بوابة حزب الاستقلال

الأخ نزار بركة من مجلس المستشارين يؤكد أن قضية الصحراء المغربية تدخل مرحلة الحسم و2025 سنة التوطيد النهائي للوحدة الترابية للمملكة

الاثنين 5 ماي 2025

أكد الأخ نزار بركة  الأمين العام لحزب الاستقلال، خلال مشاركته في أشغال الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية التي نظمها مجلس المستشارين صباح يوم الإثنين 5 ماي 2025، حول موضوع “البرلمان وقضية الصحراء المغربية: من أجل  دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”, أن سنة 2025 هي سنة الحسم والتوطيد النهائي للوحدة الترابية للمملكة، داعياً إلى تعبئة شاملة واستنفار كل الإمكانات الدبلوماسية والسياسية والمؤسساتية لدعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتباره الحل الوحيد الواقعي والجاد لهذا النزاع المفتعل.

النص الكامل لكلمة الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال خلال مشاركته في أشغال الندوة الوطنية التي نظمها مجلس المستشارين صباح يوم الإثنين 5 ماي 2025، حول موضوع “البرلمان وقضية الصحراء المغربية: من أجل  دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال” :
 

بسم الله الرحمان الرحيم
السيد رئيس مجلس المستشارين؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيد رئيس مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقديم الاستشارة حول قضية الوحدة الترابية للمملكة؛
السادة الأمناء العامّون ورؤساء الأحزاب السياسية الوطنية؛
السيدات والسادة الأساتذة والخبراء والباحثون وممثلو المؤسسات المشاركة؛
السيدات والسادة المستشارين البرلمانيين؛
أيها الحضور الكريم؛

"• يُسعدني باسم حزب الاستقلال، أن أشارك معكم في هذه الندوة الوطنية الهامة، التي ينظِّمها مجلس المستشارين ومجموعة العمل الموضوعاتية المكلَّفة بتقديم الاستشارة حول قضية الوحدة الترابية للمملكة، في موضوع: "البرلمان وقضية الصحراء المغربية: من أجل دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال".
 
• ولا يَسَعُنِي إلا أن أُنوِّه بهذه المبادرة الدَّالة التي تندرج في إطار التعبئة المتواصلة للمؤسسة التشريعية، إلى جانب باقي المؤسسات والهيئات الوطنية الأخرى، في الدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى وراء جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وحَشْدِ آليات الدبلوماسية الوطنية بمختلف أشكالها، الرسمية والبرلمانية والسياسية، في التصدي لمناورات أعداء الوحدة الترابية، وفي دينامية توسيع قاعدة الدول الداعمة لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، تحت السيادة الوطنية.
 
• وكما لا يخفى عنكم، فإن انعقاد هذه الندوة يأتي ونحن على أَعْتَاب الذكرى الذهبية للمسيرة الخضراء المظفرة، نصف قرن من التنمية والتشييد والبناء بأقاليمنا الجنوبية، كما يأتي في سياق الدينامية الإيجابية والتطورات الحاسمة التي يعرفها مسار قضية الصحراء المغربية التي انتقلت إلى عتبة أعلى من التحول النوعي والاستراتيجي في المقاربة والنتائج، بفضل بُعد نظر جلالة الملك محمد السادس نصره الله ورؤيته الحكيمة والمتبصرة في مقاربتها لقضيتنا الوطنية الأولى، وهي المقاربة التي عَكَسَتْهَا مضامين الخُطَب الملكية السامية الأخيرة لثورة الملك والشعب والمسيرة الخضراء والتي رسَّخت المحدِّدات والثوابت الواجبِ مراعاتُها في التعامل مع قضية الوحدة الترابية للمملكة على قاعدةِ مُثَلَّثٍ استراتيجي يقوم على المبادرة والحزم والانفتاح، والتي صار بمقتضاها ملف الصحراء هو النَّظَّارة التي تنظر بها بلادنا إلى العالم، والمقياس الذي تقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، كما عَكَسَتْهَا نجاعة الاستراتيجية التنموية المعتمدة بأقاليمنا الجنوبية برعاية ملكية سامية، والتي أَعْطَتْ زَخما لمشاريع وأوراش التنمية بهذه الأقاليم العزيزة، في إطار النموذج التنموي الجديد الخاص بها، والذي حقَّقَ نتائج هامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والثقافي، وفي مجال تجهيز هذه الأقاليم بالبنيات التحتية واللوجيستيكية وتوفير الخدمات الأساسية لساكنتها. ولَعَلَّ ما تَشهده مدينة العيون وباقي أقاليمنا الجنوبية من مُنجزات تنموية لَهُوَ جَدِيرٌ بالفخر والاعتزاز، وهو تَوَجُّهٌ يَسيرُ في رَكْبِ التحولات التنموية الكبرى التي تعيش على إيقاعها بلادنا ضمن مسارها كقوة إقليمية صاعدة وفضاءٍ للاستثمار والاستقرار.
 
• وقد كانت الفرصة سانحةً للسيدات والسادة المستشارين البرلمانيين، من خلال زيارتهم الميدانية لأقاليمنا الجنوبية للوقوف عن قرب على مفعول النموذج التنموي الخاص بهذه الأقاليم وعلى الزخم التنموي ومدى التطور الملحوظ بها والذي كان له وَقْعٌ جِدُّ إيجابي على مستوى جَلْبِ الاستثمارات الأجنبية وعلى مستوى تحسين ظروف عيش الساكنة وتقليص البطالة والفقر والنهوض بالتنمية البشرية، نَاهِيكَ عن المفعول السياسي في ظل المشاركة السياسية الفاعلة للممثلين الشرعيين للساكنة المحلية في التدبير والتسيير والانخراط الإيجابي في النموذج الديمقراطي لبلادنا.
 
• وفي هذا الصدد، وانطلاقا مما تشهده أقاليمنا الجنوبية من إقلاع اقتصادي وازدهار اجتماعي، تَجْدُرُ الإشارة إلى المبادرتين الرائدتين اللَّتين دعا إليهما جلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره الشركاء القاريين والدوليين للمملكة، بحيث تستهدف المبادرة الأولى بلدان الواجهة الأطلسية، من خلال إحداث إطار مؤسسي يجمع الدول الإفريقية الأطلسية الثلاثة والعشرين، وذلك بهدف إعطاء دُفعة قوية للتنمية على الشريط الساحلي الأطلسي، وتثمينٍ أمثلٍ للمؤهلات البشرية والموارد الطبيعية التي تزخر بها بُلدانه.
 
• كما تستهدف المبادرة الثانية تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، مع استعداد المغرب لوضع بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة من أجل مساعدتها على تطوير اقتصادياتها، وهو ما سيمكن من إحلال استقرار مستدام واندماج حقيقي للمنطقة ككل في ديناميات التحول التي تعرفها باقي البلدان المُطلة على الشريط الأطلسي.
 
• كل هذا الزخم قد شكَّل أساسا مَتينا، ومُنْطَلَقاً مُحفزا للدبلوماسية المغربية الرسمية والموازية ومصدر إلهام لها من أجل الترافع عن مغربية الصحراء في مختلف المحافل الإقليمية والدولية بكل ما يقتضيه ذلك من قوة في الإقناع، والتأثير في التقدير والمصداقية في الشرح والتحليل، وهو ما فتح الباب واسعا أمام فتوحات دبلوماسية اتَّسعت معها قاعدة الداعمين والمؤيدين لمغربية الصحراء، ولمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد لتسوية هذا النزاع المفتعل، وتَوَالَتْ معها اعترافات الدول الوازنة كالولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إسبانيا و22 دولة أوروبية، فضلا عن عدد هام من دول العالم في القارات الخمس، وتزايد وتيرة فتح القنصليات من قبل عدد من الدول الصديقة والشقيقة بمدينتي العيون والداخلة.
 
• ويُعرب حزبنا بهذه المناسبة عن اعتزازه الكبير بدينامية الدبلوماسية البرلمانية، التي يقودها مجلس المستشارين بكل مكوناته، مُساهمَةً في دعم وتعزيز الدبلوماسية الرسمية وتقوية موقع بلادنا في محيطه الإقليمي والدولي.
 
• وهو ما يُوجِبُ على السيدات والسادة البرلمانيين مواصلة هذا الزخم الدبلوماسي بأوروبا وأمريكا اللاتينية لتقوية دينامية إرساء الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، ولاشك أن تنظيمكم لمنتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب أواخر الشهر الماضي يندرج في هذا الإطار.
 
• فأنتم كمنتخَبِين بمجلس المستشارين، بما تمثلونه من جماعات ترابية وغرف مهنية ومنظمات مهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية وهيئةٍ للمأجورين، يقع على عاتقكم دور مهم في جعل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية مشروعا مجتمعيا يَنْضَوِي تحت المشروع المجتمعي الديمقراطي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس نصره الله، مشروعا محفزا للتطور والتنمية ولتقوية الجبهة الداخلية وبناء السلم والاستقرار في المنطقة، والقدرة على إدماج واستيعاب مختلف شرائح الساكنة المحلية، ولا سيما الشباب والنساء والفئات الهشة.
 
حضرات السيدات والسادة؛
• لقد كان لهذا التحول الدبلوماسي والتنموي الهام، مفعول إيجابي على قضية الصحراء المغربية، اتسعت معه قاعدة القناعات لدى المجتمع الدولي بمشروعية وعدالة قضية وحدتنا الترابية ووجاهة ورجاحة المقترح المغربي للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحل واقعي وجِدِّي وذي مصداقية من شأنه ضمان الاستقرار والأمن والازدهار بالمنطقة، وهو ما عكسته مختلف قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وعكسته الإحاطة الأخيرة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية "السيد دي ميستورا" أمام مجلس الأمن الدولي، والتي كانت حاسمة في اعتبار أن الحل الوحيد لهذا النزاع المفتعل هو مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
 
• وهو ما يجعل في تقديرنا من سنة 2025 سنة الحسم في هذا الملف، والتوطيد النهائي لوحدتنا الترابية، ويوجِبُ علينا جميعا استنفار كل قدراتنا الجماعية ومؤهلاتنا الدبلوماسية لرفع نَسَقِ الترافع الناجع والمُنَسَّقُ عن الوحدة الترابية لبلادنا بهدف إقناع الدول القليلة المتبقية.
 
• وفي هذا الإطار، فإن حزب الاستقلال، الذي ظلت قضية الوحدة الترابية لبلادنا في مقدمة انشغالاته وأولوياته، باعتبارها قضية مقدسة راسخة الحضور في ذاكرة ووجدان ووعي جميع الاستقلاليات والاستقلاليين، سيرا على نهج المؤسسين والرواد، من الوطنيين والمقاومين ورجالات الحركة الوطنية، وفي طليعته الزعيم علال الفاسي رحمه الله، لَيُجَدِّدُ التأكيد على انخراطه في صدارة التعبئة الوطنية وتجنده الدائم وراء جلالة الملك لتحصين المكتسبات الوحدوية والدفاع عن المصالح الحيوية والاستراتيجية لبلادنا في مختلف المحافل والمنتديات الحزبية الإقليمية والدولية.
 
• كما يجدد التأكيد على ضرورة الانتقال إلى السرعة القصوى لاستكمال تنزيل الجهوية المتقدمة في تكاملها مع مخططات اللاتمركز الإداري، وذلك بما يقتضيه من تمكين مجالس الجهات من الممارسة الكاملة لاختصاصاتها الذاتية لاتخاذ القرار التنموي على المستوى الترابي، والعمل على الإسراع في نقل اختصاصات الدولة إلى الجهات وإلى المصالح الترابية اللاممركزة، وإعطاء الصدارة للأقاليم الجنوبية للمملكة وفق نظام جهوي يراعي خصوصياتها، بما يُهَيِّئُهَا منذ الآن لنظام الحكم الذاتي، تحت السيادة الوطنية.
 
• وهي مناسبة نجدِّد الدعوة من خلالها إلى مختلف الفرقاء السياسيين والمؤسسات التمثيلية والقوى الحية في بلادنا إلى التعجيل بتشكيل الجبهة السياسية للدفاع عن وحدتنا الترابية، التي تم الالتزام بإحداثها في لقاء العيون التاريخي، لتكون منصة لتعزيز الدبلوماسية الحزبية والشعبية وتنسيق مبادرات وآليات الترافع والتواصل والتأثير والتموقع الاستراتيجي في مختلف المحافل والمنتديات لدعم القضية الوطنية والتصدي لأطروحات خصوم وحدتنا الترابية.
 
• دبلوماسية نُريدها أن تكون استباقية وفعالة مبنية على التخطيط الاستراتيجي والجاهزية، وعلى تَقَاسُمِ المعلومات وتنسيق المواقف، وتوزيع الأدوار بين مختلف أشكال العمل التعبوي والدبلوماسية المغربية الرسمية.
 
حضرات السيدات والسادة؛
• لقد شكلت الدبلوماسية الموازية رافعة أساسية لحزبنا للدفاع عن المصالح العليا لبلادنا وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية في المحافل الحزبية الإقليمية والدولية. وفي هذا الإطار، استثمر الحزب علاقاته الحزبية الدولية وعضويته في كل من الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط والاتحاد الديمقراطي الدولي وشراكته الاستراتيجية مع الحزب الشعبي الأوروبي زيادة على العلاقات التي تربطه بالعديد من أحزاب دول العالم للترافع والدفاع عن المصالح العليا لبلادنا وعن قضية الوحدة الترابية ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، والتي كان آخرها ترافعه أمام أعضاء الحزب الشعبي الأوروبي خلال مؤتمره السنوي المنعقد يومي 29 و 30 أبريل 2025 بمدينة فالنسيا الإسبانية.
 
• وقد عَبَّرْنا عن ذلك بكل صراحة ووَجاهة ونحن نَدعو المشاركين في هذا المَحْفِل الدولي المُؤثر: "أن الجدية في تأمين السلام والاستقرار والازدهار على طول الحدود الأوروبية، تقتضي دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة".
 
• إن بلادنا تخطو اليوم بحزمٍ وثباتٍ نحو طيِّ هذا النزاع المفتعل، وهو ما يتطلب منا جميعا التحلي بالمزيد من التأهب واليقظة ووحدة الصف وتعزيز الجبهة الداخلية، وأن يكون خطابنا خطابا مسؤولا وغيرَ قابلٍ للتأويل، خطابٌ يستحضر المصالح العليا لبلادنا بما يخدم الدينامية الإيجابية التي تُرافق تطورات قضيتنا الوطنية وما رَاكَمَتْهُ من مكاسب وانتصارات وتكثيف عملنا الدبلوماسي بأبعاده الرسمية والبرلمانية والحزبية والشعبية والاقتصادية بما يعزز الحسم النهائي لهذا الملف ويكرِّسُ مكانةَ بلادنا كقوة إقليمية فاعلة ووازنة، تسعى إلى إرساء السلم والاستقرار وتحقيق التضامن والتنمية لفائدة بلدان وشعوب المنطقة."