بوابة حزب الاستقلال

الفريق الاستقلالي يناقش مشروع قانون تنظيمي رقم 86.15 متعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

الخميس 28 ديسمبر 2017

المشروع يثير جملة من التساؤلات والإشكاليات


عقدت لجنة التشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، تحت رئاسة المستشار البرلماني عبداللطيف ابدوح ، وبحضور السيد محمد أوجار وزير العدل، جلسة يوم الاربعاء 27 دجنبر 2017، من أجل مناقشة مشروع قانون تنظيمي رقم 86.15 متعلق  بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، وفي هذا الإطار تدخل الأخ أبدوح باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية  بمجلس المستاشارين، حيث أكد  أن هذا النص  يندرج أساسا  في إطار تفعيل المقتضيات الدستورية التي تؤسس لبناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، مبرزا أن  تنزيل هذا المقتضى الدستوري يثير  جملة من التساؤلات والإشكاليات ، تتمثل في كيفية التوفيق بين الغاية من إحداث آلية “الدفع بعدم الدستورية”  وبين ضرورة الحفاظ على نظام قضائي فعال قادر على الحد من تعسف بعض المتقاضين في استعمال الحق، في ما يلي النص الكامل لتدخل الأخ عبدالطيف أبدوح:

 يشرفني أن أتدخل باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في مناقشة مشروع تنظيمي رقم 86.15 يتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون.
إن النص الذي نحن بصدد مناقشته اليوم ، يندرج أساسا  في إطار تفعيل المقتضيات الدستورية التي تؤسس لبناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، كما أن هذا النص يكتسي أهمية قصوى باعتباره جزءا أساسيا في الكتلة الدستورية، وعنصرا فعالا لاستكمال المتن الدستوري إحالة وتشريعا .
إننا في الفريق الاستقلالي  وبعد استقرائنا لهذا النص  موضوع مناقشتنا اليوم ،  ننوه  بمضامينه على اعتبار أن  مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين هو آلية جديدة للرقابة البعدية على القوانين في منظومتنا القانونية والقضائية، عن طريقها سيصبح بإمكان كل من له الصفة الدفع بأن القانون الذي سيطبق عليه  في النزاع المعروض أمام المحكمة، يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، وبذلك فحق إحالة القوانين غير الدستورية على المحكمة الدستورية لم يعد قاصرا على الطبقة السياسية، بل أصبح من حق المتقاضين أيضا من خلال مسطرة الدفع بعدم الدستورية، مما يشكل ثورة حقوقية وخطوة حاسمة في النظام الدستوري المغربي.
إن نص المشروع القانون التنظيمي  الذي نناقشه  يجد مرجعيته في الفصل 133 من دستور  2011 إلا أن تنزيل هذا المقتضى الدستوري يثير  جملة من التساؤلات والإشكاليات، تتمثل في كيفية التوفيق بين الغاية من إحداث آلية “الدفع بعدم الدستورية” والمتمثلة في صيانة الحقوق  والحريات التي يضمنها الدستور للجميع، وبين ضرورة الحفاظ على نظام قضائي فعال قادر على الحد من تعسف بعض المتقاضين في استعمال الحق، وقادر أيضا على ضمان صدور الأحكام في “أجل معقول”، وهو مبدأ مقرر بدوره في الدستور.
ومن أبرز الإشكاليات المثارة في هذا الصدد تلك المرتبطة بنظام تصفية الطلبات،الذي جعله النص من اختصاص  محكمة النقض، وهو توجه  مقبول قد يسهم في التخفيف من عدد الطلبات الكيدية المحالة على المحكمة الدستورية، بيد  أننا ننبه إلى إمكانية  تحول هذا  النظام إلى ممارسة رقابية  قبلية لدستورية القوانين بدل المحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص الأصيل حسب الفصل 133من الدستور  ، وهذا الأمر سيطرح  إشكالية تداخل  الاختصاصات ، كما يخشى أن يتحول قاضي الموضوع إلى قاضي دستوري سلبي خصوصا في حالة تعطيله لعملية إحالة الدفوعات إلى المحكمة الدستورية بشكل مستمر،على اعتبار أن  القرارات الصادرة عن محكمة النقض برفض  إحالة الدفع غير قابلة لأي طعن، مما يحول دون تقدير أو مراقبة التصفية من لدن المحكمة الدستورية.
لذا نود التأكيد على ضرورة إيجاد صيغة لإعادة النظر في القرارات القاضية برفض الإحالة الصادرة عن محكمة النقض بإرساء آلية للحوار بين محكمة النقض والمحكمة الدستورية لتجاوز مختلف الصعوبات المرتبطة بالتصفية تحقيقا للعدالة الدستورية التي توخاها المشرع الدستوري المغربي من إحداث آلية الدفع بعدم دستورية قانون.
نلاحظ من خلال قراءة  الفقرة الأولى من المادة 11 من المشروع  قد أسندت مراقبة جدية الدفع لمحكمة النقض مستبعدة بذلك محكمة الموضوع من مراقبة الجدية وهو توجه في نظرنا غير موفق ، لأن مراقبة الجدية من لدن محكمة الموضوع سيسهم في تيسير عمل محكمة النقض عند مراقبتها للجدية مما قد يقلص من أجل نظر محكمة النقض في الدفع، الشيء الذي  سينعكس بالإيجاب على حقوق المتقاضين.
كما  أن المشروع لم يضع معايير مضبوطة لمصطلح الجدية  حيث جاء في نظرنا فضفاضا ويحتمل عدة تأويلات حيث أننا نسجل غياب التنصيص على  معيار حاسم حول جدية الدفع، وترك الأمر بذلك لمحكمة الموضوع تفصل فيه بحكم يجوز أن يكون محلا للطعن استقلالا أمام المحكمة الأعلى درجة .
وفي الأخير نؤكد على أننا مع هذا المشروع قانون التنظيمي على اعتبار أنه لا ينشد رهانات سياسية بقدر ما له ارتباط بحقوق المواطنين ويشكل ثورة على مستوى الكتلة الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات، بغية تحقيق الأمن القانوني والحفاظ على فعالية النظام القضائي .