بوابة حزب الاستقلال

وطنيون غادرونا إلى دار البقاء خلال 2017

السبت 30 ديسمبر 2017

كانت سنة 2017 في بلادنا، حزينة بالنسبة لعوالم السياسة والإعلام والفكر والمحاماة والمقاومة، فقد غادرنا  إلى دار البقاء  عدد  من العظام المميزين، الذين تركوا بصماتهم محفورة في الذاكرة، إنهم ساسة ومفكرون وصحافيون ومقاومون وغيرهم وافاهم الأجل وأخذهم الموت، لكن حتما ليس إلى دائرة النسيان، حيث عاش الاستقلاليون والاستقلاليات ومعهم الشعب المغربي عاما حزينا، بعد أن ودع حزب الاستقلال مجموعة من أبنائه البررة ورموزه وهاماته وأعمدته وحكمائه الكبار ومناضليه الأفذاذ في مواكب جنائزية مهيبة وفي أجواء مليئة بمشاعر التأثر وعبارات الترحم.

امحمد بوستة..  شخصية جسدت بالذات والصفات كل قيم الوطنية

بقلوب خاشعة وأفئدة مكلومة ومؤمنة بقضاء الله وقدره، فارق الاستقلاليون خلال بداية هذه السنة المليئة بالآلام، أحد الزعماء الكبار المجاهد المرحوم امحمد بوستة عضو مجلس الرئاسة والأمين العام السابق للحزب، عن عمر يناهز 92 سنة، والتي ظل خلالها مناضلا سياسيا وحزبيا مقتدرا، ونقيبا مجددا، وصاحب خصال إنسانية رفيعة، فالجميع يشهد له بغيرته الوطنية الصادقة ووفائه الكبير للمؤسسات وعلى رأسها المؤسسة الملكية، حيث انخرط الفقيد مبكرا في العمل الوطني، والكفاح من أجل حرية المغرب واستقلاله وإخلاصه المكين لثوابت الأمة ومقدساتها، وتفانيه في الدفاع عنها.

وفاة المجاهد امحمد بوستة كانت رزءا كبيرا لأسرته الصغيرة وعائلته الاستقلالية الكبيرة، وللمغرب بشكل عام، فالمرحوم أبان طيلة مساره الحافل بالعطاء الوطني الصادق، عن روح المسؤولية العالية، والتفاني ونكران الذات، في مختلف المهام والمسؤوليات السياسية والنيابية والحكومية والدبلوماسية، التي تقلدها، بكل كفاءة واقتدار، كما كان الفقيد محط احترام وإعجاب كل من عرفوه أو عملوا إلى جانبه، لما كان يتحلى به من حسن الخلق، والمعاشرة الطيبة، والبساطة والتواضع الصادق، وهو ما يجعل منه قدوة للأجيال الحالية والقادمة، للسير على خطاه، والتأسي بمناقبه في حب الوطن والتفاني في الدفاع عن قضاياه ورفع التحديات التي تواجهه.

عبد الكريم غلاب.. الصحافي الراصد لنبض الواقع والمنشغل بالدفاع عن حقوق المواطنين

كما غادرنا إلى دار البقاء، فقيد الوطنية والكلمة الحرة المجاهد عبد الكريم غلاب عضو مجلس الرئاسة وعضو اللجنة التنفيذية السابق للحزب عن عمر يناهز 98 سنة، بعد أن خلف وراءه علما وافرا يخوض في أسئلة الهوية واللغة والتراث والعقيدة والفكر الإسلامي، وحوار الحضارات والثقافات وقضايا النهضة والحرية والتقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتنظير للدولة الحديثة وللمشروع المجتمعي التعادلي، كما عرف الفقيد الكبير بانخراطه الدائم في الدينامية الاجتماعية، ورصده لنبض الواقع واليومي وتفاعله الفوري مع المتغيرات، وقوله للحقيقة بكل جرأة وشجاعة وترافعه ودفاعه عن هموم المواطنين ،من خلال عمله الصحفي.

“مات قرير العين” وهو وطني صادق ومناضل استقلالي غيور ساهم بقوة ضمن الرعيل الأول للحركة الوطنية في مقاومة الاستعمار وفي إرساء النموذج المجتمعي البديل الذي بشرت به أوراش التغيير والبناء فجر الاستقلال، كما أن الفقيد ممن أسس للأدب مرجعية خاصة تعبر إبداعيا عن آمال وتطلعات الإنسان المغربي إلى غد أفضل، وتؤرخ لمسيرة الحركة الوطنية، ولسيرة روادها ورجالاتها وشهدائها وتخلد لتضحياتهم الجسيمة، إلى جانب أن الاستقلالي الكبير كان يشكل منظومة قيمية متكاملة ومتجانسة وجديرة بنقلها إلى الأجيال القادمة، والتشبع بها في مختلف المجالات لمواجهة التحديات وكسب رهانات المستقبل.

سعيد بونعيلات.. مقاوم دافع على حوزة الوطن وواصل المشوار  لدمقرطة دولة المؤسسات

يعد الراحل المقاوم محمد أوجار المعروف بسعيد بونعيلات رئيس المجلس الوطني لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من المناضلين الأوائل داخل حزب الاستقلال، كما أنه يعتبر من مؤسسي الخلايا الأولى للمقاومة المسلحة ضد الاستعمار، ومن المساهمين في تأسيس جيش التحرير، وكان للفقيد أيضا دور كبير في ربط الجسور النضالية بين الشعبين المغربي والجزائري، بعد الاستقلال، واصل مشواره النضالي بعد دفاعه عن حوزة الوطن من أجل دمقرطة دولة المؤسسات.

محمد بن عبد الهادي القباب.. نقيب وهب حياته لإقرار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان

بعد نضال طويل داخل ساحات المحاكم وميادين المجتمع مدافعا عن الحقوق ورافضا للظلم، ودع حزب الاستقلال أحد أبرز قاماته القانونية والحقوقية النقيب محمد بن عبد الهادي القباب عضو سابق في اللجنة التنفيذية للحزب، فهو المناضل الاستقلالي الكبير الذي كان من الرواد الأوائل المؤسسين للحركة الحقوقية المغربية، والذي حمل لواء النضال بجرأة يدعمها الإيمان العميق بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وبشجاعة تذكيها الغيرة الوطنية الصادقة من أجل نبذ الجور والظلم والدفاع عن قضايا المظلومين، وهو من الأوائل الذين ترافعوا ودافعوا داخل ساحات المحاكم عن الكرامة الإنسانية للمواطنات والمواطنين والعدالة الاجتماعية، والعمل على نشر قيم المواطنة، وإقامة دولة القانون والمؤسسات في مرحلة عصيبة من تاريخ المغرب.
كما أن الفقيد راكم رصيدا نضاليا حقوقيا هائلا اتسم في شموليته بمساندة ضحايا الانتهاكات ومؤازرة الصحافيين على مختلف اتجاهاتهم أثناء المحاكمات التي كان المقصود منها التضييق على حرية التعبير، والوقوف مدافعا عن المعتقلين السياسيين، وكان يحمل هم تناول مجموعة من القضايا الحقوقية والسياسية والفكرية المهمة التي لها حساسيتها المرحلية والمتعلقة أساسا بالحريات والحقوق الاجتماعية والسياسية والثقافية، وقضية الاعتقال السياسي، وطرح المسألة الدستورية، كما كان مناضلا من أجل إرساء العدالة والثقافة الديمقراطية وتأسيس جامعة للمحاماة والبحث وتقاليد المهنة وترسيخها فكرا وممارسة، واهتم بالبحث عن آليات لتوفير الحماية الاجتماعية للمحامي، ليعد الفقيد اليوم من الرواد الذين تركوا لأجيال اليوم خارطة طريق تمكنهم من مواصلة المشوار بعزيمة قوية وفكر مستنير.

محمد العيساوي المسطاسي.. أحد رموز معركة الحرية والاستقلال ورجالاتها المخلصين للوطن

يعتبر المرحوم المجاهد محمد العيساوي المسطاسي رمزا من رموز المقاومة المغربية ومعركة الحرية والاستقلال، وأحد رجالاتها المخلصين للوطن، وبفقدانه يكون حزب الاستقلال ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير قد ودعت مناضلا استقلاليا كبيرا وآخر الأحياء الموقعين على عريضة 11 يناير للمطالبة بالاستقلال، حيث التحق الفقيد من شبابه المبكر بالعمل الوطني في مقاومة الظلم والاستعمار، والذود عن عزة الوطن وكرامة المغاربة، والتشبث بالشرعية وراء العرش العلوي المجيد، مهما تطلب ذلك من تضحيات جليلة، كما كان من بين العناصر النشيطة التي عملت على تأسيس المعهد الإسلامي لنشر التعليم الحر كواجهة لمحاربة المخططات التعليمية الاستعمارية الهادفة إلى مسخ الهوية المغربية.

عبد العزيز حليلي.. مناضل استقلالي بصم على مسيرة حزبية ووطنية ناصعة

وبوفاة عبد العزيز حليلي فقد حزب الاستقلال مناضلا استقلاليا متشبعا بقيم ومبادئ الحزب، منضبطا لمؤسساته وناسجا لعلاقات طيبة وراقية مع كافة المناضلات والمناضلين وقيادات التنظيمات الحزبية، حيث استطاع المرحوم أن يزاوج بين قدراته العلمية والفكرية والأكاديمية وبين خبراته الميدانية التي راكمها خلال ممارسته لمهام المفتش الإقليمي، ليعطي ببعد نظره صورة مشرقة عن جهاز المفتشين، بل نموذجا جديدا بمواصفات القرب والمثابرة والمرونة والانفتاح على محيطه وقد مكنته مؤهلاته وقدراته من تجاوز الصورة النمطية للمفتش الإقليمي، ليرسخ في الأذهان أن المفتش قنديل ينير ما حولَه بأفكاره وآراءه واقتراحاته، وخبراته، وعمله الدؤوب في خدمة صالح المواطنات والمواطنين.

إنا لله وإن إليه راجعون، لن ينساكم الذين أحببتموهم وأحبوكم، ستبقى أعمالكم محفورة في ذاكرة التاريخ، أنعم الله عليكم بالرحمة والمغفرة وأسكنكم في جنان الفردوس مع النبيئين والصدقين والشهداء .. .