بوابة حزب الاستقلال

الأخت رفيعة المنصوري : جزء كبير من أعطاب التنمية ببلادنا يرجع لهيمنة الإدارة المركزية على صناعة القرار التنموي

الاربعاء 26 يونيو 2019

تطبيقا لأحكام الفصل 100 من الدستور في فقرته الثالثة والمواد 278 الى 283 من النظام الداخلي لمجلس النواب عقد هذا الاخير يوم 24 يونيو 2019 جلسته الشهرية العمومية المخصصة للأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة المتعلقة بالسياسات العمومية، وقد تميزت بالمشاركة المهمة للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية حيث تساءل في المحاور التي تهم وضعية الجالية المغربية،وتفعيل ميثاق اللاتمركز الاداري، ومخططات تنمية المناطق المعزولة...
 
وفي إطار التعقيب تناولت الكلمة الأخت رفيعة المنصوري، مذكرة بمرور ثمانية سنوات على دستور 2011 الذي نص صراحة في فصله 145 على جوهر ما جاء في المرسوم بمثابة ميثاق اللاتمكز الإداري، حيث ظل هذا الميثاق حبرا على ورق في البرنامج الحكومي للحكومة الأولى والثانية، بالرغم من جلالة الملك دعا إلى ذلك مرات متعددة، وجاء الخطاب الملكي السامي لافتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الثانية ، ليجدد توجيه جلالته للحكومة للإسراع بإخراج هذا الميثاق البالغ الأهمية...

وأوضحت الأخت رفيعة المنصوري أن الفريق الاستقلالي يأمل أن يتم تنزيله بالحكامة والمسؤولية اللازمتين، ليشكل ثورة حقيقة في مسار دمقرطة تدبير الشأن العام، وتخفيف وطأة التمركز الإداري وتوسيع قاعدة صناعة القرار التنموي انطلاقا من الحاجيات الأساسية ذات الأولوية المعبر عنها محليا وجهويا، والرفع من نجاعة وفاعلية أداء المشاريع العمومية وحسن تنفيذها.

وسجلت الأخت المنصوري استغراب الفريق الاستقلالي الكبير من التغييب المطلق والكامل لأي تنصيص أو إشارة للبرنامج الحكومي باعتباره إطارا تعاقديا بين السلطة التشريعية والتنفيذية.

 واعتبرت عضوة الفريق الاستقلالي  أن جزءا كبيرا من أعطاب التنمية ببلادنا، لا ترجع فقط إلى ضعف الإمكانيات المادية أو التقنية والبشرية، بل في الواقع لهيمنة الإدارة المركزية على صناعة القرار التنموي، دون مراعاة للحاجيات ذات الأولوية المعبر عنها محليا، ولغياب الالتقاىية والتنسيق الفعال بين المصالح اللاممركزة للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية التي تشتغل للاسف الشديد في شكل جزر معزولة فضلا عن غياب أي تنسيق مع الجماعات الترابية وفي مقدمتها الجهات، والتي لا تجد اي فاعلية أو قدرة على اتخاد القرار لدى المخاطب المحلي للإدارات اللاممكزة، فتنشأ المدرسة في غياب الطريق، ويدشن المستوصف في غياب الكهرباء والماء الصالح للشرب، ويقرر إنشاء مراكز جامعية في مناطق دون استشارة الفاعل المحلي، بل وفي احينا كثيرة فوق اجندات حزبية او انتقامية، بل وتقرر في أحيان كثيرة مشاريع فوقية من باب الكماليات في سلم حاجيات الساكنة في مقابل أولويات ذات حيوية مطلقة.

 وأشارت إلى أن الكثير من المشاريع العمومية تخطط وتنفذ دون دراسة للجدوى، دراسة حتى وإن أنجزت من طرف مكاتب دراسات، فإنه يغيب أو يغيب عنها رأي الفاعل المحلي وخاصة المؤسسات المنتخبة، بل ولا يتم تقييم آثارها الفعلية بعد إنجازها، والمحصلة أننا اليوم أمام مئات المراكز الصحية المغلقة والمهملة، وأمام عشرات  الطرق التي أنجزت دون ان تفك عزلة مئات الدواوير والمداشر والقصور، وأمام مدارس معزولة عن التجمعات السكنية التي يضطر أبناؤها لقطع كيلومترات عديدة لبلوغها، وأمام موانئ ومطارات لا تدخلها إلا بضع سفن أو طائرات خفيفة، في مقابل الارتفاع المطرد للطلب الاجتماعي لأكثر من 29 ألف دوار مصنفة في مستوى الهشاشة والنقص الحاد في خدمات التنمية، وهو ما يضيع مجهودا استثماريا وتنمويا كبيرا، تبقى الساكنة ضحيته الأولى والأخيرة، حيث إن تباطؤ الحكومة نحو اللاتمركز الإداري قد اضر بالسرعة التنموية للبلاد، وهو ما جعل الأرقام والمنجزات مجرد مؤشرات بدون روح ولا أثر تنموي محسوس لدى المواطن.

وأضافت الأخت المنصوري  أن  الاختيار الديمقراطي الذي أقره الدستور كل لا يتجزأ ، فالمسار المهم الذي قطعته بلادنا في مجال اللامركزية، والذي يتوجه نحو إقرار جهوية موسعة، يواجه للأسف الشديد اليوم، عائقا بنيويا عنوانه تباين سرعة و مسار اللاتمركز الإداري في مقابل تجربة طويلة من اللامركزية، وهو ما يضرب في العمق هذا القرار الاستراتيجي لبلادنا، بل ويساهم في إفساد الثقة في المنتخب والفاعل السياسي.

وأبرزت النائبة البرلمانية  أن إخراج الميثاق لحيز الوجود أخيرا ليس هدفا في حد ذاته، على اعتبار ان كثيرا من النصوص القانونية والتنظيمية بقيت حبرا على ورق في غياب الإرادة السياسية القوية والصداقة لتحويلها لافعال. فاللاتمركز الإداري هو ثقافة وقناعة قبل أن يكون إجراءات ونصوص قانونية، تقتضي تملك الحكومة لرؤية واضحة لتفويض جزء مهم من اختصاصات وزرائها وتحت مسؤوليتهم لممثليهم المحليين، بما يستلزم من إعادة انتشار للكفاءات الادارية المؤهلة، وبما يحقق ايضا التعادلية في توزيعها، فإذا كان عدد موظفي القطاعات الحكومية  والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية يبلغ 800.00 موظفا فإن 76,1 بالمئة منهم يتمركزون في ست جهات من جهات المملكة، فضلا عما يقتضيه الأمر من سن سياسة تحفيزية مندمجة لتمكين الجهات الاقل تاطيرا من نفس الكفاءات البشرية.

وسجلت الأخت النائبة تأكيد الفريق الاستقلالي ان الاهداف التي تضمنها الميثاق تحقق جزءا مهما من رؤيته لللاتمركز الإداري، خاصة على مستوى تحقيق اللالتقائية في العمل الحكومي على المستوى المحلي، وينبه أن تحقيق غاياته المبرر تمر ايضا عبر مزيد من التنسيق الممنهج مع الجماعات الترابية باعتبارها معبرا شرعيا عن الإرادة المحلية للمواطن والتآخي المغربي، فالتنمية المندمجة بينية نسقية ينبغي أن تنتصر قبل كل شيء لمصلحة المواطن وحاجاته الأساسية ذات الأولوية لذلك يجب ان لا تتركز جهود الحكومة على تنسيق والتقائية برامجها فقط، بل يجب أن تمتد إلى تحقيق التنسيق المتكامل مع برامج ورؤية الجماعات الترابية وفي مقدمتها الجهات، حتى لا يتحول هذا الميثاق آلى نصف خطوة في طريق تحقيق لاتمركز إداري حقيقي وناجع.