوانين تنظيمية، وأن ترسم الحدود للسلطتين التشريعية والتنفيذية ؟؛

وأبرز رئيس الفريق الاستقلالي أنه من خلال الاطلاع على مشاريع القوانين التنظيمية لكل من الأمازيغية ومراحل تفعيلها و المجلس الوطني للغات و الثقافة المغربية، يتبين أن معديها قد عملوا على استنساخ حرفي، لكثير من مضامين الخطة الاستراتيجية للتربية والتكوين، التي وضعها المجلس الأعلى للتعليم، و كذلك الأمر مع القانون الإطار للتربية و التكوين.، مؤكدا أن  أقل ما يمكن أن يقال عن هذا النهج، هو أنه محكوم برؤية وعقلية متأخرة عن روح دستور 2011، خاصة الفصل الخامس منه، مما يعبر عن حالة الارتباك والتيه في طريقة التعاطي مع المسألة اللغوية ببلادنا.

 اللغة الفرنسية  تقوم  بوظائف اللغة الرسمية
وأوضح الأخ اللبار أن اللغة الفرنسية هي التي تقوم ولا زالت بوظائف اللغة الرسمية دون حتى الحاجة إلى حمايتها بمقتضيات دستورية، حيث يؤكد الواقع  أننا أمام إرتباك واضح في الاختيارات فيما يتعلق بمسألة اللغة في بلادنا، فلا اللغة العربية أخذت مكانتها المستحقة، ولا الأمازيغية تم الالتزام بتدريسها كلغة معيارية، ولا تم الانفتاح حقيقة على باقي اللغات ..

إن الوضع اللغوي ببلادنا، يعيش حالة خاصة، وقد تكون فريدة على المستوى الدولي، بسبب تعدد الأبجديات، والذي يطرح سؤالا جديا عن حجم تأثيره في مستوى التلقي العلمي للمضامين، خاصة و أن الأمازيغية مثلا تدرس فقط كلغة وليست كلغة تدريس، كما أن كثير من العلوم التي تتطور اليوم باللغة الإنجليزية، لا زالت تدرس في مؤسساتنا باللغتين العربية والفرنسية التي لا توفر لها مراجع حقيقية تواكب ما تحققه الانجليزية التي تسيطر على أزيد من 90 % مما ينتج على مستوى البحث العلمي على المستوى الدولي.

 أما اللغة الاسبانية التي تعتبر ثاني لغة في العالم، فإن بلادنا بسياسة لغوية مرتجلة، نجحت في فرنسة مناطق كانت تتحدث بصفة تقليدية بالاسبانية، بالنظر للإرث الاستعماري اللغة الإسبانية خاصة في الشمال و الجنوب، وهو ما يعتبر خسارة ثقافية جسيمة لا يتحدث عنها أحد.
 
 رهان الحكومة على منطق التسويف

وقال الأخ اللبار  إن أسوأ ما يمكن أن تقوم به الحكومة في هذا الباب هو معاودة الرهان على الزمن بمنطق التسويف، الذي يراهن على التراجع التدريجي لزخم المطالب التي يعبر عنها المجتمع، أو الاستمرار في الانتصار لاختيارات فئوية لا تعبر صدقا عن انتظارات المجتمع، مثل التمكين الذي يستمر منذ الاستقلال للغة الفرنسية على حساب كل من اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية واللغات الأجنبية الأكثر تداولا.

 وخلص الأخ اللبار إلى القول إن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية وهو يستحض  الواقع الأليم، يأمل أن يكون ذلك جرس إنذار لتدارك ما يمكن تداركه، ويجنب بلادنا أفقا لغويا وهوياتيا مجهولا لا يستطيع احد ان يتنبأ بحجم الكارثة التي سيتسبب فيها...