بوابة حزب الاستقلال

الأخ نزار بركة.. إصلاح منظومتي العقار والتعمير مفتاح للتنمية بالعالم القروي

الاثنين 27 ماي 2019

مقاربة الإصلاح ينبغي أن تستند على مبادئ العدالة والإنصاف والتوازن الاجتماعي والمجالي


نظم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب يوم الاثنين 27 ماي 2019  بالقاعة المغربية بالغرفة الأولى للبرلمان، يوما دراسيا هاما حول موضوع "منظومتـي تدبير العقار والتعمير بين التشريع ومتطلبات التنمية الشاملة بالعالم القروي"، وهو اليوم الدراسي الذي ترأس أشغاله الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال إلى جانب الأخ نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب.

وشارك في تأطير هذا اليوم الدراسي، الذي نظم بشراكة مع كل من رابطة المهندسين الاستقلاليين، ورابطة المهندسين المعماريين الاستقلاليين، مهندسون وخبراء وفاعلون مؤسساتيون في قطاع إعداد التراب الوطني والتعمير، في حين عرف حضورا وازنا لبرلماني الحزب بالمجلسين ولأطره ومناضليه ومناضلاته.

كما تميزت أشغال اليوم الدراسي بالكلمة الهامة للأخ نزار بركة الأمين العام للحزب، الذي أكد في مستهلها أن أهمية هذا اللقاء تتجلى في كونه يشكل نقلة نوعية في تعزيز أواصر التكامل بين الفريق النيابي وروابط الحزب على أمل أن تتبع آليات هذا التعاون في مختلف القضايا وبلورتها من طرف الفريق النيابي على المستوى التشريعي والمراقبة البرلمانية وتقييم السياسات العمومية مادامت هذه الروابط تشكل فضاء للحوار والإنصات وتمثل قوة اقتراحية للحلول والبدائل والمبادرات.  

وسجل الأخ الأمين العام أن إرادة عقد هذا اللقاء تعكس الإيمان العميق لحزب الاستقلال بأهمية موضوع هذا اليوم الدراسي وراهنيته، معبرا عن القناعة الراسخة للحزب بضرورة إيجاد الحلول للإشكاليات المتشعبة التي يطرحها بما يحفز على الاستثمار ويخدم التنمية الوطنية ويحقق مصالح المواطنات والمواطنين.

وأشار الأخ نزار بركة إلى أن الاهتمام الحزبي بهذا الملف الشائك نابع أساسا من التوجيهات الملكية التي تضمنتها الرسالة السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع: "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية" سنة 2015، حيث دعا جلالته الحكومة إلى تأهيل قطاع العقار ومراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة له بشقيه العمومي والخاص بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه والرفع من فعالية تنظيمه وتبسيط مساطر تدبيره لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، كما دعا جلالته إلى الانكباب على تأهيل أراضي الجماعات السلالية وإدماج ذوي الحقوق في الدينامية الوطنية وذلك في إطار مبادئ الحق والإنصاف والعدالة الاجتماعية وتضافر الجهود من أجل إنجاح عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق، مع مجانية هذا التمليك.
 
مؤكدا أن جلالة الملك سبق له أن جدد خلال خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان خلال شهر أكتوبر 2018، التأكيد على  دور هذه الأراضي في التنمية الفلاحية، وخلق وتطوير طبقة متوسطة فلاحية ضمن رؤية بناء مجتمع متوازن يضمن للجميع الحق في التنمية والرقي الاجتماعي.
 
واعتبر الأخ الأمين العام أن موضوع "منظومتـي تدبير العقار والتعمير بين التشريع ومتطلبات التنمية الشاملة بالعالم القروي" يجد أهميته أيضا في راهنيته بالنسبة لحزب الاستقلال باعتباره يدخل ضمن أولويات المشروع المجتمعي للحزب والتي يدافع عنها انطلاقا من قيمه ومبادئه الهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة والإنصاف، خصوصا أن العالم القروي كان دائما في صلب اهتمامات وانشغالات الحزب الذي يدافع دوما، انطلاقا من مرجعيته التعادلية، عن تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وعن تحسين شروط العيش الكريم للساكنة القروية على غرار ساكنة المدن.
 
مبرزا أن هاجس الارتقاء بالوسط القروي ظل من أولويات الحزب بالنظر لما يمثله العالم القروي كمحور أساسي للبنية الترابية والاقتصادية ببلادنا فهو يمثل أزيد من 90% من المساحة الإجمالية و40% من ساكنة البلاد ويضم 85% من الجماعات الترابية أي 1282 جماعة ترابية ذات طابع قروي من أصل 1503 جماعة، مؤكدا أن أهمية موضوع هذا اليوم الدراسي تتجلى كذلك في ارتباطه الوثيق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأوراش الإصلاح ببلادنا بما فيها العالم القروي الذي يشكو من العديد من الاختلالات والمشاكل التي تطرحها قضايا العقار والتعمير.
 

كما أحصى الأخ الأمين العام الإشكاليات التي تنتصب أمام قطاع العقار، والمرتبطة أساسا بالتحفيظ العقاري والأراضي السلالية وأراضي الجموع وغيرها، والتي تشكل عرقلة في استثمار هذه الأراضي من قِبل الفلاحين الصغار من أجل التنمية الذاتية وتحسين الدخل والاستقرار العائلي ومحاربة الهجرة وغيرها، بالإضافة إلى محدودية السياسة العمومية المندمجة الخاصة بتنمية العالم القروي، وتعدد الأنظمة العقارية ببلادنا وتعدد إشكالاتها، فهناك أراضي المخزن وأراضي الجماعات السلالية وأراضي الكيش وأراضي الأحباس، ويعتبر هذا التعدد والتنوع من معيقات الاستثمار.
 
مؤكدا أن نمط تدبير بنيات المنظومة العقارية بجميع مكوناتها يعرف العديد من الاختلالات والإكراهات مما يحد من دوره في التنمية، بالإضافة إلى تقلص المجال القروي وتراجعه جراء توسيع المدارات الحضرية للمدن الكبرى والصغرى والمتوسطة تعمقت معها إشكالياته مما يحول دون الارتقاء به وتحقيق التنمية المستدامة المرجوة منه، إلى جانب ضعف الموارد المالية الكفيلة بإحداث دينامية عمرانية عن طريق تمويل المشاريع المهيكلة وتدعيم البنيات الأساسية بالوسط القروي، ومحدودية التنزيل الفعلي لوثائق التعمير على أرض واقع العالم القروي بسبب تدني نسبة النمو الديمغرافي بالعالم القروي وارتفاع منسوب الهجرة نحو المدن.
 
وتطرق الأخ نزار بركة إلى قطاع التعمير وما يطرحه بناء السكن القروي، حيث اعتبر أن الساكنة تجد مشاكل كبيرة وشروط تحول دون حصولها على السكن اللائق بما في ذلك مشكل التصاميم، وإكراهات مسطرة الترخيص للبناء كتلك المتعلقة بإلزامية الرخصة والوثائق المكونة لملف طلب الترخيص والمساحة الدنيا والمساحة القابلة للبناء وصعوبة إنجاز التجزئات بالنظر لكلفة الإنجاز وقدرات الساكنة القروية.
 
مشددا في هذا الإطار على اعتماد سياسة عمومية مندمجة للتعمير والسكن في الوسط القروي في إطار انسجام والتقائية التدخلات والبرامج العمومية القطاعية، بالإضافة إلى العمل على تغيير الثقافة السائدة محليا في عدم الاهتمام بوثائق التعمير كآلية للتوجيه والاسترشاد في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتخطيط والتنمية القروية، إلى جانب رفع الضعط عن الأراضي ذات الإنتاجية الفلاحية المرتفعة بفعل التوسع العمراني المتزايد واستنزاف الموارد الطبيعية بسبب الاستغلال العشوائي للنشاط الفلاحي.
 

ومن أجل تدبير فعال لمنظومة العقار والتعمير في العالم القروي، اقترح الأخ الأمين العام تدابير وإجراءات من قبيل مراجعة الترسانة المؤطرة لقطاع العقار من أجل ملائمة التشريعات العقارية مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب وضمان إدماج فاعل للعقار في وتيرة التنمية، بالإضافة إلى تعزيز الأمن العقاري قصد تحصين الملكية العقارية والرفع من قيمتها الاقتصادية والإئتمانية وجعل العقار محركا أساسيا للتنمية الشاملة في ظل إعمال الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة واعتماد مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
 
مشيرا إلى ضرورة اعتماد مخطط عمل لتسريع وتيرة تعميم نظام التحفيظ العقاري، بالإضافة إلى اعتماد مقاربة جديدة لمعالجة إشكالية التحفيظ العقاري بالنسبة لأراضي الجموع من أجل تحصين الوعاء العقاري وحماية ذوي الحقوق والرفع من القيمة المضافة لهذه الأراضي، والإسراع بالتحديد الإداري للأراضي الجماعية من أجل الضبط الدقيق لمساحتها وتسريع وتيرة تصفية وضعيتها القانونية، على أساس احترام المسؤولية والنزاهة والشفافية، إلى جانب تبسيط المساطر وتقليص الآجال المتعلقة بدراسة طلبات الترخيص بالبناء في العالم القروي.
 
كما دعا الأخ نزار بركة إلى إحداث مناطق صناعية وفضاءات اقتصادية بالمناطق المندمجة في العالم القروي مع الحفاظ على خصوصياته وما يزخر به من مؤهلات طبيعية، وإقرار تمييز إيجابي لصالح المجالات القروية من خلال اعتماد تحفيزات لصالح المستثمرين العقاريين بها، بالإضافة إلى الاستجابة لتطور حاجيات أفراد الأسرة الواحدة من السكن بالمجال القروي من خلال إتاحة إمكانية الرفع من عدد البنايات المسموح بها فوق نفس البقعة الأرضية، بكيفية تضمن ظروف الاستقرار والتنمية وصيانة الهوية وأنماط العيش المحلية.
 

وبخصوص العقار الفلاحي، طالب الأخ الأمين العام بتعزيز آلية التجميع الفلاحي كآلية للحد من تجزيء البنيات العقارية وتطوير تدبير أراضي الدولة في مجال الاستثمار الفلاحي والحد من ظاهرة الزحف العمراني على حساب الأراضي الفلاحية.
 
وسجل الأخ نزار بركة أن هذه الاقتراحات السالفة الذكر وغيرها كفيلة بتعزيز التنمية القروية كرافعة أساسية للنهوض بالدينامية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد سواء من حيث الرفع من تنافسية الاقتصاد القروي وتنويع عروضه أو من حيث تعزيز البعد الاجتماعي من خلال تحسين ظروف العيش وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية ومحاربة الفقر والهشاشة والمحافظة على البيئة.  
 
وفي الختام، أكد الأخ الأمين العام أن هذا اللقاء يشكل فرصة للنقاش مع الخبراء والمهتمين من أجل الوصول إلى نتائج وتوصيات من شأنها تجاوز الاختلالات والإكراهات لتحسين الولوج إلى العقار بالعالم القروي وجعل التعمير في خدمة الساكنة للارتقاء بمستوى عيشها وتحقيق الدينامية التنموية القروية المنشودة في ظل العدالة والإنصاف والتوازن الاجتماعي والمجالي.