بوابة حزب الاستقلال

الأخ نزار بركة : ضرب مجانية التعليم تعميق من حدة الفوارق الاجتماعية وتوجه نحو تعليم نخبوي

الاحد 21 أكتوبر 2018


أكد الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال أن مبدأ مجانية التعليم من المبادئ الأساسية التي لا محيد عنها لإصلاح منظومة التربية والتكوين، مبرزا أن هذه المجانية تشكل مكسبا شعبيا وجزء رئيسيا في العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع ومن غير المقبول أن يتم المس بها.
 
وأوضح الأخ الأمين العام في كلمة توجيهية له بالدورة الرابعة للمجلس الوطني للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية بفضاء شالة بالرباط والذي انعقد تحت شعار "التعليم الأولي آلية أساسية لإنجاح منظومة التربية والتكوين"، أن بعض التدابير التي جاءت بها الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التعليمية التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين وتبنتها الحكومة تتطلب التدقيق لكي لا يكون هناك ضرب بمبدأ دمقرطة التعليم ومجانيته.
 
وأبرز الأخ نزار بركة أن موقف حزب الاستقلال واضح في ما يخص موضوع مجانية التعليم لأنه يعتبرها من المبادئ المؤسسة للتعادلية الاقتصادية والاجتماعية، ومحورا وازنا في أدبيات ومرجعيات الحزب، معتبرا أن أي مسعى للحكومة في هذا الاتجاه سيفتح الباب أمام تعليم نخبوي، وسيعمق من حدة الفوارق الاجتماعية، مسجلا أن الطبقة الوسطى ببلادنا التي أصبحت هشة في السنين الأخيرة، لا يمكن القبول بالمرة باستمرار استهدافها وتفقيرها وبأن تكون ضحية لرفع مجانية التعليم.
 
كما سجل الأخ الأمين العام أن الطبقة المتوسطة الهشة إذا ما تمت مطالبتها بالأداء عن تعليم أبنائها داخل المدارس العمومية، سيكون رد فعلها هو إدراج أبنائها بالمدارس الخاصة، وبالتالي ستصبح المدرسة العمومية التي من المفروض أن تشكل فضاء للتمازج الاجتماعي، وسطا لخلق الفوارق الطبقية، وتعزيز الهوة الموجودة بين طبقات المجتمع، مؤكدا أنه من غير المقبول المس بمبدأ تعميم التمدرس، حيث تشكل نسبة تعميم التمدرس اليوم 98 في المائة بعد أن كانت تشكل 68 في المائة فقط خلال سنة 2003.

 
وذكر الأخ نزار بركة بالمبادرات والمقترحات التي قدمها حزب الاستقلال خلال ترأسه للحكومة التي كان يقودها الأستاذ عباس الفاسي في سبيل التقليص من معدلات الهدر المدرسي، وعلى رأسها برنامج "تيسير"، للدعم المالي المشروط من أجل محاربة ظاهرة الهدر المدرسي، وهو البرنامج الذي يقدم دعما للأباء والأمهات وأولياء التلاميذ في المناطق النائية من أجل استمرار أبنائهم في الولوج للمدارس، حيث مكن هذا البرنامج من تقليص الهدر المدرسي بنسبة 60 في المائة.
 
وبلغة الأرقام، كشف الأخ الأمين العام أن نسبة الأطفال الذين يلجون التعليم الأولي لا تتجاوز 49,6 في المائة، أي أن هناك 769 ألف طفل لا يلجون التعليم الأولي أوالمؤسسات التعليمية نهائيا، مبرزا البرنامج التنفيذي في مجال دعم التمدرس أكد على ضرورة تحسين وتقوية التعليم الأولي وتعميمه، وحدد أهدافا طموحة لتحقيق ذلك، داعيا الحكومة للعمل على إنجاح هذا الورش الهام.
 
ووقف الأخ الأمين العام على بعض الملاحظات التي يسجلها حزب الاستقلال حول الإصلاح المعتمد لمنظومة التربية والتكوين ومن أهمها البطء الكبير الذي تعرفه مراحل تنزيله، مبرزا أن الرؤية الاستراتيجية السالفة الذكر ظهرت خلال 2015 حيث يظهر جليا أن الحكومة جعلت بلادنا تنتظر ثلاث سنوات من أجل أن تصل هذه الرؤية إلى مرحلة المناقشة داخل قبة البرلمان، وهذا ما يبرز مدى الهدر الكبير لزمن الإصلاح.
 
وقدم الأخ نزار بركة مجموعة من المؤشرات التي تبرز كيف بدأ القطاع الخاص يحل محل القطاع العمومي في مجال التربية والتكوين، حيث تصل النسبة بمدن كالرباط والدار البيضاء إلى أكثر من 46 في المائة، كما تصل في بعض المناطق كأكدال الرياض وأنفا إلى 67 في المائة، مشيرا إلى أن الطبقات المتوسطة خصوصا بالمدن الكبرى يسجلون أبنائهم بالمؤسسات التعليمية الخاصة مما يثقل قدرتهم الشرائية، ويجعلهم عرضة لارتفاع أسعار خدمات التعليم الخصوصي.


كما أكد الأخ الأمين العام أن الطبقة الوسطى تزداد وضعيتها تدهورا بسبب استمرار الحكومة في نهج سياسات عمومية تستهدفها وتثقل كاهل قدرتها الشرائية، مبرزا أن حزب الاستقلال لا يمكنه القبول بإندحار الطبقة المتوسطة لأنها تشكل عنصرا أساسيا من عناصر تقوية الاستقرار وصمام الأمان بالنسبة لبلادنا، كما أنها تلعب دورا هاما في تحقيق التنمية المرجوة، واسترجاع الثقة في المرفق العام.
 
وسجل الأخ نزار بركة أن حزب الاستقلال من خلال المذكرة التي رفعها الفريقين البرلمانيين للحزب لرئيس الحكومة، طالب بإدماج خصم من الضريبة على الدخل في حدود 600 درهم عن كل طفل متمدرس وذلك عن الرسوم الدراسية في التعليم الخاص، لكن الحكومة مع كامل الآسف لم تقم بإدراج مجموعة من التدابير والحلول المهمة التي اقترحها الحزب في إطار مشروع قانون مالية معدل برسم 2018، ولا في إطار مشروع القانون المالي لسنة 2019، وبالتالي لا زال المنطق السائد هو ضرب القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة.
 
وأشار الأخ الأمين العام أن المجلس الوطني للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية يأتي في ظرفية خاصة تتمثل في وصول مشروع القانون - الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي إلى قبة البرلمان، وكذا تقديم وزير التربية الوطنية  للحصيلة المرحلية والبرنامج التنفيذي في مجال دعم التمدرس وتنزيل إصلاح التربية والتكوين أمام جلالة الملك محمد السادس، وهي المحطات التي تتطلب تعبئة مهمة من طرف العصبة من أجل الوصول إلى مدرسة منصفة وفعالة تعيد الاعتبار للمدرسة المغربية، وتجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب.