بوابة حزب الاستقلال

الأخ لحسن حداد: صندوق الإيداع والتدبير يعاني من غياب حكامة جيدة و مراقبته تبقى محتشمة

الاربعاء 10 فبراير 2021

- الفريق الاستقلالي يثمن توصيات تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول الصندوق
- الصندوق مؤسسة استراتيجية تشكل رصيدا وطنيا ومعلمة اقتصادية للبلاد
- تنبيه الحكومة إلى ضرورة إعادة النظر في التعامل مع المؤسسات والمقاولات العمومية


عقد مجلس النواب يوم الثلاثاء 09 فبراير 2021 جلسة عامة خصصت لمناقشة التقرير الذي أعدته لجنة مراقبة المالية العامة، حول صندوق الإيداع والتدبير في الجلسة العامة وقد تميزت هذه الجلسة بكلمة الاخ لحسن حداد باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية جاء فيها:
"بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين"
يشرفني، السيد الرئيس، أن أتدخل باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في مناقشة التقرير الذي أعدته لجنة مراقبة المالية العامة، حول صندوق الإيداع والتدبير، باعتباره مؤسسة استراتيجية تشكل رصيدا وطنيا للبلاد، ومعلمة اقتصادية ثمينة بعدما بلغت مجموع ممتلكاتها 234 مليار درهم، وتمارس أنشطتها في مجالات مختلفة، من قبيل الادخار والاحتياط الاجتماعي، والتنمية الترابية والتهيئة الحضرية، وترحيل الخدمات والمناطق الصناعية، والسياحة والفندقة، والبنوك والمالية، وتأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة، وغيرها من المجالات ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وتنموية.

إيجابية التوافق بين أعضاء اللجنة
علينا أن نسجل بإيجابية التوافق الذي وصل إليه أعضاء اللجنة، بمختلف انتماءاتهم، بخصوص التوصيات الصادرة عنها، والتي تشكل في نظر الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية خارطة طريق، بالنسبة لأي استراتيجية لعمل الصندوق، بعدما وقف أعضاء اللجنة على مجموعة من الاختلالات والمخاطر والنواقص البنيوية، على مستوى الممارسة والتدبير والحكامة، والثغرات القانونية، التي تحول دون إجراء الإصلاحات الكبرى اللازمة، حتى يتمكن الصندوق من مواكبة متطلبات التحديات المطروحة، على مختلف الأصعدة والواجهات.  
 
اختلالات عميقة توقف عندها المجلس الأعلى للحسابات
ونحيل في هذا الإطار إلى الاختلالات العميقة التي  توقف عندها مليا تقرير المجلس الأعلى للحسابات الصادر سنة 2019 والذي قيم عمل صندوق الإيداع إلى حدود سنة 2017
 
فالصندوق يعاني من غياب حكامة جيدة خصوصا وأن مراقبته تبقى محتشمة ودون مستوى الدور الذي يقوم به؛ بل إن آليات اتخاذ القرار لا تتم في إطار الشفافية والمراقبة اللازمة ووجود هيآت داخلية وخارجية تعطي التوازن اللازم للقرارات الاستراتيجية
 
لهذا فإن المخاطر التي يواجهها الصندوق تنامت في السنوات الماضية دون أن يكون هناك جرد لها واتخاد الاحتياطات والاحترازات اللازمة للتقليل من وقعها على أداء الصندوق وحفاظه على الأمانة الموكولة له بحكم أنه يستعمل ودائع المتقاعدين والمتعاقدين على حد سواء
ليست هناك آلية للحكامة يتم بموجبها تمثيل أصحاب الودائع في مجلس إدارة له من السلطة ما يمكنه من الحفاظ على مصالح من تُسْتعمَل مدخراتهم في تمويل سيولة الصندوق 

مخاطر الصندوق متعددة ومتراكمة ومعقدة
لهذا فمخاطر الصندوق متعددة ومتراكمة ومعقدة تستوجب جرأة تدبير محكم وبعد نظر وأدوات حديثة في تدبير اتخاذ القرار الاستراتيجي
ومن ضمن هذه المخاطر نمو الاستثمارات في قطاعات دون غيرها مثل المحطات السياحية والفنادق والمناطق الصناعية وتكبد الخسائر تلو الخسائر دون أن تتخذ إجراءات جريئة من أجل الحد من النزيف والحد من مخاطر الاعتماد على قطاعات دون غيرها
كما أن بعض القطاعات المربحة والتي كانت تدر أرباحا مهمة مثل العقار عرف تدهورا كبيرا وخسائر خطيرة ولا يبدو أن الصندوق يتوفر على رؤيا لتدبير هذا التراجع والتقليل من مخاطره
 
كما أن التدبير الاستراتيجي للصندوق جعله ينمو بشكل غير طبيعي حيث فاقت الشركات التي تدور في فلكه سواء التي يمتلك فيها أغلبية أو أقلية من الأسهم حوالي ال140 والكثير من هذه الشركات تبقى ذات مردودية محتشمة أو منعدمة
وتم الحفاظ على بعض الشركات على مدى السنين دون اتخاذ القرارات بحذفها أو بيعها.

بعض ممتلكات شبه مقفل أو يشتغل بالخسارة
 كما تم الحفاظ على ممتلكات الصندوق رغم أن البعض منها شبه مقفل أو يشتغل بالخسارة والبعض منها إما أصابه التلف أوالاهتراء دون أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتدبير الممتلكات وبيع ما يمكن بيعه والحد من النزيف
 وإننا في الفريق الاستقلالي إذ نثمن  التوصيات التي أجمع عليها أعضاء اللجنة، لتشكل بذلك مدخلا أساسيا للقيام بالإصلاحات الجوهرية التي يقتضيها تطوير هذه المؤسسة وتحسين أدائها وتطوير تدبيرها وإصلاح أعطاب حكامتها وتدبير المخاطر التي تواجهها وتمكينها من مواجهة التحديات التي تقتضيها المرحلة، فإننا ندعو الحكومة إلى اتخاذ التدابير المواكبة والكفيلة بضمان التنزيل المحكم لهذه التوصيات، حتى لا تظل مجرد متمنيات، سواء على مستوى الإطار القانوني المطلوب إعادة النظر في مقتضياته، أو على مستوى الاستراتيجية المعتمدة بخصوص الرؤية الاستشرافية لعمل المؤسسة، أو على مستوى الممارسة والأنشطة التي تقوم بها؛ همنا الوحيد هو  ضمان النجاعة والفعالية والحكامة، والجدوى والآثار الايجابية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، وإعطاء البعد التنموي مدلوله الحقيقي في كل المشاريع، والبرامج التي يخطط لها الصندوق خاصة فيما يتعلق بتعزيز حضوره القوي في الاستثمارات العمومية ذات المردودية والطويلة الأمد. إن  الهدف الأسمى والحقيقي لعمل الصندوق هو تنمية مدخرات وودائع المتقاعدين والمتعاقدين دون جلب مخاطر من قبيل ما يحصل الآن.
 
 اختلالات تدبير عمل الصندوق
لقد وقف التقرير على مجموعة من الاختلالات التي يعرفها تدبير عمل هذا الصندوق في غياب أية مراقبة أو تتبع أو مواكبة وفي ظل انعدام الحكامة الرشيدة وآليات عقلانية لتدبير اتخاذ القرار. ون ضمن هذه الاختلالات عدم قيامه بأي تقييم دقيق لنتائج وآثار المشاريع والبرامج التي يعتمدها وما يقتضي ذلك من ضرورة التعجيل بالقيام بإصلاح شامل ودقيق واستراتيجي لهذا الصندوق، حتى يتمكن من الانخراط التلقائي في الإصلاح الشمولي، الذي ستعرفه المؤسسات والمقاولات العمومية الأخرى، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية
إن  تقوية حضور صندوق الإيداع والتدبير  وقدرته التنافسية، وتمكينه من مواكبة متطلبات المرحلة، سواء على مستوى الحكامة الجيدة أو على مستوى الاستراتيجية، أو على مستوى توجيه الاستثمارات، أو على مستوى التدبير والتسيير والقيادة، ضروري وملح ومستعجل ما دام الأمر يتعلق بأموال  وودائع نصبت الدولة نفسها ضامنا ومؤْتَمَناً لديمومتها ونموها واستدامة توازناتها.
 
  لا تفوتنا هذه المناسبة، دون إثارة انتباه الحكومة إلى ضرورة إعادة النظر في التعامل مع المؤسسات والمقاولات العمومية من حجم صندوق الإيداع والتدبير، بما يضمن انخراطها في السياسات العمومية، بأبعادها التنموية، والمساهمة الفعالة في التنمية ، وحتى لا تظل هذه المؤسسات منعزلة ومنغلقة على نفسها، في غياب أي مراقبة ومصاحبة لطبيعة تدبير مخططاتها، واستراتيجيتها وبرامجها، وفي غياب تدبير عصري لعملها، وفي ظل عدم وجود آليات فعالة للتدبير الناجع للمدخرات

الصندوق رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
من أجل أن يشكل صندوق الإيداع والتدبير بالفعل رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، بالنظر لحجم استثماراته وقدرته التنافسية على مواجهة التحديات التنموية، بأبعادها الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية، على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في مباشرة إصلاح شامل وشمولي وعميق للصندوق وتحسين أدائه وتحديث آليات مراقبته وعصرنة حكامته 
نحن كلنا أمل أن يستعيد الصندوق دوره كرافعة للاستثمار المنتج والتنمية الاقتصادية الفعالة والمساهمة في ازدهار البلاد والعباد