بوابة حزب الاستقلال

العرض السياسي للأمين العام لحزب الاستقلال خلال أشغال المجلس الوطني في دورة أبريل

المجلس الوطني لحزب الاستقلال نقاش بناء وقوة اقتراحية

الاحد 22 أبريل 2018

عقد حزب الاستقلال الدورة العادية الأولى لمجلسه الوطني بعد استحقاقات المؤتمر العام السابع عشر للحزب، يوم السبت 21 أبريل 2018، بالقاعة المغطاة للمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط.

وشهدت هذه المحطة التنظيمية الهامة التي ترأسها الأخ نزار بركة الأمين العام للحزب بمعية الإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية، حضورا مكثفا للإخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني للحزب الذين حجوا من مختلف جهات وأقاليم المملكة.

وتميزت أشغال الجلسة الافتتاحية لـ”برلمان الحزب”، بالعرض السياسي للأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي تناول الوضع التنظيمي للحزب، ومختلف القضايا التي تهم الرأي العام الوطني وكافة الاستقلاليين والاستقلاليات وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، إلى جانب تحديد موقع الحزب بالمشهد السياسي إزاء ما تشهده الساحة الوطنية من مستجدات وتطورات على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ببلادنا :


النص الكامل للعرض السياسي للأخ الأمين العام

يسعدني أن أفتتح أشغال الدورة العادية الأولى للمجلس الوطني بعد استحقاقات المؤتمر العام السابع عشر للحزب، والمتميزة بجدول أعمال حافل، يتعلق باستكمال الإطار القانوني والتنظيمي لمؤسساتنا الحزبية، كما ينكب على موقفنا وموقعنا كحزب الاستقلال إزاء ما تشهده الساحة الوطنية من مستجدات وتطورات على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وما يقتضيه ذلك، في إطار مجلسنا هذا، وداخل باقي الهيئات التقريرية والتنفيذية للحزب، من تحليل موضوعي ونقاش بناء وقوة اقتراحية، انطلاقا من مرجعيتنا التعادلية، وفي ضوء مقررات المؤتمر الأخير، وبما يجعل مصلحةَ بلادنا، ومصلحةَ المواطنات والمواطنين هدفا أسمى للعمل الذي نقوم به.

وأود في البداية أن أجدد لكم شكري على الثقة التي حظيت بها بمعية أخواتكم وإخوانكم في اللجنة التنفيذية، وعلى التفافكم القوي حول “المشروع التشاركي” الطموح الذي اقترحناه من أجل النهوض بأداء حزبنا وتموقعه وإشعاعه، وتطوير فاعليته في خدمة الوطن والمواطن.

وعلى إثر هذا التكليف الجسيم بمسؤولية الأمانة العامة لحزبنا، شرفني جلالة الملك محمد السادس نصره الله باستقبال ملكي سامي،الذي نعتبره مصدر فخر وتقدير كبيرين لكافة الاستقلاليين والاستقلاليات، وإشارة لها دلالاتها القوية في سياق العناية التي يوليها جلالة الملك حفظه الله للأحزاب السياسية الوطنية للنهوض بمهامها الدستورية في تأطير المواطن وتمثيله والتفاعل مع حاجياته وانتظاراته.


مخرجات المؤتمر العام السابع عشر للحزب عطاء فكري وسياسي في إطار المشروع المجتمعي التعادلي

لقد أضافت محطة المؤتمر العام السابع عشر لبنةً أخرى إلى صرح المشروع الاستقلالي التعادلي المقبل على المستقبل، واسْتَشْعَرْنَا جميعا أنه في خضم اللحظات الصعبة والاختيارات الفارقة، ينبعثُ فينا دائما الضميرُ الاستقلالي، والشعور بالانتماء إلى البيت الاستقلالي.

وهنا، لا بد من الإشادة بروح التعبئة والمسؤولية والصبر لكل المؤتمرات والمؤتمرين، وتغليب قيم الحكمة ونكران الذات، والحرص على وحدة الصف قبل كل شيء، من أجل إنجاح هذا الاستحقاق التنظيمي الهام.

لابد أيضا، من أن نكون فخورين بإعمال آليات الديمقراطية الداخلية والشفافية والاختيار الحر في انتخاب الأمين العام للحزب واللجنة التنفيذية من قبل الأخوات والإخوة أعضاء المجلس الوطني.

المؤتمر كان كذلك، مناسبة للنقاش والترافع وبلورة الأفكار والاقتراحات، من خلال الوثائق التي تم تقديمها والمصادقةُ عليها،وهذا العطاء الفكري والسياسي والإبداعي يشكل مكتسبا أساسيا بالنسبة للحزب، وينبغي العمل على تثمينه وتطويره، وتحسين اندماجيته في إطار المشروع المجتمعي التعادلي.

ولَعَلَّنِي لَنْ أتعبَ من التأكيد، بمعية الأخوات والإخوة في اللجنة التنفيذية، على ثقل هذه المسؤولية الغالية التي تقلَّدَها من قبلنا روادٌ مؤسسون، ووطنيون غيورون، وفي مقدمتهم زعيمُنا الراحل علال الفاسي رحمة الله عليه.

ونحن مؤتمنون جميعا، قيادة وأطرا وقواعد، على صون هذه “الوديعة” التي تُطَوِّقُ أعناقَنا، وعلى صون وتثمين ذلك الرصيد الوازن من الفكر والقيم والوحدة والمكتسبات النضالية والسياسية، التي تصنع ماهيةَ حزبِ الاستقلال، وخصوصية حزبِ الاستقلال، ومكانةَ حزب الاستقلال، في الماضي والحاضر والمستقبل إن شاء الله.

وبالتالي، فإن حزب الاستقلال في حاجة إلى كل الأصوات والحساسيات والفعاليات التي تنصهرُ اليوم داخل البيت الاستقلالي.

والبيت الاستقلالي هو أرحب لكي يتسع للجميع، ولا فضلَ لمناضل على مناضل إلا بالإنتاج والعمل والاجتهاد في إطار الهوية الاستقلالية، والمؤسسات الاستقلالية، والمشروع المجتمعي التعادلي.

إجماع وطني متجدد دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة

إذا كانت قوانين الحزب وتقاليدُه التنظيمية العتيدة، تقتضي أن أُقَدّم في مستهل أشغال هذه الدورة، عرضا سياسيا للدراسة وتعميق النقاش واتخاذ المواقف المناسبة؛ بحيث يتطرق للأوضاع العامة ببلادنا في الأشهر الماضية، ويرصد المستجدات والتطورات التي يتفاعل معها حزب الاستقلال – في حينه- نظرا لأبعادها الإستراتيجية التي تهم الوطن وسير المؤسسات، أو بالنظر إلى تداعياتها على حياة المواطنات والمواطنين، سواء كانت إيجابية أو سلبية.

وفي هذا الصدد، تابع حزب الاستقلال بانشغال وتعبئة كبيرين تطورات القضية الوطنية في الأشهر الأخيرة، ومواصلة خصوم وأعداء الوحدة الترابية لمناوراتهم واستفزازاتهم للتشويش على مسار تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية تحت إشراف الأمم المتحدة، ولاسيما بعد تعيين كل من أمين عام جديد للأمم المتحدة ومبعوث أممي جديد لقضية الصحراء المغربية، واللذين عبرا في مناسبات عديدة عن إرادتهما لإعطاء نفس جديد لمسلسل المفاوضات، وتجاوز حالة الجمود الذي عرفته هذه المفاوضات في عهد الإدارة السابقة.

ولقد عبرت قيادة حزب الاستقلال في مناسبات متعددة، عن تجندنا جميعا وراء جلالة الملك حفظه الله للتصدي لهذه المناورات وفضح الافتراءات التي يُروِّجُ لها خصومُ المغرب في العديد من الأوساط الإقليمية والقارية والدولية، واتخاذ كافة الخطوات والإجراءات الكفيلة بضمان سيادة بلادنا على كافة التراب الوطني.

وظَلَلْنَا في حزب الاستقلال في صلب بل وفي صدارة التعبئة والموقف واليقظة المعبرة عن الإجماع الوطني خلال هذه الفترة:

في مواجهة وشجب التوظيف السياسي المكشوف للقضاء الأوروبي والإفريقي للمس بالسيادة الوطنية على الصحراء المغربية، والانخراط في التعبئة الوطنية الشاملة ضد التحركات الخطيرة التي يقوم بها البوليساريو في ما يسمى بالمنطقة العازلة في الصحراء المغربية، وخصوصا في تفاريتي وبئر لحلو والمحبس والكركرات، في محاولة لفرض واقع جديد على الأرض.

هذا وقد أشهرنا في لقاء “العيون” الأخير، الذي عرف مشاركة مكثفة لحزبنا قيادة ومنتخبين وأطرا، (رفعنا)  اللاءات الصارمة والحازمة التي يتقاسمها الشعب المغربي قاطبة في خصوم وحدتنا الترابية:

لا، لأي تطاول على الأراضي المغربية بما فيها تغيير الوضع القانوني والتاريخي لما يسمى بالمنطقة العازلة، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني.

لا، لأي تحريف أو تشويش على مسار تسوية هذا النزاع المفتعل خارج الإطار الأممي.

لا، لأي تحريف في مسار المفاوضات يعفي الجارة الجزائر من مسؤوليتها في إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.

لا، لمحاولات الخصوم من أجل ِرَهْنِ تنميةِ الأقاليم الجنوبية للمملكة لفائدة ساكنتها بمآلات مسلسل التسوية، كما هو الشأن بالنسبة للواقع المزري الذي يعيشُه إخوانُنا في مخيمات تندوف. ولقد كان الرد الحازم والقوي لجلالة الملك أيده الله هو تفعيل النموذج التنموي للنهوض بالإنسان والمكان بهذه الأقاليم بتعبئة أكثر من 78 مليار درهم على مدى 10 السنوات القادمة.

وجددنا التأكيد في حزب الاستقلال على إعطاء الصدارة للأقاليم الجنوبية في تنزيل الجهوية المتقدمة والتسريع بذلك في أفق منح الحكم الذاتي لهذه الأقاليم.

ومن جهة أخرى، نسجل بارتياح كبير إشراك كل من الأخوين سيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، ضمن الوفد الذي ترأسه السيد ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي،  للقاء المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، السيد هورستكوهلر في العاصمة البرتغالية لشبونة .

هذا التحول الإيجابي الذي يشرك النخب المنبثقة عن الاختيار الديمقراطي وصناديق الاقتراع في تمثيل ساكنة أقاليمنا الصحراوية، وهي المنهجية التي ستساهم، بلا شك، في تقوية فعالية ونجاعة الدبلوماسية المغربية.

وفي إطار مساهمة حزبنا في الديبلوماسية الموازية، وإشعاع صورة بلادنا داخل المحافل الحزبية الدولية، شكلت مشاركتُنا في مؤتمر الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط الذي انعقد ببودابست، وكذا في اجتماع قادة الاتحاد الديمقراطي الدولي بمدريد، مناسبة سانحة للترافع حول القضية الوطنية، ومقترح الحكم الذاتي المشهود له بالجدية والمصداقية، وتطور واقع التنمية بأقاليمنا الجنوبية في ظل تفعيل النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع.

هذا، وإذ ننوه بمواصلة التعبئة الشاملة دفاعا عن القضية الوطنية، بمناسبة انعقاد دورات المجالس الإقليمية، وتنظيم عدد من التظاهرات التعبوية من قبل عدد من الهيئات والتنظيمات الحزبية والمنظمات الموازية.

لَنُهيب بكم، ومن خلال التنظيمات الترابية والمنظمات والجمعيات والروابط التي تنتمون إليها، وكذا عبر مختلف مبادرات الديبلوماسية الحزبية والبرلمانية، للانخراط الكامل في هذه التعبئة تعزيزا للجبهة الداخلية وتقوية للإجماع الوطني، ونشر هذه التعبئة على نطاق واسع بين صفوف المناضلات والمناضلين في الأقاليم والجماعات، وفي مختلف اللقاءات والمنتديات، بما فيها منصات التواصل الاجتماعي، للتعريف بالقضية الوطنية وبتطور مسارها وقوة وصلابة الإجماع الوطني حولها وأبعاد المؤامرات التي تحاك ضدها وتأطير المواطنات والمواطنين، في هذه المرحلة الحاسمة من تطور ملف قضية وحدتنا الترابية.

كما ندعو في حزب الاستقلال مختلف الفرقاء السياسيين والمؤسسات التمثيلية والقوى الحية إلى التعجيل بتشكيل الجبهة السياسية للدفاع عن وحدتنا الترابية، التي التزم بإحداثها نداء العيون التاريخي، ولكي تكون هذه الجبهة منصة لتنسيق مبادرات وآليات الترافع والتواصل والتأثير لدعم القضية الوطنية والتصدي للأطروحات المناوئة.

الإنسية المغربية في وحدتها وانصهار مكوناتها

إذا كانت الوحدة الترابية هي ثابت من الثوابت الدستورية الجامعة للأمة المغربية، فإن الوحدة الوطنية هي المضمون الحيوي لوحدة التراب.

لذلك ما فتئ حزب الاستقلال يؤكد على تحصين الإنسية المغربية، في وحدتها وانصهار مكوناتها، وتعدد روافدها الثقافية واللغوية والحضارية، والتي تبوئُ الدين الإسلامي بمبادئه وتعاليمه السمحة مكانةَ الصدارة.

وبالتالي، لا بد من الحذر واليقظة والتعاطي الواعي والنقدي مع ما يتم الترويج له اليوم من أفكار ونزعات الانفصال والانقسام وإحداث شروخ داخل المجتمع، واستهداف التماسك والتساكن الذي يتميز به النموذج المجتمعي المغربي، ومحاولة تدبير التعددية اللغوية ببلادنا بافتعال التصادي بين العربية والأمازيغية، وافتعال التعارض بين التشبث باستعمال اللغتين الرسميتين وبين الانفتاح واكتساب اللغات الأكثر تداولا في العالم.

ونؤكد، مرة أخرى بهذه المناسبة، أن التفكير والتأطير البناءين  للتحولات المجتمعية التي تعرفها بلادُنا لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار ثوابت الأمة المغربية،وعبر الحوار المدني المسؤول والهادئ المبني على المعرفة والعلم والاجتهاد وروح الأرض، وفي إطار المؤسسات والهيئات المؤهلة لتدبير هذا الحوار، كلٌّ حسب اختصاصها، بإشراك مختلف الفاعلين والقوى الحية.

الحكومة وهدر زمن الإصلاح

إن المجلس الوطني، كما تعلمون، هو المؤسسة المؤهلة بعد المؤتمر، لإبداء الرأي حول التوجهات والاختيارات، وتقييم المواقف والتقديرات،  والقيام بالمراجعات الضرورية إذا اقتضى الأمر ذلك، بناءً على مبادئ وقيم الحزب ومشروعه التعادلي المتجدد،وفي ضوء التحليل الموضوعي والنقاش الهادئ واستخلاص الدروس المستفادة.

وبما أن الواقع لا يرتفع كما يقال، فإنه من معطيات ومعايَنَات واقع الحال، منذ تشكيل الحكومة المتأخر والمتعثر،ما تَعرفُه بلادُنا من تداعيات سلبية على مستوى عددٍ من المجالات والمؤشرات،ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية منها، وما يُصاحبها من تمثلات مقلقة لدى الفاعلين والرأي العام الوطني على حد سواء.

وذلك، في مقابل إرادة قوية ما فتئ يؤكد عليها جلالة الملك للإصلاح والقطع مع النموذج والسياسات وأنماط الحكامة التي لم تعد قادرةً على مواجهة التحديات، والتجاوب مع تطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين.

نحن في حزب الاستقلال نسجل أنه هناك هدرٌ غيرُ مفهوم لزمن الإصلاح، وتلكؤ في استكمال منظومة الإصلاحات المؤسساتية والهيكلية التي أتى بها دستور 2011 في فلسفته وروحه ومقتضياته المنصوص عليها.

نتساءل عن مآل الالتزامات المُقيدة بآجال دستورية طبقا للفصل 86، كما هو الشأن بالنسبة للقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والقانون التنظيمي المتعلق بحق الإضراب.

وهذا، فضلا عن إخراج ميثاق المرافق العمومية، وملاءمة  الإطار القانوني الجديد لبعض مؤسسات الحكامة، وسن ومراجعة جملة من التشريعات، بموجب الدستور، ذات الصلة بالحقوق والحريات وتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد، والتشريع الجنائي وحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، وآليات الديمقراطية التشاركية المتعلقة بمساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام في مسلسل اتخاذ القرار وتقييمه.

ورغم مرور ما يناهز السنة والنصف على ولاية الحكومة الحالية، فإن العديد من الملفات ذات الأولوية والأهمية لا تزال مُغْلقةً أو مُعَلَّقةً أو مُؤجلة إلى حينٍ غيرِ معلوم، أو لوجود ارتباك أو تردد في التقدير؛ كما هو الشأن بالنسبة للقانون الإطار لإصلاح التعليم، والإصلاح الشامل لأنظمة التقاعد، واستكمال الإصلاح الشمولي لنظام المقاصة والدعم الاجتماعي.

ولازلنا ننتظر مع المنتظرين التطبيقَ الفعلي للجهوية المتقدمة بموازاة مع اعتماد ميثاق اللاتمركز، وإخراج الميثاق الجديد للاستثمار، وذلك بالنظر إلى الرهانات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المعقودة على تنزيل ورش الجهوية المتقدمة الكفيلة باستيعاب العديد من المطالب والحاجيات والانتظارات التي يعبر عنها الفاعلون ومواطنات ومواطنو العمق الترابي، لا سيما الكفيلة بجعل الجهات أقطاب فعلية للاستثمار والتشغيل وخلق الثروة لفائدة الساكنة المحلية.

وننتظر كذلك تفعيل ميثاق إصلاح منظمة العدالة في شقه المتعلق بسير المحاكم وتحسين ولوج المواطن إلى القضاء، والحصول على الأحكام وتنفيذها في آجال معقولة.

في مقابل هذه الأولويات الملحة، نستشعر أن الأداء الحكومي منشغل بمعالجة الأمور الجارية فقط، ويتحرك ببطء ملحوظ في تنفيذ الالتزامات المعلن عنها، وفي التفاعل الفوري والناجع مع المطالب الاجتماعية المشروعة للساكنة في عدد من المناطق.

هذا التباطؤ في التفاعل وأجرأة الالتزامات، لا سيما عندما لا تَسنُده رؤية شمولية، ويفتقر إلى مقاربة استباقية للأزمات، وإيجاد الحلول الملائمة والمبتكرة، تصبحُ له كلفةٌ إضافية تزيد من حدة الاحتقان، وتبديد منسوب الثقة، وبالتالي إضعاف آليات الوساطة والحوار البناء والمسؤول، ليتركَ الفراغَ أمام التعبيرات اليائسة والعدمية والمقاربات الصدامية.

وتجدر الإشارة هنا إلى القرارات السامية التي أمر بها جلالة الملك حفظه الله، طبقا للدستور، في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، والاستجابة للحاجيات والانتظارات المشروعة للمواطنات والمواطنين، وفي ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما يؤسس لانطلاق دينامية جديدة في تدبير الشأن العام، وتقييم السياسات العمومية بكيفية مستمرة، وإشراك الرأي العام الوطني في مسلسل التتبع والتقييم بالشفافية المطلوبة.

لقد سبق أن توجهنا الى الحكومة الحالية بكونها محظوظةً بالمقارنة مع الحكومات السابقة، لأنها تتمتع بولاية خالصة من أي استحقاق انتخابي طيلة السنوات الخمس من عمر الولاية.

إنها فرصة نادرة يُتيحها اليوم الزمنُ السياسي للحكومة، فرصةٌ نرجو في حزب الاستقلال بكل روح وطنية صادقة ألا يتم إهدارُها.

فرصةٌ ينبغي استثمارها بمباشرة الإصلاحات واتخاذ المبادرات الفورية والاستباقية وتسريع المشاريع التي تضمن للمغاربة فعلية النموذج المجتمعي المتوازن والمتضامن، من خلال تحسين مستوى العيش،  وضمان التعليم  والصحة والتشغيل والسكن للفئات الفقيرة والهشة، خاصة في العالم القروي والمناطق  الجبلية والمعزولة، وغيرها من مقومات العدالة الاجتماعية والترابية والتوزيع المنصف للثروة الوطنية.

تغلغل ليبرالي غير متوازن في التوجهات الاقتصادية والاجتماعية

شكلَّتْ دراسةُ ومناقشة مشروع القانون المالي لسنة 2018،من قبل فريقي الحزب بالبرلمان، مناسبةً وجيهةً  للتنبيه إلى خطورة تغلغل توجهات ليبرالية غير متوازنة في مفاصل وبنيات الاقتصاد الوطني، بما فيها قطاعات الاستثمار الاجتماعي والمجالات الإستراتيجية، وذلك في غياب الفعالية المطلوبة لآليات الضبط والتقنين والمنافسة الشريفة، والتوازن بين رأس المال ومصلحة المواطن.

كما جَهَرْنا بهذه المناسبة، أن مشروع القانون المالي 2018 لا يحمل البوادر والعناصر التي تمهد للتحول نحو النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه صاحب الجلالة حفظه في خطبه السامية، أو على الأقل القطع مع الاختيارات والسياسات التي ساهمت في محدودية النموذج التنموي الحالي.

وطبعا،لا يخفى عن الحكومة أن هناك إجماع من طرف مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعي ينفي كون النموذج التنموي الحالي قد بلغ مداه،وقد استنفد إمكاناتِه في خلق الشغل الكافي واللائق، وخلق الثروة والتوزيع المنصف لمنافعها، وتوفير أسباب الارتقاء الاجتماعي للمعوزين.

وهذا النموذج لم يعد فقط عاجزا عن تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، بل أصبح يعيدُ إنتاجَ التفاوتات ويزيدُ في اتساعها، وفي تقهقر حركية الطبقة الوسطى نحو وضعية الهشاشة.

كنا ننتظر من الحكومة، على الأقل، أن تعطي إشارات قوية نحو الانتقال إلى النموذج المنشود، بتدارك النواقص المسجلة على مستوى تجانس الاستراتيجيات القطاعية وإعطائها بعدا ترابيا مندمجا، وبانتهاج حكامة وحلول إرادية على مستوى الاستثمارات العمومية للرفع من مردوديتها المتدنية من حيث النمو والتشغيل والوقع التنموي على الساكنة، وجاذبية الاستثمارات الخاصة المدرة لفرص الشغل.

وفي هذا السياق، نتساءل  وأمام الانتعاشة المهمة التي سجلتها في الفترة الأخيرة معدلات النمو لدى شركائنا الأوروبيين، وخاصة فرنسا وإسبانيا، لماذا لم تصل تداعياتها الإيجابية إلى بلادنا، ولماذا لم تستبق وتتفاعل الحكومة باتخاذ التدابير التحفيزية وتوفير الشروط الضرورية من أجل استفادة أكبر من هذه الدينامية الاقتصادية الجديدة في أوروبا.

 

شباب بدون تكوين ولا شغل ولا حماية اجتماعية

نتتبع بقلق كبير تزايد نسب البطالة في بلادنا التي تجاوزت 1.2 مليون عاطل، في مقابل 50 ألف فرصة شغل صافية فقط ينتجها الاقتصاد الوطني سنويا.

ويمثل الشباب والنساء وحاملي الشواهد القاعدة الواسعة في صفوف العاطلين؛ بحيث  أنه ما يقارب نصف الشباب حاليا يوجدون خارج سوق العمل، وحوالي 75 في المائة من النساء لا تشتغل ولا تبحث عن الشغل،وأكثر من50 في المائة من حاملي الشواهد يَئِسوا من البحث عن أي وظيفة هنا في بلدهم، والعديد منهم انخرطوا في هجرة الكفاءات في مختلف التخصصات، بما فيها القطاعات الواعدة ومهن المستقبل.

وهذا، بالإضافة إلى بروز وتنامي ظاهرة لا تخفى عنكم خطورتها تتعلق بـ «شباب خارج المدرسة، بدون تكوين ولا شغل ولا حماية اجتماعية» والتي تصل حاليا إلى أكثر من 2,7 مليون شابة وشاب.

صحيح أن الحكومة قد أعلنت مؤخرا عن مخطط طموح في مجال التشغيل يهم إحداث 1.2 مليون فرصة شغل في أفق سنة 2021، ونحن في حزب الاستقلال لا يمكننا إلا أن نستبشرَ خيرا بهذا الإعلان، ونرجوَ له أن ينجح في ضمان الشغل لشبابنا في المدن والقرى.

ولكن، سنحتاج إلى فائض كبير من حسن النية أو السذاجة لكي نُسَلّم أن الاقتصاد الوطني بمعدل النمو الحالي والتوقعي الذي يحققه سنويا، يمكنه أن يخلق هذا الكم الهائل من المناصب وفرص الشغل الإضافية والصافية، بالإبقاء على نفس النموذج والسياسات والبرامج التي وقف الجميع على محدوديتها.

وما يزكي هذا التخوف الاحترازي، حتى لا يتحول الأملُ إلى خيبة وإحباط بالنسبة لشبابنا، هو الوضع الصعب الذي تعيشه حاليا المقاولات الصغرى والمتوسطة باعتبارها المحرك الأساسي للتنمية وإحداث فرص الشغل. وتفيد الأرقام أن أكثر من 7000 مقاولة صغيرة ومتوسطة قد أعلنت إفلاسها سنة 2017. كما تم فقدان ما بين 150 و200 ألف منصب شغل منذ سنة 2012، وأساسا بسبب عدم احترام آجال الأداء، رغم كل الوعود التي قطعتها الحكومة في هذا الصدد لتحسين عملية أداء مستحقات المقاولات.

أما على الصعيد الاجتماعي، يُلاحظ أن حجم التفاوتات الذي بدأ يتقلص انطلاقا من سنة 2007، قد أخذ اليوم يتسع ويتفاقم، مع عودة إشكاليات الفقر والهشاشة في ضواحي المدن والعالم القروي،وتقهقر الطبقة المتوسطة، واتساع العجز في الولوج إلى السكن، ولاسيما بالنسبة للفئات ذات الدخل المتدني والمحدود.

يُلاحظ كذلك أن التحسن المُسجل على مستوى تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، لا يُوازيه تحسن في الولوج الفعلي إلى الخدمات الاستشفائية بالجودة المطلوبة. فالتغطية الصحية لأصحاب المهن الحرة والمستقلين لم يتم بعدُ تفعيلُها،والتغطية الصحية الخاصة بالطلبة لازالت متعثرة، ونظام المساعدة الطبية للمعوزين “راميد” الذي تبناه حزب الاستقلال منذ مرحلة الفكرة والتجربة النموذجية، لا يستفيد اليوم سوى أقل من نصف التمويل الذي يحتاجه، فضلا عن الضعف المسجل في العرض العلاجي المتوفر، وإشكالية استهداف الفئات المعوزة التي تكاد تفرغ هذا النظام من بعده التضامني والمنصف.

ووعيا من حزب الاستقلال بأهمية إرساء السلم الاجتماعي من أجل تحقيق التنمية وخلق الشغل وتوفير المناخ الملائم للإصلاح والتطور، لا يمكننا إلا أن نسجل بإيجاب عودة الحوار الاجتماعي بعد تجميد دام أكثر من 6 سنوات.

وبالتالي، نرجو أن يتمخض عن هذه العودة مأسسةٌ لآليات الحوار الاجتماعي، الثلاثي والثنائي الأطراف، بالكيفية التي تضمن الانتظامية وإبرام اتفاقات ملزمة، وتعزيز الثقة بين مختلف الفرقاء لما فيه مصلحة الشغيلة والمقاولة معا.وفي هذا الإطار، لا بد من العمل على استكمال تنفيذ التزامات اتفاق 26 أبريل 2011.

اختيار معارضة استقلالية وطنية

استعرضتُ عليكم عينةً فقط من جملة النواقص والاختلالات والاختيارات غير الناجعة والمؤشرات السلبية، التي من واجبنا في حزب الاستقلال أن نسميَها بمُسمياتها، بدون تلميع ولا تحامل، وبما تستلزمه المسؤولية من صراحة ولغة الحقيقة واحترام ذكاء المواطنات والمواطنين.

ومن هذا المنظور، سبق أن أكدنا في مناسبات متعددة على ضرورة جعل 2018، سنة للقيام بوقفة إستراتيجية، واستعادة زمام الفعل الاستراتيجي، والقطيعة مع الانتظارية والارتجال والتردد، للتصدي لمختلف الإكراهات والمشاكل التي تواجه المجتمع المغربي، ومنها تلاشي المشروعية الديمقراطية للانتخابات، واتساع الهوة بين المواطن والفاعل السياسي والمؤسسات المنتخبة، واتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية في الولوج إلى عدد من الحقوق والخدمات.

ولتجاوز هذه الصعوبات والإكراهات، دَعَوْنا إلى تعبئة الإرادة الوطنية من أجل الانتقال إلى إنجاز جيل جديد من الإصلاحات أكثر نجاعةً، تكون قادرة على مواجهة التحديات ومواكبة التطلعات التي يزداد سقفها ارتفاعا يوما بعد يوم.

وأكدنا تعبئة حزبنا من أجل الانخراط الإيجابي والخلاق في النفس الإصلاحي الجديد الذي أطلقه جلالة الملك، في تجاوب مع حاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين، لاسيما فيما يتعلق بالأوراش الإستراتيجية الجديدة، من قبيل إرساء نموذج تنموي جديد يمكن من تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وإعمال آليات الحكامة الجيدة في الإعداد والتنفيذ والتتبع والتقييم، وتمتيع المجال الترابي بسلطة القرار التنموي في خدمة حاجيات القرب والخدمات الأساسية للساكنة المحلية، وجعل الشباب محركا للتنمية والابتكار، من خلال وضع وتفعيل سياسة عمومية مندمجة قادرة على توفير التكوين والتشغيل والإدماج لهذه الفئة الحيوية.

كما عبرنا عن استعداد حزبنا، استثمار رصيده الفكري ومرجعيته التعادلية وتجربته التي راكمها في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي، وخبرته في تسيير الحوارات والتوافقات الرامية إلى بلورة الاختيارات والتصورات والبرامج والبدائل التي تصب جميعها في خدمة المواطنات والمواطنين وتحسين مستواهم المعيشي.

لكن وللأسف، أن كلَّ ما دعونا إليه، وأكدنا على أولويته، وقدمنا حوله المذكرات والاقتراحات والبدائل بموجب المساندة التي طوقنا بها مجلسنُا الوطني إزاء الحكومة في دورته الاستثنائية بتاريخ 31 دجنبر 2016، ظل كلُّ ذلك خارجَ وتيرةِ الزمن الحكومي، وخارج برنامج وميثاق الأغلبية، ولم يَجِدْ التقديرَ الذي يقتضيه موقف المساندةُ النقدية لحزب الاستقلال.

إن دورة المجلس الوطني اليوم هي محطة للتفكير الراجح والتقييم الموضوعي حول تموقعنا في الحياة السياسية الوطنية، ومدى انسجام هذا التموقع مع قيمنا الاستقلالية ومرجعيتنا التعادلية المتجددة، واستحضار مصلحة الوطن، وما يعزز البناء الديمقراطي ببلادنا،ويُهيكل المشهد السياسي وفق مشاريع تعددية وتقاطبات واضحة كفيلة باستعادة مشاركة وثقة المواطنات والمواطنين.

هذا، وإذ نتمنى للفريق الحكومي بأغلبيته العددية المريحة، أن يكون فعالا حريصا على تماسكه وانسجامه ليضطلع بمهامه في خدمة المواطن والصالح العام، لنؤكد أننا في حزب الاستقلال لا نتردد في تلبية نداء المسؤولية أيا كان موقعُها، بعيدا عن أي تدافع مفتعل أو ثنائية قطبية مصطنعة من شأنها أن تختزل تنوع المجتمع المغربي، والتعددية المتجذرة في مشهدنا السياسي.

وبعد استئذانكم، وفي أفق تعميق النقاش، ونظرا إلى:

تغلغل توجهات ليبرالية غير متوازنة في مفاصل وبنيات الاقتصاد الوطني،

وهدر زمن وفرص الإصلاح من قبل الحكومة في مواجهة التحديات،

وبطء وتيرة الأداء الحكومي في الوفاء بالالتزامات، والاستجابة للمطالب المشروعة للساكنة،

واكتفاء الفريق الحكومي بتدبير إكراهات اليومي وإعلان النوايا، في غياب الاستباقية والبعد الاستراتيجي،

الموقع الطبيعي لخزب الاستقلال معارضة مناصرة لقضايا المواطنين 

فإن موقعَنا الطبيعي اليوم في المشهد السياسي كحزب الاستقلال هو “المعارضة”، “معارضة استقلالية وطنية”، تضطلع بالأدوار التالية:

– معارضة معبَّأة للدفاع عن القضية الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية والمساهمة الفاعلة في الديبلوماسية الموازية؛

– معارضة مشاركة في التحولات والإصلاحات الكبرى ببلادنا بالترافع والقوة الاقتراحية وبلورة الحلول والبدائل الواقعية القابلة للتطبيق؛

– معارضة تحترم ذكاء المواطن وتحرص على إسماع الرأي الآخر والصوت غير المسموع، داخل المجتمع والمؤسسات…؛

– معارضة تقوي الأدوار المنوطة بالمؤسسة البرلمانية في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتأطير المواطنات والمواطنين ودينامية الحياة السياسية،

– معارضة قادرة على تطوير الممارسة السياسية ببلادنا وفق رؤية جديدة.

وتقوم هذه الرؤية الجديدة للممارسة السياسية على أربعة مرتكزات:

أولها: التفاعل، من خلال القرب الترابي المتواصل من المواطنات والمواطنين في الحي والدوار والدائرة والجماعة، والإنصات إلى حاجيات المواطن وانتظاراته وانشغالاته، والتعبير عنها ومناقشتها داخل المؤسسات التمثيلية.

ثانيها: الترافع، من خلال تعبئة وتأطير النقاش العمومي وتنشيط فضاءات الحوار المدني، وتبني مطالب المواطنات والمواطنين المشروعة في إطار مبادرات مواطنة تفعل إمكانيات وآليات الديمقراطية التشاركية من عرائض وملتمسات التشريع وفضاءات الحوار والتشاور على مستوى الجهات والجماعات الترابية للمساهمة وتتبع وتقييم المشاريع التنموية.

ثالثها: التفكير والتوجيه الاستراتيجي، من خلال المساهمة في بلورة وإنضاج التوجهات الوطنية الكبرى، ومواكبة التحولات المجتمعية وصعوبات الحياة وتعقيداتها بالنسبة للمواطنات والمواطنين، واقتراح الحلول العملية والبدائل الخلاقة حولها وفق نسق استباقي، مستشرف للمستقبل، بما يعطي ضمانات في استدامة واستقرار المشروع المجتمعي.

ورابع: مرتكزات هذه الرؤية الجديدة للممارسة السياسية، هو العمل، وذلك من خلال ترجمة حاجيات وانتظارات وانشغالات المواطنات والمواطنين إلى تدابير عملية قابلة للتنفيذ خاصة من خلال ملتمسات ومقترحات التشريع بالبرلمان، أو عبر مخططات وبرامج التنمية في المجالس الترابية المنتخبة.

هناك ضرورة اليوم لإبرام تعاقدات مجتمعية كبرى، بتضافر جهود مختلف الفرقاء السياسيين والاجتماعيين والمجتمع المدني والقوى الحية، حول استحقاقات ومسالك الإصلاح الجديدة والقادمة، وذلك بهدف صياغة التوافقات اللازمة حول القضايا والاختيارات ذات الأولوية، بدون نكوص أو تراجع عن المكتسبات.

حزب الاستقلال يسعى إلى نموذج تنموي بعمق ترابي

لقد شرعنا في حزب الاستقلال في أجرأة هذه الرؤية الجديدة القائمة على التفاعل والترافع والاقتراح الاستراتيجي والفعل، وذلك من خلال عدد من المبادرات والمشاريع.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى التصور التنموي المعزز بتدابير عملية مبتكرة للنهوض بالشريط الحدودي والجهة الشرقية، الذي بلوره الحزب من خلال فريقه البرلماني في مجلس النواب، ووجه مذكرة بصدده إلى السيد رئيس الحكومة،وذلك حرصا منا على ضرورة بلورة مطالب الساكنة في العيش الكريم كحق دستوري في إطار المهمة الترافعية والاقتراحية الموكولة لنا كحزب سياسي.

كما تفاعلنا مع مقاصد الخطاب الملكي السامي  بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، بتاريخ 13 أكتوبر 2017، الذي دعا فيه جلالته أساسا إلى إرساء نموذج تنموي جديد يضمن تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية للجميع، وبلورة سياسة عمومية مندمجة وخلاقة للشباب قادرة على توفير التكوين والشغل وإدماج الطاقات بما يجعل هذه الفئة الحيوية محركا للتنمية.

ولقد تم تشكيل لجنتين مختصتين من الخبراء الاستقلاليات الاستقلاليين لإعداد تصور حزبنا حول هذين الورشين الاستراتيجيين، من خلال بلورة التوجهات القادرة على تجاوز الإكراهات والاختلالات الحالية، واقتراح الحلول الإجرائية المبتكرة الكفيلة بتيسير هذا التحول المنشود، وذلك انطلاقا من مرجعيات الحزب، ومشروعه المجتمعي التعادلي المتجدد، وبرنامجه المنبثق عن المؤتمر العام 17.

وأود أن أؤكد هنا أن حزب الاستقلال اليوم له تصور متميز ومتكامل للنموذج التنموي الوطني،يؤسس لمفهوم جديد للتنمية البشرية المستدامة بإدماج رهانات التنمية البشرية ومتطلبات التنمية المستدامة.

كما يتميز هذا التصور بتوجهاته ومرتكزاته وتدابيره العملية بعمقها الترابي، ذات الوقع المباشر على حياة المواطنات والمواطنين، والذي يهدف إلى بناء مجتمع ديمقراطي منصف ومتوازن، وواثق في مؤسساته ومستقبله، وذلك بإجراء القطائع الضرورية واعتماد الرافعات الأساسية في عدد من المحاور:

– الحرص على تحصين وتقوية الديمقراطية مع الرفع من فعالية ونجاعة دور مؤسسات الوساطة، سواء تعلق الأمر بأحزاب أو نقابات أو مجتمع مدني، مع احترام الأدوار المنوطة بكل منها؛

– اعتماد معياري خلق الفرص الشغل النافع وتوفير العيش الكريم كمحورين أساسين في صلب السياسات العمومية والقرارات الاقتصادية المعتمدة والمدعَّمة من طرف الدولة؛

– ضمان التعادلية الاجتماعية من خلال القضاء على الهشاشة ومحاربة الفقر وتوسيع الطبقات الوسطى والرفع من مستوى العيش في مختلف أقاليم المملكة؛

– تأهيل المقومات الأساسية للتنمية البشرية:التربية و التعليم؛والصحة والتغطية الاجتماعية؛ ومساواة النوع والارتقاء بدور المرأة؛ ثم حماية البيئة واحترام حقوق الأجيال المقبلة؛

– تحسين الجاذبية والتنافسية الاقتصاديتين، واختيار القطاعات الإنتاجية المواتية لجعل المغرب قاعدة دولية للاستثمار والتصدير؛

– بلورة وتفعيل رؤية وطنية طويلة المدى من أجل إدماج إرادي للمغرب في الثورات العلمية والتكنولوجية المرتقبة وضمان الاستدامة.

– اعتماد حكامة ناجعة وشفافة، مع تنزيل الجهوية الموسعة والتفعيل الممنهج والعادل لربط المسؤولية بالمحاسبة كنهج أساسي للحد من الفساد وإرساء أسس التعادلية الاجتماعية.

وستكون لنا فرصةٌ خلال شهر رمضان الأبرك من خلال تنظيم عدد من اللقاءات والمسامرات، لتوسيع النقاش الحزبي حول هذين المشروعين، في أفق إغنائهما وعرضهما للنقاش العمومي، وفي إطار الحوار الوطني حول النموذج التنموي والسياسة الجديدة للشباب، وهو الحوار الذي نرجو من الحكومة أن تُعَجّلَ بإطلاقه واحتضانه، كما وعدت بذلك، بموجب مسؤوليتها الدستورية.

استراتيجية النهوض بالأداء الحزبي  مقاربة تشاركية واستشارات تفاعلية مع الاستقلاليين والاستقلاليات

لقد برهنتم خلال المؤتمر العام 17 وفي استحقاقات انتخاب قيادة الحزب، عن وعي كبير بالتحولات التي تعرفها بلادنا على كافة المستويات وعن ذكاء جماعي في استيعاب المستجدات السياسية والتنموية لاسيما فيما يتعلق بالممارسة الحزبية والتمثيلية الانتخابية، وخدمة الصالح العام، وتفعيل المقتضيات الدستورية وفي مقدمتها ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وقد انبثق عن هذا التعاقد الجديد استراتيجية للنهوض بأداء حزبنا ( 2017-2021)، وهي الاستراتيجية التي اعتمدنا في إعدادها، كما تعلمون، على المقاربة التشاركية واستشارات تفاعلية مع المناضلات والمناضلين قبل المؤتمر، وخلاله، وفي أعقابه بِمعية القيادة الجديدة للحزب؛ وتتمحور حول خمسة أهداف:

– تقوية رصيد الوحدة والمصالحة والثقة داخل البيت الاستقلالي؛

– تثمين واستثمار وإغناء المرجعية الفكرية والقيمية التي يتميز بها الحزب؛

– اعتماد حكامة داخلية ناجعة وخلاقة في تسيير الهياكل التنظيمية للحزب؛

– جعل خدمة المواطن هدفا محوريا تتقاطع حوله مختلف القرارات والمواقف السياسية والأنشطة التأطيرية والمبادرات المواطنة التي يقوم بها الحزب؛

– تعزيز الموقع المؤثر للحزب في المشهد الحزبي والسياسي وتطوير إشعاعه على الصعيدين الوطني والدولي.

وقد شرعت قيادة الحزب مباشرة بعد المؤتمر، وعيا منها باستعجالية الإنكباب على العمل وتقوية التنظيم ورص الصفوف واستعادة زمام المبادرة وتقوية حضور الحزب في المشهد السياسي الوطني، شرعت في أجرأة الإستراتيجية الجديدة من خلال برنامج عمل قصير المدى، تضمن على الخصوص:

– توزيع لمهام أعضاء اللجنة التنفيذية وفق مقاربة جديدة تتجاوز منطق التقسيم القطاعي وتأخذ بعين الاعتبار مرتكزات الإستراتيجية الجديدة وخاصة ما يتعلق أساسا بخدمة المواطن وسبل إعادة اعتباره وتحقيق عزته وكرامته.

وفي هذا الإطار، استحدثنا مهام جديدة تتمحور في مجملها حول خدمة المواطن نذكر منها:  

– خدمة المواطن في مجال التأهيل الاجتماعي؛

– خدمة المواطن في مجال الترافع؛

– اليقظة الإستراتيجية لمواكبة انشغالات المواطنين وانتظاراتهم؛

– دعم الجماعات الترابية والغرف المهنية لتحسين الأداء وتقوية النجاعة في خدمة المواطنات والمواطنين.

– القيام بزيارات ميدانية ولقاءات تواصلية لقيادة الحزب في عدد من الجهات والأقاليم للتواصل المباشر مع المناضلات والمناضلين وعموم المواطنين والإنصات لهمومهم وانشغالاتهم.

– الشروع في العمل بمنهجية جديدة في اختيار مسؤولي الإدارة الحزبية تقوم على الكفاءة والشفافية وتكافؤ الفرص وربط التنظيم بالنتيجة أو المسؤولية بالمحاسبة.

وفي هذا الإطار، قمنا بفتح باب الترشيح لمهمة مفتش إقليمي لأول مرة، وإحداث لجنة قيادة الحزب تكلفت بمهمة انتقاء المرشحين بناء على معايير موضوعية وضعتها قيادة الحزب.

– بتقييم التقارير المقدمة من طرف المفتشين الإقليميين حول الوضعية التنظيمية للحزب في الأقاليم.

– وسنقوم بإبرام برامج تعاقدية مع الإدارة والتنظيمات الحزبية، ومع المنظمات الموازية والروابط المهنية.

– وضع ميثاق المناضل الاستقلالي والعمل التطوعي.

– إعداد نظام معلوماتي مندمج يتضمن كل المعطيات والبيانات الخاصة بإدارة وتنظيمات الحزب وبأطره ومنخرطيه ومنتخبيه.

– إعداد دليل للممارسات الجيدة لفائدة المجالس المنتخبة التي يترأسها الحزب أو يشارك في تسييرها.

– وضع برنامج خاص بدعم قدرات وأعمال الجماعات الترابية التي يترأسها الحزب أو يشارك في تسييرها، وبالتكوين القانوني والتواصلي لمرشحي الحزب بمناسبة الاستحقاقات الجماعية والجهوية.

تطوير منظومة الإعلام والتواصل الحزبي

– فتح ورش تطويري منظومة الإعلام والتواصل الحزبي، حيث أطلقنا دراسة لمعرفة آراء وتوجهات الاستقلاليات والاستقلاليين بخصوص جريدة العلم، وأكدت المخرجات الأولية لهذه الدراسة على ضرورة تطوير الخط التحريري للجريدة ووضع ميثاق للتحرير وتطوير الأداء المهني بالكيفية التي تعزز انفتاحها وتفاعلها مع انتظارات الاستقلاليات والاستقلاليين وعموم الجمهور المتلقي.

كما أننا بصدد التفكير في إصلاح شمولي لشركة الرسالة قصد تقوية حكامة هذه المؤسسة، وإرساء النموذج الاقتصادي لجريدتي العلم ولوبينيون. كما سيشمل هذا الإصلاح إطلاق النسخة الإلكترونية للجريدتين.

وفيما يخص التواصل الرقمي، فقد قمنا بإعداد وإطلاق البوابة الإلكترونية الجديدة للحزب MIZANE.ma، وهي الآن رهن إشارة العموم كما أننا بصدد إنجاز المنصة الإلكترونية للحزب، والتي تدمج بين خصوصيات قاعدة البيانات بحيث ستتيح للحزب إمكانية التوفر على قاعدة التنظيمات الحزبية، كما أنها ستوفر نوافذ خاصة بمؤسسات الحزب وهياكله ومنظماته وروابطه وفروع الحزب ومفتشياته بجميع الأقاليم وتوفر إمكانيات نشر جميع الأنشطة التي تقوم بها.

2018 سنة التنظيم الحزبي

لقد قررت قيادة الحزب جعل سنة 2018 سنة التنظيم بامتياز، وشرعت تبعا لذلك في إعادة الهيكلة التنظيمية للحزب، ووجهت بهذا الخصوص دورية للأخت والإخوة المفتشين مرفوقة بأرضية لهيكلة الفروع وتجديدها، تؤكد على توجيهات القيادة الحزبية بضرورة إعطاء الأولوية في إعادة الهيكلة الحزبية لتجديد الفروع أو إحداثها في المناطق التي لا توجد فيها، وذلك بهدف استعادة توهج وقوة الحضور التنظيمي للحزب في عموم الجهات والأقاليم.

كما تؤكد على ضرورة وضع أجندة زمنية حتى متم شهر دجنبر المقبل لتكوين الدوائر وتجديد الفروع أو تأسيسها مع الحرص على إعمال الديمقراطية والنزاهة والشفافية بعيدا عن أي تدخل أو توجيه أو إقصاء.

كما قضت قيادة الحزب بأن تشرع المنظمات الموازية والروابط المهنية في تجديد هياكلها، بغية استثمار كل قدرات الحزب التنظيمية في تقوية حضوره في الاستحقاقات القادمة.

ودعت إلى ضرورة تحلي الجميع، خلال عملية إعادة الهيكلة التنظيمية، بالجدية والمسؤولية وروح الوحدة والمصالحة والثقة داخل البيت الاستقلالي، بما يعزز رص الصفوف وتوحيد الكلمة وتفادي أسباب الشِقاق والفُرقة التي كانت سببا في تعطيل جهود العديد من الطاقات والكفاءات الحزبية خلال الفترات السابقة.

وقد انطلقت بحمد الله، في جو من الاستعداد المسؤول والتعبئة الشاملة، عملية تجديد الفروع وتأسيسها في مختلف العمالات والأقاليم. وبدأنا نتوصل بتقارير حول الفروع التي تم تجديدُها ولوائح أعضاء مكاتبها الجديدة، وستستمر هذه العملية حتى نهاية هذه السنة، وسنقوم حينها بتقييم مسارها ومدى الالتزام بتوجهات قيادة الحزب بشأنها.

كما أن المنظمات الموازية للحزب تعرف حركية ودينامية جديدة، حيث شرعت في التحضير لمؤتمراتها الوطنية التي ستنعقد قبل نهاية السنة الجارية، كما هو الشأن بالنسبة للشبيبة الاستقلالية والجمعيات المنضوية تحت لوائها، ومنظمة المرأة الاستقلالية وغيرها…، كما انطلقت عملية تجديد الروابط المهنية، بتجديد مكتب رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين التي تولى رئاستها الأخ عبد اللطيف معزوز.

انتظامية دورية انعقاد مجلس المفتشين

كما حرصت القيادة الجديدة للحزب على انتظامية دورية انعقاد مجلس المفتشين، وفقا لمقتضيات الفصل 46 من النظام الأساسي للحزب، حيث جرى عقد دورتين عاديتين بعد المؤتمر العام 17 بالمركز العام للحزب، واحدة في شهر دجنبر والثانية في بداية شهر أبريل، قمنا فيهما بتشخيص وضعية الحزب وتقييم حصيلته الانتخابية والتنظيمية في جو من الصراحة والمكاشفة. كما قدمنا محاور الإستراتيجية الجديدة للنهوض بأداء الحزب (2017-2021) ومضامين عقد البرنامج المزمع إبرامه بين قيادة الحزب والأخت والإخوة المفتشين.

وقد تم التشديد على ضرورة جعل محطة مجلس المفتشين آلية مستمرة للتتبع والتقييم والتخطيط المستقبلي لتطوير أداء الحزب.

وقد عبر الإخوة المفتشون عن الاستعداد التام والانخراط الكامل في إستراتيجية القيادة الحزبية والتعبئة من أجل تنفيذ توجهاتها الهادفة إلى تقوية الأداء التنظيمي وخدمة مصالح المواطنات والمواطنين.

وقد كانت المناسبة سانحة لدعوة الأخت والإخوة المفتشين للتعبئة من أجل توزيع بطائق الحزب الجديدة لتجديد بطائق انخراط الأعضاء القدامى والحرص على استقطاب أكبر عدد من المنخرطين الجدد من المتعاطفين مع مبادئ الحزب والمتجاوبين مع أهدافه والذين يتحلون بأخلاق فاضلة وسلوك حسن.

وقد قررت قيادة الحزب أن يكون منح البطاقة مقابل 10 دراهم حتى لا تبقى بالنسبة لبعض المنخرطين مجرد ورقة عادية ويشعر المناضلات والمناضلون بقيمتها وبضرورة مساهمة حاملها في دعم الحزب على الصعيد المحلي وبالالتزام بأهدافه وبرنامج عمله.

بنفس الحماس والدينامية في الانكباب على العمل والالتزام بقوانين الحزب، جعلت قيادة الحزب من شهر مارس المنصرم شهر عقد المجالس الإقليمية، وقدشهد الدوراتالتي تم عقدها انخراطا واسعا لجميع مكونات الحزب وعيا منها بما لهذه المؤسسة التنظيمية المفصلية من أهمية بالغة في الجسم الحزبي وفي التنزيل الترابي للإستراتيجية الجديدة للنهوض بأداء الحزب.

وقد تعبأ الأخوات والإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية مشكورين، لترؤُس أشغال المجالس الإقليمية في مختلف العمالات والأقاليم، وتنظيم لقاءات مع الأطر الاستقلالية في عدد من الأقاليم، وستستمر هذه الاتصالات بحول الله لخلق فرص الحوار وتبادل الرأي مع المناضلات والمناضلين في الفروع ومختلف التنظيمات وضمان التواصل المباشر بين القيادة والقواعد.

ويسرني أن أخبركم أن جل المجالس الإقليمية قد عقدت اجتماعاتها ونتوصل بكيفية مستمرة بتقارير المفتشين حول أشغالها، ونولي هذه التقارير كامل عنايتنا واهتمامنا، ونعكف على دراستها وتحليلها وتقييم ما ورد فيها لاستخلاص النتائج والبناء عليها لتحسين أداء الحزب وتطوير عمله.

لم نكتف، في تفعيل الإستراتيجية الجديدة بعقد الدورات العادية لمجالس المفتشين والمجالس الإقليمية في وقتها وإطلاق عملية واسعة لتجديد الفروع والمنظمات الموازية والروابط المهنية، بل قمت من جانبي بزيارات ميدانية وعقدت لقاءات تواصلية في عدد من جهات المملكة بمعية بعض أخواتكم وإخوانكم في اللجنة التنفيذية، منها ما كان جماهيريا مفتوحا للعموم ومنها ما كان تنظيميا داخليا، ومنها ما كان مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وفعاليات المجتمع المدني.

لقاءات تواصلية وتنظيمية مع المناضلين والمواطنين 

وهكذا ترأست لقاءات تواصلية وتنظيمية بكل من مدن، الراشيدية، جهة درعة تافيلالت (بتاريخ 12 نونبر 2017)، ومراكش، جهة مراكش آسفي (بتاريخ 14 يناير 2018)، ووجدة بجهة الشرق (بتاريخ 03 مارس 2018)، ومدينة تطوان بجهة طنجة تطوان الحسيمة (بتاريخ 10 مارس 2018).

وقد مرت هذه اللقاءات التنظيمية في جو أخوي، حماسي ومسؤول، عبر فيه المناضلات والمناضلون عن تعبئتهم وراء قيادة الحزب وانخراطهم الكامل في الاستراتيجية الجديدة لتطوير عمل الحزب والنهوض بأدائه.

وكانت هذه اللقاءات مناسبة لتقوية جسور الوحدة والمصالحة،والتئام شمل العائلة الاستقلالية بكل مكوناتها، كما كانت فرصة لاستعراض المشاكل والصعوبات التنظيمية بهذه الجهات وتحليل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بها وتقديم الاقتراحات ومشاريع الحلول الهادفة إلى تحسين هذه الأوضاع وتطوير الأداء الحزبي بها.

كما كانت زيارة هذه الجهات مناسبةً لترؤس بعض اللقاءات الدراسية التي نظمها فريقنا البرلماني بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، ونخص بالذكر هنا اللقاء الدراسي بمراكش الذي نظمه فريقنا بمجلس المستشارين في موضوع: “تعبئة الموارد المائية وحمايتها بالمغرب: أية استراتيجية”، واللقاء الدراسي الذي نظمه فريقنا بمجلس النواب ببوعرفة (إقليم فكيك) في إطار الملتقى الجهوي بالشرق تحت شعار: “السياسات العمومية البديلة لإنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالمناطق الحدودية”.

وقد كانت هذه الزيارات الميدانية مناسبة كذلك لعقد اجتماعات مع عدد من الفاعلين الاقتصاديين وفعاليات المجتمع المدني بكل من وجدة والناظور وطنجة تم خلالها استعراض مشاكل وصعوبات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بهذه الأقاليم والتأكيد على ضرورة تدخل الدولة لإيجاد السبل الكفيلة بتحريك النشاط الاقتصادي بها وبلورة الحلول والبدائل الكفيلة بتنميتها وتطويرها وفق رؤية واضحة واستراتيجية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار حجم الخصاص المتراكم وتستفيد من الإمكانيات الطبيعية والبشرية التي تزخر بها هذه المناطق.

وعلى مستوى شبيبة الحزب، وتخليدا للذكرى 62 لتأسيس منظمة الشبيبة الاستقلالية، احتضنت مدينة العيون أشغال ملتقى جماهيري حاشد لأطر وكفاءات الشبيبة الاستقلالية، تحت شعار: “الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد”.

وبالإضافة إلى الزيارات الميدانية واللقاءات التواصلية المذكورة، فقد انصب اهتمامنا على دعم ومساندة مرشحينا في حملاتهم الانتخابية، في الأقاليم التي نظمت بها انتخابات برلمانية جزئية، ويتعلق الأمر بأقاليم، أكادير، وجدة، كرسيف والناظور وبرشيد، حيث نجح الحزب في الحصول على مقعدين بكل من وجدة في شخص الأخ عمر حجيرة وبرشيد في شخص الأخ طارق القادري.

الديبلوماسية الموازية خدمة للقضايا الوطنية والترافع والدفاع عن المصالح العليا للبلاد

تعتبر الدبلوماسية الموازية بالنسبة لحزب الاستقلال رهانا حقيقيا عبر اعتماد مقاربة جديدة للاشتغال الدبلوماسي الموازي، وذلك بتوسيع شبكة علاقاته الحزبية الدولية، وتقوية مساهمته النشيطة في الدبلوماسية الحزبية لخدمة القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية وحدتنا الترابية والترافع والدفاع عن المصالح العليا لبلادنا.

وهكذا، ومنذ انتخاب القيادة الجديدة للحزب، لم نتوان في عقد اللقاءات وإجراء المباحثات وتنظيم جلسات العمل مع التمثيليات الدبلوماسية وممثلي الأحزاب السياسية واستقبال الوفود الأجنبية والمشاركة النشيطة والفاعلة في المحافل الحزبية الدولية.

وفي هذا الإطار واصل حزب الاستقلال نشاطه الدبلوماسي الحزبي والاضطلاع بدوره في إشعاع صورة المغرب في المحافل الحزبية الدولية، والترافع والدفاع عن قضيتنا الوطنية وخدمة مصالح بلادنا العليا، من خلال مشاركة الأمين العام للحزب، بمعية الأخ رحال مكاوي عضو اللجنة التنفيذية، المسؤول عن العلاقات الخارجية، في مؤتمر الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط المنعقدة ببودابست خلال الفترة الممتدة من 15 إلى 17 فبراير 2018.

وبهذه المناسبة، أجرى الأمين العام للحزب لقاءات مكثفة مع ممثلي الأحزاب المشاركة تركزت حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك والترافع حول قضية وحدتنا الترابية، والتطور التنموي ببلادنا في ظل انطلاق تفعيل الاشتغال على النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

وعلى نفس المنوال، كانت مشاركة قيادة الحزب في اجتماع الاتحاد الديمقراطي الدولي المنعقد بمدريد بتاريخ 21 فبراير 2018 تم خلاله التأكيد على الجهود التي تبدلها بلادنا تحت قيادة جلالة الملك في ترسيخ البناء الديمقراطي وتوسيع مجال الحقوق والحريات بمختلف أجيالها من خلال ترقيتها وإعطائها بعدا قويا بإدراجها ضمن دستور 2011 بالإضافة إلى تعزيز أواصر الشراكة والتعاون مع عدد من الأحزاب الصديقة.

وتعزيزا لتموقع حزبنا في المنظمات الحزبية الدولية، تم انتخاب الأخ عبد المجيد الفاسي المكلف بالعلاقات الخارجية لمنظمة الشبيبة الاستقلالية، نائبا لرئيس منظمة الأممية الأوروبية للشباب الديمقراطي خلال مؤتمرها العام المنعقد ما بين 12 و15 ابريل الجاري بدولة المونتينيكرو.

وفي مجال تعزيز العلاقات الثنائية، سبق لي أن استقبلت سفراء كل من دول، فلسطين، الصين وبلجيكا، والمدير المقيم للمعهد الديمقراطي الوطني بالإضافة إلى وفد عن حزب المحافظين البريطاني الحاكم ضم السيدين سيمون بورنز برلماني سابق، وزير الصحة ووزير النقل سابقا وروبن كوين دبلوماسي سابق عن قسم العلاقات الخارجية بحزب المحافظين، كما عقد وفد من حزب الاستقلال بالدار البيضاء جلسة عمل  مع وفد عن حزب الجمهوريين الفرنسي.

وقد تناولت قيادة الحزب في مختلف هذه اللقاءات قدسية قضية وحدتنا الترابية، وسيادتنا الوطنية وصلابة الإجماع الوطني حولها، كما تناولت دراسة السبل الكفيلة بتعزيز أواصر التعاون والشراكة في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وسيستقبل الحزب في 07 ماي المقبل، وفدا عن حزب الشعب الأوروبي كما سنقوم مستقبلا بزيارة عدد من الأحزاب الأوروبية الصديقة بهدف تعزيز علاقات الشراكة والتعاون والترافع عن قضية وحدتنا الترابية.

الفريق الاستقلالي بالمجلسين.. حضور قوي ومواقف متميزة

بخصوص العمل البرلماني، حرص الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين على تسجيل حضور قوي ومواقف متميزة من خلال تتبعه لمختلف القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني وتشغل بال المواطنات والمواطنين، في انسجام مع توجهات المغرب واختياراته، وقناعات الحزب ومبادئه وتوجهاته.

فعلى مستوى التشريع، ساهم الفريق الاستقلالي بالعديد من مقترحات القوانين (مجموعها 23 مقترحا) لم تتجاوب الحكومة إلا مع القليل منها (قبول أربعة فقط)، وهو ما ينطبق أيضا على التعديلات التي تقدم بها الفريق بشأن مشاريع قوانين المالية، (في 2017 تم قبول تعديلين من أصل 25، و 2018 تم قبول 5 تعديلات من أصل 33).

وعلى مستوى مراقبة العمل الحكومي، فقد بصم الفريق على حضور ونشاط ملحوظين سواء تعلق الأمر بجلسات الأسئلة الشفوية، حيث تم طرح 500 سؤال شفوي، تمت الإجابة على 375، أو تعلق بالأسئلة الكتابية، حيث تم توجيه 649 سؤالا كتابيا، تمت الإجابة على 354.

ومن ناحية أخرى، فقد حرص الفريق على التواصل مع محيطه من مختلف الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني بهدف إشراكها في القضايا المطروحة، بما فيها النصوص التشريعية المعروضة على مجلس النواب.

أما الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، فقد حرص من ناحيته، على الاضطلاع بأدواره الدستورية، من خلال المشاركة الفعالة والنوعية لأعضائه كفريق يحتل موقعا متقدما بالمجلس وكذا التركيبة المتنوعة والمتعددة الاختصاصات والامتدادات لأعضائه وهو ما أعطى لعمل الفريق شحنة خاصة انعكست إيجابا على أدائه.

فقد واكب الفريق، في إطار النقد البناء والهادف، بالدراسة والترافع وتقديم التعديلات الضرورية على مختلف مشاريع القوانين التي أحيلت على مجلس المستشارين، توزعت مضامينها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والمؤسساتية (عددها 27 مشروع قانون بما فيها مشروع قانون المالية 2018).

وقد قبلت الحكومة عددا من التعديلات التي تقدم بها الفريق (%20 من أصل حوالي 100 تعديل).

ولم يكن تعامل الحكومة مع مقترحات القوانين التي تقدم بها الفريق بالإيجابي، فمن أصل 3 مقترحات عبرت الحكومة عن استعدادها لمناقشة واحدٍ فقط.

وفيما يتعلق بمراقبة العمل الحكومي، عمل الفريق على كشف العديد من الاختلالات ومظاهر العطب الذي تعاني منه العديد من السياسات العمومية القطاعية واقترح ما يراه من بدائل ممكنة سواء عبر الأسئلة الشفوية أو الكتابية أو خلال الجلسات الشهرية المخصصة لتقييم السياسات العمومية، وهكذا تقدم الفريق خلال هذه الدورة ب 160 سؤالا شفويا وكتابيا أجابت الحكومة على حوالي %50 منها.

وبخصوص تعزيز الدبلوماسية البرلمانية، فقد حرص الفريقان على تسجيل حضورها المتميز في جمعيات الصداقة والمنتديات البرلمانية القارية منها والدولية، إسهاما منهما في المجهود الدبلوماسي البرلماني الذي يتمحور أساسا حول قضية الوحدة الترابية للمملكة، وتعزيز الدينامية الاقتصادية الوطنية وخدمة المصالح العليا للبلاد.

 دعم ثابت للقضية الفلسطينية وتضامن مع القضايا العادلة في العالم

إن انشغالنا بقضايا الوطن والمواطنين، ومطامح التطور والتقدم التي نَرتضيها لبلادنا، لا يَشغلُنا في حزب الاستقلال عن التزاماتنا المبدئية تجاه أمتنا العربية والإسلامية وتضامننا مع القضايا العادلة في العالم.

وفي هذا الصدد، وعلى إثر ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من اعتداءات متكررة للكيان الصهيوني على الإنسان والمقدسات الإسلامية في الأراضي المحتلة، ما فتئ حزب الاستقلال يعلن تضامنَه المطلق مع هذه القضية العادلة التي نعتبرها قضية العرب والمسلمين الأولى.

وقد عبرنا عن رفضنا التام لإعلان الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان الإسرائيلي، ولأي محاولة تروم تغيير الوضع الاعتباري والقانوني والسياسي للمدينة المقدسة كحاضرة للديانات السماوية الثلاث. كما شاركنا كقيادة في المسيرة الشعبية الحاشدة بمدينة الرباط، إلى جانب مختلف شرائح المجتمع المغربي،للتعبير عن إدانتنا القوية لهذا القرار الذي يمس الوجدان العربي الإسلامي، والتأكيد على ضرورة الاستجابة الفورية لكافة حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق بما فيها حقُهُ في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة، عاصمتُها القدس الشريف. 

وبهذه المناسبة ننوه بالدور الريادي والمجهودات والمساعي الدولية التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس أيده الله بصفته أميرا للمؤمنين ورئيس اللجنة القدس في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن المدينة المقدسة، والحفاظ على وضعها الاعتباري وخصوصيتها الدينية المتعددة.

الذكرى 44 لوفاة الزعيم علال الفاسي مناسبة لإستحضار مواقفه الوطنية الخالدة وتضحياته المجيدة

تنعقد دورة المجلس الوطني هاته، ونحن على بعد أيام قليلة من حلول الذكرى 44 لوفاة زعيم التحرير علال الفاسي طيب الله ثراه، وهي مناسبة نستحضر فيها روح هذا الزعيم الوطني الفذ تقديرا لما بذله من تضحية وكفاح وطني صادق في سبيل الحرية والاستقلال، واعتزازا بمواقفه الوطنية الخالدة وتضحياته المجيدة من أجل الوحدة والعزة والكرامة.

آمل أن تسود لقاءَنا اليوم شمائل الوفاء لروادنا الأفذاذ وأن نستلهم من حكمتهم ومواقفهم الوطنية النبيلة الدروس والعبر لاستكمال رسالة حزب الاستقلال في الحرية والوحدة، وبناء الديمقراطية الحقيقية، وتحقيق التنمية والتعادلية الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن شروط الحياة الكريمة لكافة المواطنات والمواطنين.

كما آمل أن يحرص جميعُ الاستقلاليات والاستقلاليين على رص الصفوف وتوحيد الكلمة وتقوية تماسك بنيان البيت الاستقلالي الذي يأوينا جميعا.