بوابة حزب الاستقلال

علي بوعبيد : المجهود المؤسساتي لم يستثمر بالشكل المطلوب وعوائق حقيقية تعترض مسار التنمية والإصلاح

الثلاثاء 25 ديسمبر 2018

في إطار برنامجها الثقافي لموسم 2018 - 2019، نظمت مؤسسة علال الفاسي يوم الجمعة 21 دجنبر 2018، ندوة فكرية هامة حول موضوع "النموذج التنموي الجديد والإصلاح المؤسساتي"، ترأسها الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال ورئيس المؤسسة.

وشارك ضمن أشغال هذه الندوة العلمية كل من الأساتذة شيبة ماء العينين شيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال، وإدريس الأزمي الإدريسي رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، وأنيس بيرو عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعلي بوعبيد المندوب العام لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد.

وتناول علي بوعبيد الكلمة، مؤكدا أن مراجعة النموذج التنموي الحالي تستدعي مراعاة مضمون هذه المراجعة، مبرزا أن دعوة جلالة الملك في هذا الصدد تتجه نحو مقاربة شمولية لا تسثني أي جانب من النموذج التنموي، مستدلا بمقتطف من نص رسالته السامية للمشاركين في المنتدى البرلماني الثالث للعدالة الاجتماعية، "إنما نتوخى  من الدعوة إلى مراجعة هذا النموذج، أكثر من مجرد إصلاحات قطاعية معزولة، إعادة ترتيب بعض الأوراش الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، وإنما نتطلع لبلورة رؤية مندمجة للنموذج السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولمنظومة الحكامة المركزية والترابية في كل أبعادها بما في ذلك المنظومة القانونية التي تؤطره، رؤية كفيلة بإعطائه دفعة قوية وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره ومعالجة نقط الضعف التي أبانت عنها التجربة".

وسجل بوعبيد أن لجوء جلالة الملك محمد السادس إلى مصطلح المراجعة ينطوي ضمنيا على ضرورة تفعيل حسي نقدي بمفهوم نبيل لهذه المراجعة للنموذج التنموي، مؤكدا أن هذين التوجهين يوفران شروط نقاش وتفكير جماعي مفتوح وجريء قابل لقراءات مختلفة، معتبرا أن مداخلته سيقارب من خلالها موضوع الإصلاح المؤسساتي والنموذج التنموي الجديد باعتماد مدخل نظري يوحي بالابعاد والرهانات المختلفة التي ينطوي عليها موضوع التطور المؤسساتي كمفهوم حظي في السنوات الأخيرة باهتمام بالغ من طرف مجموعة من الباحثين في العالم وبالخصوص في الولايات المتحدة الامريكية.

واكتفى علي بوعبيد باستحضار أشغال المؤرخ الأمريكي "دوغلاس نورث" الذي يعتبر مرجعا فيما يخص موضوع التطور المؤسساتي، من خلال ما يسمى بنظرية الأنظمة الاجتماعية التي أصدره في كتاب مشهور بعنوان "violence et ordres sociaux"، مبرزا أن جوهر عطاء هدا المؤرخ يكمن في بلورة إطار نظري مفاهيمي على شكل شبكة للقراءة أو بطاقة خرائطية للمحطات التي يمر منها التطور المؤسساتي من المجتمعات التقليدية إلى المجتمعات الراقية.

وأكد بوعبيد أن الشعور السائد لدى عامة المغاربة اليوم هو أن معظم المؤسسات لا تقوم بالأدوار والمهام المنوطة بها باستثناء بعض مؤسسات الحكامة، معتبرا أن المجهود المؤسساتي لم يستثمر بعد بالشكل المطلوب، ويمكن توظيف هذا الشعور بقرائن دالة، لأن السبب في ذلك لا يرجع بالدرجة الأولى إلى منطوق الدستور الذي لم يستنفد عطاءه، كما لا يرجع إلى إرادة معزولة، ولا إلى وتيرة المسار بقدر ما له طابع نظامي ومنظوماتي يتجلى في صعوبة التكيف مع ثقافة المؤسسات بالقبول بمستلزماتها والمراجعات التي يستدعي تفعيلها، مؤكدا أنه خلال حديثه على المؤسسات، لا يقصد المؤسسات السياسية فحسب، بل يقصد ثقافة المؤسسات في مختلف أبعادها.

وأعطى علي بوعبيد في هذا الصدد نظرة خاطفة عن ظاهرة يرى في استمرارها عائقا مركزيا يعترض بشكل مقلق مسار الإصلاح، هذه الظاهرة  تتعلق بما أسماها استمرار هيمنة وطغيان المنطق العمودي الأحادي في تحضير وتصريف القرارات السياسية والإدارية في هذا المجال، مؤكدا أن هذا المنطق هو الذي يتحكم في العلاقة بين الإدارة والمواطن، وما بين مكونات الإدارة ثم بين القطاعات الحكومية، مبرزا أن من غير الممكن استثمار الرأسمال المؤسساتي المتراكم في ظل استمرار ممارسات عمودية من هذا القبيل كون هيمنة هذه الثقافة يفرغ الحديث المتكرر والممل حول انتقائية السياسات من مضمونه.