بوابة حزب الاستقلال

نص المذكرة التي رفعها الفريق الاستقلالي بالبرلمان إلى رئيس الحكومة من أجل مراجعة قانون مالية 2018

الاربعاء 30 ماي 2018

عقد الفريق الاستقلالي بمجلسي النواب والمستشارين ندوة صحفية مساء يوم الثلاثاء 29  ماي 2018 من أجل توضح حيثيات ودواعي رفعه مذكرة إلى رئيس الحكومة قصد مراجعة قانون مالية 2018، في ما يلي النص الكامل لهذه المذكرة:
 
 وبعد، يتشرف فريقا حزب الاستقلال للوحدة والتعادلية بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، بتوجيه هذه المذكرة الى الحكومة، في شخص مؤسستكم الموقرة، من موقع المعارضة الاستقلالية  الوطنية، وذلك تجسيدا للالتزام الراسخ لحزبنا في السعي إلى الصالح العام، والترافع البناء عن المطالب المشروعة للمواطنات والمواطنين.

وتتضمن هذه المذكرة جملة من التدابير ذات البعد الاجتماعي التي نعتبرها في تقدير حزبنا تدابيرَ ضرورية واستعجالية لا تحتمل الإرجاء لمواجهة غلاء المعيشة وتحسين القدرة الشرائية ودعم تشغيل الشباب. وهو الأمر الذي يستلزم من أجل تفعيله إجراء مراجعة فورية لبعض مقتضيات قانون مالية 2018 من خلال مطالبتنا للحكومة التي ترأسونها بتقديم مشروع قانون مالية معدل إلى البرلمان في أقرب الآجال، عملا بالأحكام ذات الصلة في القانون التنظيمي لقانون المالية.

   السيد رئيس الحكومة؛

إن واقع الحال بالنسبة للأغلبية الساحقة للأسر المغربية يتسم بتدهور مطرد للقدرة الشرائية، وارتفاع معدلات البطالة ولا سيما في صفوف الشباب والنساء، وعودة مظاهر الفوارق والتفاوتات الاجتماعية في المعيش اليومي للمواطن، خاصة في ظل تجميد الأجور والدخول عامة طيلة السنوات الست الأخيرة وما يقابلها من ارتفاع ملحوظ ومتصاعد في أسعار المواد والخدمات الأساسية، كما تؤكد ذلك مؤشرات المندوبية السامية للتخطيط

 فلا يخفى عنكم أن قدرات الأسر المغربية لتغطية تكاليف المعيشة هي في عجز مستمر واستنزاف متزايد، سيما في الأشهر الماضية، في غياب أي أفق مأمول أو بشائر صادرة من قبل حكومتكم لتحسين ظروف المعيشة، أو على الأقل لوقف هذا التدهور الذي أخذ يتسع في صفوف الطبقة الوسطى، ناهيك عن الفئات الهشة وذوي الدخل المحدود والمعوزين الذين لا يتحصلون على دخل قار ولائق، والعاطلين الذين لا دخل لهم إطلاقا لولا التآزر الأسري الذي أصبح هشا منهكا هو الآخر في ظل الظروف الحالية.

بالإنصات والمعاينة والتشخيص الموضوعي، لا يمكن لعين الحكومة أن تخطئ أن غالبية الأسر المغربية اليوم، في ظل ضعف فرص الشغل المتاحة، وحذف دعم المقاصة عن المحروقات وتحرير أسعارها منذ سنة 2015، قد استعملت ما ترصد لديها من مكتسبات اجتماعية سابقة، ومن هوامش الادخار والصمود لمواجهة غلاء المعيشة. وهذا من شأنه إذكاء أجواء القلق والاحتقان والتذمر من الأوضاع الحالية والخوف من المستقبل، وتغذية أسباب الاحتجاج بمختلف أشكالها بما فيها ظاهرة المقاطعة التي نعيش على وقعها وتداعياتها طيلة الأسابيع الأخيرة.
لا شك في أن البطء في التفاعل الإيجابي مع احتياجات ومطالب المواطنات والمواطنين المشروعة، له كلفته الوازنة خاصة بالنسبة للسلم الاجتماعي و إهدار المئات، بل الآلاف من فرص الشغل نتيجة تراجع ثقة الفاعلين الاقتصاديين.

السيد رئيس الحكومة؛

أخذا في الاعتبار الظرفية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا المتأثرة بأجواء الاحتقان وموجة الغلاء المرشحة لمزيد من الارتفاع حسب المؤشرات، على مستوى نفقات الصحة في غياب تعميم التغطية الصحية، والتعليم، والسكن، والنقل؛ الأمر الذي سيواصل إثقال كاهل الأسر المغربية؛
وبالنظر إلى تزامن هذه الظرفية مع أشهر الذروة في إنفاق الأسر المغربية (رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى والدخول المدرسي)؛
وكذا تفشي معضلة البطالة في صفوف الشباب بمن فيهم حاملو الشهادات، مما يستوجب اتخاذ تدابير إرادية مستعجلة لدعم التشغيل؛

فإننا في الفريقين الاستقلاليين للوحدة والتعادلية بمجلسي البرلمان ندعو الحكومة ممثلة في شخصكم المحترم لإعداد وتقديم مشروع قانون مالية معدل، الآن وفي أقرب الآجال، يشمل التدابير الآتية:
1-     من أجل تحسين الدخل، في إطار الحوار الاجتماعي:
الرفع من الأجور على مرحلتين بإقرار زيادة 200 درهم شهريا للموظفين ابتداء من فاتح يوليوز 2018، على أن يتم تحديد مبلغ وأجل تنفيذ الشطر الثاني من الزيادة في إطار الحوار الاجتماعي.
        o   الرفع من سقف الدخول المعفاة من الضريبة على الدخل من 30000 إلى 36000 درهم؛
o إدماج خصم ضريبي عن الرسوم الدراسية في التعليم الخاص من مجموع الدخل الفردي في حدود 6000 درهم سنويا عن كل طفل متمدرس.

 2-   من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين:

o    وضع نظام مرن للرسوم الداخلية على الاستهلاك المطبقة على استيراد المحروقات مرتبط بمستويات الأسعار الدولية، وذلك من أجل تخفيف من انعكاس ارتفاعات الأسعار الدولية على القدرة الشرائية للمواطنين.
برمجة آليات استباقية تمكن من مواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار الدولية للمحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين.

 3-    من أجل دعم التشغيل:

توسيع الإعفاءات الضريبية وتلك المتعلقة بالتحملات الاجتماعية التي منحت إلى المقاولات المحدثة بين فاتح يناير 2015 و31 دجنبر 2019 لتشمل جميع المقاولات الصغرى والمتوسطة والتعاونيات وغيرها؛
رصد الاعتمادات اللازمة لتأهيل المراكز الجهوية للاستثمار، وإحداث الوكالات الجهوية الجديدة لإنعاش الشغل؛
رصد الاعتمادات الضرورية لتنفيذ التدبير الجديد المتعلق بالتداريب المؤدى عنها في الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية لفائدة حاملي الشهادات.

وفي هذا الصدد، وحرصا منا على أن يتم إدراج هذه التدابير المقترحة في مشروع قانون المالية المعدل مع الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى للميزانية، ندعو الحكومة إلى استثمار الهوامش الميزانياتية الجديدة المتاحة، وذلك نتيجة:
-       التقديرات المحينة للمحصول الفلاحي برسم هذه السنة التي تزيد بحوالي 25 في المائة عن التوقعات التي تم اعتمداها عند إعداد القانون المالي الحالي، مما سيكون له انعكاس إيجابي على معدل النمو وعلى تطور استهلاك الأسر؛
-       تحيين الفرضيات التي بنيت عليها الميزانية العامة لسنة 2018 المتعلقة بأسعار المواد البترولية التي ارتفعت إلى يومنا هذا بحوالي 10 دولارات في المتوسط بالمقارنة مع 60 دولارا للبرميل الذي اعتمدته الحكومة في قانون المالية الحالي، وهو ما سيوفر مداخيل إضافية من الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، ومن الرسوم الجمركية المطبقة على المحروقات.
 
كما ندعو الحكومة، من جهة أخرى، إلى اتخاذ تدابير عملية تهدف الى ترشيد نفقات التسيير المرتبطة باقتناء "المعدات والنفقات المختلفة" برسم ميزانية 2018، خصوصا أنه تم رفع مخصصاتها بأزيد من 16,4 في المائة، في حين أن معدل تطور هذه النفقات لم يتجاوز 4,3 في المائة على مدى الخمس سنوات الماضية (2013-2017).  
    
 السيد رئيس الحكومة؛

بالموازاة مع التدابير الاستعجالية التي نقترح إدراجها من خلال تعديل القانون المالي برسم 2018، ثمة  مجموعة من الإجراءات المواكبة التي نعتبرها في حزب الاستقلال أساسية لإعطاء الفعالية اللازمة والتجانس الناجع للإجراءات التي يتعين اتخاذها في هذا الصدد. وهي كالتالي:

o استئناف الحوار الاجتماعي على أرضية تفاوضية تمكن من إبرام اتفاق اجتماعي في أقرب الآجال؛
 o الشروع في تطبيق النظام المتحرك للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، في إطار الحوار الاجتماعي، ابتداء من فاتح يوليوز 2018؛
o الإسراع بتفعيل مجلس المنافسة طبقا للفصل 178 من الدستور؛
تطبيق المادة الخامسة من القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة من أجل تسقيف أسعار المحروقات؛
o تسقيف هوامش الربح قطاع التعليم الخاص؛
استكمال تشكيل وتفعيل الآليات المؤسساتية من أجل حماية المستهلك، وإعداد المراسيم والتدابير والتحفيزات المواكبة اللازمة؛
التعجيل بإصلاح أسواق الجملة، وتنظيم وضبط هوامش الوساطة التجارية والمتدخلين في سلسلة التوزيع، وتعزيز محاربة المضاربة والاحتكار؛
o    إعداد المراسيم اللازمة لتطبيق القانون المتعلق بأجل الأداء وتحديد نسبة الغرامة خصوصا أن تأخير أجل الأداء يتسبب في إفلاس 40 في المئة من المقاولات وهدر أكثر من 100000 فرصة شغل سنويا

وختاما، نتطلع في من موقع المعارضة الاستقلالية الوطنية المساهمة بالقوة الاقتراحية والبدائل الواقعية القابلة للتطبيق، إلى أن يحظى مضمون هذه المذكرة من قبل حكومتكم بما يستحقه من دراسة وتفاعل فوريين من أجل المبادرة إلى التخفيف من معاناة الأسر المغربية أمام غلاء المعيشة، والتجاوب مع الانتظارات المشروعة للمواطنات والمواطنين، وخاصة الشرائح الاجتماعية الهشة والمتوسطة والأكثر تضررا من الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الحالية.