بوابة حزب الاستقلال

الأخ عبداللطيف أبدوح : الحكومة لم تستطع الحد من الخروقات المهولة التي يعرفها الولوج إلى الطلبيات العمومية

الاربعاء 11 يوليوز 2018

عقد مجلس المستشارين جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة يوم الثلاثاء 10 يوليوز 2018 ، تميزت بالمساهمة الفاعلة  للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، عبر مداخلتين، تناولتا بالتحليل ملف الغرف المهنية ورهان التنمية وملف الصفقات العمومية وعلاقتها بالحكامة الجيدة..

وتدخل في الملف الثاني الأخ عبداللطيف أبدوح عضو الفريق الاستقلالي، متسائلا عن حصيلة السياسات العامة المرتبطة بنظام الصفقات العمومية ورهان الحكامة الجيدة، مبرزا أن الحصيلة المنجزة تؤكد أن أعطاب نظام الصفقات العمومية لا ترتبط بالإطار القانوني المنظم لها فقط، ولكن  أيضا بغياب الإرادة السياسية وافتقار الحكومة للرؤية  المنهجية لتفعيل مقتضياته على أرض الواقع، والنتيجة أننا نخسر سنويا حوالي 0,5% من الناتج الداخلي الخام بسبب رداءة وضعف حكامة الطلبيات العمومية.. في ما يلي النص الكامل لتدخل الأخ أبدوح :

يشرفني أن أتدخل باسم الفريق الاستقلالي للتعقيب على جوابكم السيد رئيس الحكومة على سؤال الفريق بشأن " نظام الصفقات العمومية ورهان الحكامة الجيدة".
ومن الطبيعي أن نسائلكم اليوم عن مدى وفائكم بالالتزامات التي سبق وأن أعلنتم عنها خلال عرض البرنامج الحكومي أو في قوانين المالية  وعن مدى تحقيق الأهداف المسطرة؟.
السيد رئيس الحكومة، لقد مرت 5 سنوات على صدور مرسوم الصفقات العمومية الجديد مارس 2013، والحصيلة المنجزة تؤكد أن أعطاب نظام الصفقات العمومية لا ترتبط بجودة الإطار القانوني المنظم لها فقط، ولكن  أيضا بغياب الارادة السياسية وافتقار الحكومة للرؤية  المنهجية لتفعيل مقتضياته على أرض الواقع.والنتيجة أننا نخسر سنويا حوالي 0,5% من الناتج الداخلي الخام بسبب رداءة وضعف حكامة الطلبيات العمومية، وهذا يتناقض تماما مع ما تفضلتم ببسطه أمام مجلسنا الموقر.وأما الأرقام والمعطيات المعروضة  فهي مردود عليها لأنها تنطوي على قدر كبير من التأويل وبالملموس السيد الرئيس، فالحكومة لم تستطع الحد  من الخروقات المهولة التي يعرفها الولوج إلى الطلبيات العمومية.

واود في هذا الإطار، إثارة سبع ملاحظات نعتبرهما أساسية:
الملاحظة الأولى: ترتبط بمحدودية مجال (Périmètre)  الصفقات العمومية الذي لا يشمل العديد من القطاعات والمواد  التي تظل خارجة عن مرسوم 2013، والتي نقترح بشأنها ما يلي:
  1. ضرورة توسيع مجال تطبيق الصفقات العمومية ليشمل رخص استغلال بعض الثروات، كالماء المعدني و الطبيعي، الغاسول، الرمال، ورخص النقل... وغيرها من الامتيازات، التي لاتحترم مبادئ الحكامة سواء تعلق الأمر بالمنافسة والشفافية أو بالمساواة أمام القانون؛
  2. العمل على توحيد النظام على مختلف الادارات والمؤسسات العمومية التي لازالت تشتغل وفق نظامها الأساسي، والغير الخاضعة لمرسوم مارس 2013؛
الملاحظة الثانية: تتعلق بضعف حكامة الصفقات العمومية المنجزة من قبل الجماعات الترابية، فمن بين العراقيل  التي تحول دون إرساء جهوية متقدمة، هناك إشكالية ضعف الموارد البشرية والمدارك العلمية والعملية لقيادة المشاريع (في فرنسا فضلا عن اشتراط التكوين العالي، يتم إصدار دليل يشرح مختلف البنود، وهو ما يشكل آلية بيداغوجية للتعامل بمعرفة مع النص القانوني،).

الملاحظة الثالثة: ترتبط بالهوة الكبيرة بين التطور الحاصل في المجال التشريعي المرتبط بمجال الحكامة ونظام الصفقات العمومية من جهة، وبين الارادة السياسية في الاصلاح من جهة ثانية، فما الجدوى من ان يخصص الدستور بابا كاملا للحكامة الجيدة، إذا كانت الحكومة غير قادرة  على تفعيل مقتضياته، (الفصول من 154 الى 160؟؛
هل يعقل السيد رئيس الحكومة الاستمرار في تعطيل مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؟؛
الملاحظة الرابعة: ترتبط بغياب سياسة حكومية واضحة ومندمجة في مختلف مراحل الشراء العمومي، بدءا بمرحلة التحضير وتقييم الحاجيات، ومرورا بالتقديرات المالية واختيار النوع الملائم للصفقة واعداد دفتر التحملات ووصولا الى تتبع  تنفيذ الانجاز واستلام المنجز وتقييمه. وتشير بعض الدراسات إلى  ان  أقل من 10%  فقط من المقاولات الوطنية تشارك في الصفقات العمومية، لعدم توفرها على الاليات الضرورية للمشاركة في الصفقات أو  أنها تعلم مسبقا الفائز بالصفقة.
ونستغل  هذه المناسبة لنطلب منكم تقديم كشف شامل عن :
-عدد المقاولات المغربية التي رست عليها الصفقات الخاصة بانجاز المشاريع الكبرى؟؛
-نسبة احترام نظام الافضلية الوطنية والتعويض الصناعي compensation industrial في الصفقات العمومية وحصيلة ما يسمى بسياسة التمييز الايجابي للمقاولات المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا في مايخص مناولة الصفقات العمومية ؟؛
الملاحظة الخامسة: ترتبط بالتأخر في الانجاز والتمديد غير المبرر لآجال التنفيذ، إضافة إلى التأخر المهول في أداء مستحقات المقاولات، وهو مشكل تعاني منه 80% من مجموع المقاولات التي تجد نفسها مجبرة للجوء للاقتراض من الأبناك وبنسب فائدة مرتفعة.
والنتيجة: مشاريع معطلة، وتسريح للعمال، ومقاولات تعلن افلاسها حيث بلغت أزيد 8000 مقاولة سنة 2017؛
الملاحظة السادسة: ترتبط بالاختلالات العميقة التي تعرفها هندسة وإعداد بعض الوثائق من قبيل دفتر التحملات والشروط الإدارية العامة والخاصة، وتنظيم الاستشارات، وغيرها من الوثائق التعاقدية التي تتم بشكل موجه، لترجيح كفة منافسين بعينهم وإقصاء آخرين، وهذا ما أكده آخر تقرير لمجلس المنافسة  الذي سجل وجود تفاوتات أفقية وعمودية للصفقات العمومية في نفس القطاع وفي نفس الادارة؛
الملاحظة السابعة: مرتبطة بسندات الطلب Bon de commande، والتي بالنظر إلى طبيعتها المرنة تدفع البعض إلى تشطير الصفقات الكبرى وتفتيتها إلى سندات طلب لأسباب غير مبررة، وهي مسألة نعتبرها في الفريق الاستقلالي تستوجب استعجالية الاصلاح بالعمل على تكريس طلبات العروض كمسطرة أولية في تفويت الصفقات، وأيضا مراجعة بعض المساطر والمقتضيات التنظيمية، ومنها على سبيل المثال مراجعة  رفع سندات الطلب من 200.000 درهم الى 500.000 درهم.
الملاحظة الثامنة والأخيرة: تتعلق بضعف آليات المراقبة والتتبع لمدى احترام بنود دفاتر التحملات سواء في مرحلة تنفيذ الأشغال أو أثناء تسليمها. حيث غالبا ما يسجل تفاوت كبير بين الأشغال المبرمجة  والمنجزة فعليا.
إضافة إلى عدم إنجاز تقارير التدقيق الداخلي وتقارير الانتهاء من الأشغال، وحتى إن تم إنجازها فإنها لا  توفر المعلومات الكافية للتأكد من احترام المنجز كما و نوعا.
  ختاما أؤكد لكم، أن الفريق الاستقلالي يدرك جيدا الأهمية القصوى للصفقات العمومية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، باعتبارها الية استراتيجية لتنزيل السياسات العامة وخلق فرص الشغل وتطوير المقاولات.
 ونتمنى صادقين من الحكومة  أن تتدارك ما فات وتعمل على تنزيل مبادئ الحكامة الجيدة في مختلف الصفقات العمومية التي تمثل حوالي 30% من النج الداخلي الخام.