بوابة حزب الاستقلال

مداخلة لحسن حداد باسم فرق المعارضة حول مشروع قانون التمويل التعاوني

الاربعاء 12 فبراير 2020

مداخلة  لحسن حداد باسم فرق المعارضة  حول مشروع قانون التمويل التعاوني

السيد الرئيس
السيدات والسادة النواب المحترمين
السيد الوزير
 
أصبح التمويل التعاوني وسيلة يلجأ إليها رواد الأعمال الصغار من أجل خلق مقاولة أو تطوير نشاط اقتصادي معين. وسائل التمويل التقليدية من قروض بنكية وغيرها تطرح تحديات بالنسبة للمقاول الصغير أو أصحاب المشاريع الشابة. على العكس من ذلك، يمكن لمن يستعمل التمويل التعاوني أن  يصل إلى التمويل بطريقة سهلة ومبسَّطة؛ ولكنه يقتضي استعداد رائد الأعمال لقبول التشارك والمساهمة من أشخاص لا يعرفهم. ويقتضي كذلك استراتيجية مُحْكمة وناجعة للتواصل والتسويق، وشفافيةً في التعامل مع المساهمين وفي تحضير التقارير الأدبية والمالية.

حدد مشروع القانون ثلاثة أنواع للتمويل التعاوني : تلك المعتمِدة على مساهمة مؤمَّنة للشركاء في الرسملة  تترتب عنها أرباح؛ والمعتمِدة على قروض غير مؤمَّنة؛  والمعتمِدة على المنح والهبات التي لا تقتضي أية التزامات ربحية أو عينية أو قرْضية تجاه المساهمين. هناك نوع آخر لم يتضمنه مشروع القانون وهو المرتكِز على المكافأة والتي بموجبها يكافئ رائد الأعمال الناشئ المساهمين بالمنتوج المزمع صناعتُه؛ ربما في المستقبل سنرجع إلى هذا النوع إذا بدا أنه متداول في الواقع التمويلي المغربي.

ميزات التمويل التعاوني هي أنها تعطي إمكانية التمويل من طرف شريحة عريضة من المساهمين، وتشكل كذلك فرصةً للقيام بماركتينغ للمشروع ومنتوجاته وطريقة عمله. ولكن من مساوئه أنه إن فشل أضرَّ بسمعة منتوجاته و بسمعة من ساهموا في تمويله.
يميل الشباب الرواد الذين يستعملون تكنولوجيا التواصل إلى استعمال هذا النوع من التمويل نظرا لأن لهم كفايات التعبئة والتفاعل عن بعد عبر الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي، ولأن لهم القدرة على الإقناع وجمع التمويلات عبر هذه الوسائل.

وتوجد بالمغرب مشاريع مُوِّلت عن طريق التمويل التعاوني انطلاقا من منصات موجودة في فرنسا ولبنان. نسبة نجاح حملات التمويل مرتفعة في المغرب مقارنة مع دول المنطقة ولكنها تبقى منخفضة مقارنة مع دول أوروبا وأمريكا الشمالية.
المشاريع تعتمد على مدى وعي الجمهور بتقنيات التمويل التعاوني وانخراط مغاربة العالم في تمويل المبادرات داخل المغرب وكذا وجود بنية قانونية مسهِّلة . من هنا جاءت أهمية مشروع القانون الذي انخرطنا في تجويده منذ البداية كفرق المعارضة.
نثمن مشروع القانون الذي أتى في وقته خصوصًا في هذه الفترة التي يضع فيها صاحب الجلالة الأسس لسياسة قوية تشجع البنوك على الانفتاح على المقاولة الصغيرة والمتوسطة وتمويل مبادرات الشباب.

لهذا كان حرصنا كفرق المعارضة خلال المناقشة داخل اللجنة هو تجويد النص وتبسيطه وجعله سندًا قانونيًا قويًا لمبادرات الشباب. ولهذا نثمن تجاوبكم السيد الوزير مع بعض تعديلات المعارضة.

ولكننا مازلنا نظن أن النص لا زال يحيل إلى نصوص تنظيمية كثيرة قد تأخذ وقتًا كثيرًا وقد تزيده تعقيدًا. ونظن أن ما هو مطلوب لخلق منصات للتمويل يتضمن بعض الشروط والوثائق غير الضرورية، ونظن أن 300 ألف درهم كرأسمال قد يقصي شبابًا ليست لهم الإمكانيات ولكن لهم المعرفة والرغبة في خلق منصات تساعد في تمويل مشاريع ذات بعد اجتماعي وميكرواقتصادي.
آلية التمويل التعاوني لا زالت تواجه تحديات كبرى حتى في الدول المتقدمة وفي بيئات متطورة على مستوى مناخ الأعمال مثل بعض دول الخليج. إن تغيير قطاع الخدمات المالية سيأخذ كثيرا من الوقت والجهد، والمثابرة والابتكار والتبسيط والثقة في الأجيال الصاعدة. مشروع القانون هذا سيساهم في هذا الأمر رغم بعض مؤاخذاتنا عليه.

إن التحديات التي تواجه قطاع التمويل التعاوني في دول مثل المغرب تكمن في: الجدوى الاقتصادية لمنصات البحث عن التمويلات في حد ذاتها؛ وغياب التشريعات الملائمة؛ ومدى معرفة ودراية الشباب المقاول بتقنيات التمويل التعاوني؛ وتدني نسبة نجاح حملات التمويل؛ وضعف التمكن من تكنولوجيا التدبير والأداء عبر الانترنيت.

تتقاضى أغلب منصات التمويل التعاوني عمولة من 5 إلى 12 % من قيمة المشاريع وهي مبالغ زهيدة مقارنة مع المواكبة التي تقوم بها منذ بداية الحملة إلى آخرها وبعد الانتهاء من عملية تعبئة الموارد المالية. ولكن هذه العمولة قد تجعلها أقل تنافسية مع عمولات البنوك ومؤسسات التمويل التقليدية، خصوصا وأن منصات التمويل التعاوني تعاني من ضعف السيولة وقلة عدد المشاريع وتدني نسبة نجاح حملات الاكتتاب. لهذا يجب علينا دعم هذه المنصات عبر صناديق المقاولات الصغرى التي تركز على دعم التنافسية وكذا عبر تسهيلات ضريبية وقانونية خاصة.

أكبر تحدي يواجهه قطاع التمويل التعاوني في كثير من دول الجنوب هو غياب القوانين المؤطِّرة وحتى في حال وجودها فإنها لا توفر البيئة الملائمة لتبسيط وتشجيع عمل منصات التمويل التعاوني.

وهذا ما نتمنى تجاوزه بتطبيق هذا المشروع بعد المصادقة عليه تطبيقا سليما .

السيد الوزير،
يمكن للدعم الحكومي للتمويل التعاوني أن يأخذ شكل إعفاءات ضريبية ومِنحٍ لدعم وضع منصات فعالة تعتمد على مقومات تكنولوجية قوية. و بدون تكنولوجيا ناجعة ورقمنة واسعة وتغلغل كبير لوسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن لآلية التمويل التعاوني أن تشتغل بشكل ناجح، لا غبار عليه.

التمويل التعاوني آلية صاعدة لولوج الشباب وحاملي الأفكار ورواد المشاريع الصغرى للتمويل. يتنبأ البنك الدولي بأن رقم معاملات الكراودفاندينغ قد يصل إلى 95 مليار دولار في سنة 2025، أي أنه سيتضاعف عدة مرات بالمقارنة مع مستواه الحالي.

علينا أن نستغل هذه الفرصة ونهيئ الشروط للاستفادة من هذه التقنية الجديدة وذلك لدعم تمويل الاقتصاد، خصوصا المبادرات الصغيرة والمتوسطة، وكذا لدعم سياساتها الهادفة إلى تشغيل الشباب ومحاربة الفقر وإدماج شرائح واسعة من المجتمع في الدورة الاقتصادية.

لهذه الأسباب كان تفاعلنا إيجابيا في المعارضة مع هذا المشروع الذي نأمل أن يكون آلية مهمة لتمويل المشاريع الصغيرة والصغيرة جدا في إطار الدينامية التي أطلقها صاحب الجلالة نصره الله والمتمثلة في البرنامج المندمج لتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته