بوابة حزب الاستقلال

الأخ عمر عباسي : الطبقة الوسطى في حاجة إلى الإنقاذ وليس إغراقها بالمزيد من الإجراءات الحكومية الظالمة

الخميس 31 أكتوبر 2019

- منهج المعارضة الاستقلالية الوطنية اختار التركيز على معارضة السياسات العمومية المعطوبة
- مكونات الأغلبية اهتمت ضمان الصدارة الانتخابية ونسيت مصالح المغاربة


كان حضور الفريق الاستقلالي بمجلس النواب قويا خلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة  المنعقدة يوم الاثنين 28 أكتوبر 2019 ، حيث بسط رؤيته حول مناخ الاعمال وسبل تطوره، حيث   تناول الكلمة الأخ عمر عباسي في إطار  التعقيب، مستعرضا  مجموعة من التساؤلات قائلا: "هل مازال الحوار المؤسساتي مع الحكومة ممكنا؟ ولماذا مازال يصلح الكلام مع حكومة صماء؟ ولأي مقاصد يمكن أن نسائل رئيس حكومتنا المحترم؟" ليضيف "تداعت أمامي أسئلة كثيرة، وأنا أحاول أن أفكر في عناصر التعقيب على جواب صار معلوما لدينا ماذا سيتضمن!

فكسائر أجوبة السيد رئيس الحكومة، قلت، أنه، سوف يكون غارقا في العموميات، مخضبا بكثير من الأجوبة الجاهزة المنمقة، ومتوسلا بمنهج التدرج المفترى عليه، ومختبئا وراء الأرقام والتقارير الحاجبة والمضللة (تقارير دوينغ بيزنس لا تعكس الواقع المؤلم).

يستدعي السؤال موضوع، هذا التعقيب، التأكيد على الحاجة اليوم إلى مناقشة العمق، والإعراض عن "المناقشات السطحية"، فلكأننا أمام موضوع، هناك من يختار مناقشة طابقه العلوي، وهناك من مازال منشغلا بطابقه السفلي.

لقد سبق لحزب الاستقلال ومن منطق وطني صادق كما ذئب على ذلك دوما، أن دعا الحكومة إلى مراجعة أولويات البرنامج الحكومي وذلك بسبب العديد من المتغيرات التي جعلته متجاوز؛
  • التوجهات الملكية التي تضمنتها العديد من الخطب الملكية خصوصا ذات الصلة بالسياسات القطاعية.
  • توجه بلادنا نحو وضع نموذج تنموي جديد يجب أن يرافق بعمل حكومي جديد.
  • أزمة ثقة كبيرة في البلاد، وهي أزمة لا يمكن أن تعالج بالعفو الجبائي، بل بالعكس تماما سوف يعمق هذا الإجراء أزمة الثقة، لأنه دليل آخر على أن الحكومة مستعدة لقبول أي شيء من أجل الأموال، هذا ناهيك على أنه يمس بمبدأ دستوري ثابت هو المساواة أمام الضريبة".
لكل ذلك يستطرد قائلا، "إن الأولويات المستعجلة اليوم، هي العمل دون إبطاء على محاصرة التفاوتات المجالية والاجتماعية، واتخاذ تدابير فورية لإنقاذ الشباب من البطالة واليأس، هذا ناهيك عن الحاجة الفورية إلى القيام بإجراءات لإنقاذ ما تبقى من الطبقة الوسطى التي لا تزيدها إجراءات الحكومة إلا اندحارا.

كنت حريصا السيد رئيس الحكومة، في آخر مرة تناولت الكلمة باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية لمساءلتكم، أن أهمس علانية لكم، أن حكم صناديق الاقتراع ليس امتحانا، يصعب إدراكه، ولكن الأصعب والجلل هو حكم التاريخ، ذلك لأن التاريخ يحكم على التجارب، اما تقييم الولايات الحكومية والبرلمانية فمكانه الصناديق، التي تؤكد التجارب العالمية انها لا تستقر طويلا على لون معين، لذلك وجب عدم الاطمئنان كثيرا لها.

كيف إذن سوف نبرر للأجيال المقبلة، التحلل من المواقف السابقة التي كنتم دوما تدافعون عنها؟ كيف سوف نبرر التنكر لوثائق حزبية، من قبيل "أطروحة النضال الديموقراطي"، إنه تنكر أصبح معلوما للجميع، وهو ما يعني القبول بأي شيء وبكل شيء فقط من أجل الاستمرار في تدبير الشأن العام أو بجزء هامشي منه، حتى ولو تم ذلك على حساب، المقاصد والقيم والأهداف والشعارات التي رفعتم ردحا من الزمن.
  • أين نحن اليوم من أطروحة النضال الديمقراطي؟
  • أين نحن من شعار صوتك فرصتك لإسقاط الفساد والاستبداد.
  • اين نحن من الاختيار الديمقراطي الذي أصبح من الثوابت الدستورية
لست من أنصار مدرسة التشاؤم، وكشاب مغربي، أختار عن قناعة الانخراط في الحياة الوطنية منذ زمن بعيد، يؤسفني السيد رئيس الحكومة، أن أقول لك، أنه لم يعد لدينا ما نقوله للشباب المحبط والغاضب، والذي خاب أمله في التغيير وفي الأحلام التي رافقت هذه التجربة منذ سنة 2011".

في نفس الاتجاه واصل الأخ عمر عباسي تدخله قائلا: "أنا لا أشك في نواياكم الإصلاحية السيد رئيس الحكومة، وتفرض علينا الأخلاق الاستقلالية، ومنهج المعارضة الاستقلالية الوطنية، الذي اختار ومنذ البداية النأي عن معارضة الأشخاص والأحزاب، والتركيز على معارضة السياسات العمومية المعطوبة، وذلك على خلاف ما أصبحتم تقومون به مؤخرا من استدعاء قضايا داخلية للأحزاب في خطابكم السياسي وهو امر تكرر غير ما مرة.

إن حكومتكم، أو على الأقل قطباها الأساسيان، لم يعودا معنيين بمواجهة الأزمة الخانقة المتعددة الأوجه، ربما هو الصراع من أجل المرتبة الأولى، لا شيء أصبح مهما لدى مكونات الأغلبية إلا السعي بلا هوادة إلى ضمان الصدارة الانتخابية، حتى ولو كان في ذلك هدر لزمن الإصلاح، والدخول في صراعات انتخابوية أخرت صدور القوانين وإنجاز المشاريع.
لقد جرت مياه كثيرة تحت جسر الحكومة منذ تقديمها البرنامج الحكومي، في سياق أزمة سياسية غير مسبوقة، كان من نتائجها "أغلبية قسرية هجينة"، وبين ذلك التاريخ واليوم؛
  1.  تعمقت أزمة الثقة في السياسة وفي المؤسسات السياسية؛
  2.  تعمقت الأزمة الاجتماعية؛
  3. تراجع الاقتصاد الوطني؛
  4. تزايدت الهبات الاجتماعية للشباب الغاضب والمحبط؛
  5. عادت قوارب الهجرة السرية وشد الشباب والاطر الرحال صوب الخارج؛
  6. انفرط عقد الأغلبية أو كاد وغادرها من كنتم تعتبرونه حتى الأمس القريب حليفا استراتيجيا ضد الفساد والتحكم؛
  7. توالت الإعفاءات الملكية للعديد من الوزراء؛
  8. توالت الخطابات الملكية التي توجه الحكومة إلى اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات الاستعجالية؛
  9. تزايدت الاحتجاجات النقابية والمدنية والشبابية على قرارات حكومية لا شعبية؛
  10. تقوى حزب التقنوقراط داخل الحكومة أكثر مما مضى في ضرب لمبدأ المسؤولية السياسية للحكومة ولأعضائها؛
  11. توالت تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي عرت سوء التدبير وتبديد الأموال العمومية؛
  12. تراجع مقلق في الحقوق والحريات؛
  13. تزايد الفساد والغلاء وتضارب المصالح؛
  14. وقفت الحكومة عاجزة أمام اللوبيات وأمام أصحاب المصالح ووجهت مدافعها نحو المواطن البسيط ونحو الطبقة المتوسطة أو ما تبقى منها؛
  15. فشلتم في إقرار إصلاح ضريبي حقيقي، يجعل من الضريبة آلية لإعادة توزيع الثروة والحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية.
هل هذه الحكومة اليوم، في صيغتها المعدلة تشبه صناديق الاقتراع؟ كلا ...لماذا تصلح إذن الانتخابات والأحزاب؟
هل هذه الحكومة تشبه الإرادة الشعبية، التي كنتم دوما في مقدمة الملوحين بها والمنافحين عنها؟
لماذا هذا التراجع إذن؟ لماذا؟"
 
وختم بالقول: "عذرا، عذرا السيد رئيس الحكومة، إذا ما اعترى هذا التعقيب شيء من القسوة، فلربما أن ذلك يعود الى أنني قمت بتحريره أثناء زيارتي لإقليم زاكورة نهاية الأسبوع الماضي، حيث قساوة الحياة، وحيث يمكن للمرء أن يشاهد حجم وهول الخصاص التنموي الذي تعاني منه المناطق الحدودية، والذي تقف الحكومة عاجزة أمامه كدأبها دائما، مرددة شعارها الخالد "كم حاجة قضيناها بتركها".