بوابة حزب الاستقلال

الأخ نزار بركة في لقاء مع نواب الحزب ينتقد "حكومة الخوف" ويأسف على فرص الاصلاح الضائعة في ولاية حكومية باهتة

الاحد 11 أكتوبر 2020

الجهاز التنفيذي لا يعدو أن تكون "حكومة الخوف" بالنظر لما تبثه من مخاوف في أوساط المواطنين من الإصابة بكورونا، ومن فقدان الشغل، ومن الوقوع في الهشاشة والفقر، هكذا وصف الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال الحكومة الحالية التي يفترض أن تكون جهازا تنفيذيا ذي كفاءات خلال لقاء دراسي للفريق الاستقلالي بمجلس النواب يوم السبت 10 أكتوبر 2020 بالمركز العام للحزب بالرباط حول الدخول السياسي وتحديات المرحلة.

وسجل أن عملها اتسم بالفرص الضائعة حيث لم تستفد من المبادرات الاستباقية لجلالة الملك لإحداث صندوق خاص لمواجهة آثار الجائحة، وإقرار حجر صحي ومنزلي امتد لـ 80 يوما للحد من انتشار الوباء، ودعم الفئات الاجتماعية المتضررة في القطاعين المنظم وغير المنظم، وتمكين وزارة الصحة من المعدات اللوجستيكية في إطار التأهب والاحتياط. في مقابل هذا استكانت الحكومة الى منطق الارتياح الذاتي ولم تقم بتنزيل الاستعدادات الضرورية لتقوية المقدرات الاقتصادية والاستشفائية، وصارت المحصلة اليومية مرتفعة على مستوى الإصابات والوفيات، فضلا عن عدم استطاعة المخالطين أداء تكاليف الكشف والتي كان يتوجب اليوم أن تصل 33 ألف اختبار في اليوم بدل 25 ألف، مسجلا التضارب في أرقام أسرة الإنعاش بين رئيس الحكومة (3000 سرير) وبين وزير الصحة (1800)، مضيفا أن التدابير السالفة إلى جانب توسيع اختبارات الكشف كانت وراء نجاح عدة دول في مواجهة الداء مثل كوريا ونيوزلندا.

وقال الأخ الأمين العام أن توفير أسرة الإنعاش في حد ذاته غير كاف حيث يتوجب كذلك توفير أجهزة التنفس وتكوين الأخصائيين في الإنعاش وفسح المجال للقطاع الخاص، وتغطية المدن التي لا تتوفر على المختبرات لإعفاء المواطنين من التنقل نحو مدن أخرى، ليتساءل بعد ذلك أين هي اللجنة العلمية التي طال الحديث عنها في الإعلام فقط، بينما لم يظهر لها رئيس أو عضو ليفسر للمغاربة القرارات والتدابير المتخذة في إطار المواطَنة وتعميم المعلومة.

وعلى مستوى طبيعة الدخول السياسي، أكد الأخ نزار بركة أنه يحظى بصيغة خاصة، إذ حسم جلالة الملك في خطاب افتتاح السنة التشريعية الأخيرة من الولاية الحالية في موعد وأجندة الاستحقاقات، واستعرض معالم خارطة طريق للإنعاش الاقتصادي ودور صندوق محمد السادس للاستثمارات الاستراتيجية، وأهمية تعميم الحماية الاجتماعية بشقيها المتعلقين بالتغطية الصحية والتعويضات العائلية.

ومن هذا المنطلق، اعتبر أن المحطات الانتخابية المنتظرة في 2021 غير مسبوقة في تاريخ البلاد، حيث ستتم في نفس السنة وستفرز نخبا جديدة في الغرف المهنية والجماعات الترابية والجهات ومجلسي النواب والمستشارين، ما سينبثق عنه صورة جديدة للخريطة السياسية، كما ستتسم الانتخابات بصبغتها المتفردة لكونها تأتي في ظرفية يعرف فيها المغرب ازمة خانقة صحية، واقتصادية واجتماعية، فضلا عن أزمة الثقة، وهي في مجملها ترفع من سقف المطالب وحجم  انتظارات المواطنين.

وارتباطا بالأزمة السياسية، فقد أفاد الأخ الأمين العام أن استطلاعا للرأي من انجاز منظمة عربية كشف أن 54 في المائة من المغاربة يقرون بوجود أزمة سياسية، و46 في المائة بالأزمة الاقتصادية،  مما يضع الإشكالية الأولى في مقدمة انشغال المواطنين، لكن هناك محاولات للتستر عليها، مؤكدا أن الحكومة مجبرة من أجل الوفاء بالتزاماتها وتحقيق برنامجها الانتخابي لأن تقوم بعدة إصلاحات لم تنجزها من قبيل الإصلاح الشمولي وليس الجزئي للتقاعد الذي يغطي 23 في المائة من الساكنة بينما 63 في المائة من المسنين مجبرون على العمل لتأمين لقمة العيش، وإصلاح قانون الاستثمار المنتظر منذ 2015، والأساسي بالنسبة للجهات والجماعات والمستثمرين، وكذا المخطط الجبائي لتنزيل مخرجات المناظرة الثالثة بالصخيرات، موازاة مع إصلاحات ذات بعد اجتماعي كقانون الاضراب، ناهيك عن مؤسسات مهمة صدرت قوانينها ولم تُشكل كالمجلس الاستشاري للأسرة والشباب والعمل الجمعوي".

واعتبر الأخ نزار بركة أن سوء تدبير الأزمة خلف مظاهر عكسية حيث برزت مؤشرات قطع معها المغرب منذ سنوات، تعيد للأذهان التوصيف الذي أطلق عليه الراحل الحسن الثاني السكتة القلبية، وتكمن في تجليات العجز حيث منذ 1995 ولأول مرة سيعرف المغرب انكماشا في النمو الاقتصادي بناقص 5.5 حسب وزير المالية و6.5 في المائة حسب والي بنك المغرب، أما البطالة فهي في ارتفاع بسبب فقدان 500 ألف فرصة شغل، بحيث أضيف 200 ألف عاطل لجحافل فاقدي الشغل، ومنتظر أن ينضاف 500 ألف عاطل لهم مع متم السنة الجارية، ليقفز معدل البطالة إلى 14.5 في المائة وهي نسبة تعود الى 1995، مؤشر آخر لا يقل أهمية عن سابقَيْه يتمثل في تقليص معدل الفقر من 14.5 في المائة الى 4.8 في المائة سنة 2014، واليوم يعود المؤشر نحو الصعود، مسجلا 6.6 في المائة وزيادة مليون فقير فضلا عن فئات واسعة أصبحت ضحية للهشاشة، بمعنى أن هذه الشرائح فقدت السكن والعمل وسبل مواجهة النفقات للإبقاء على نفس مستوى العيش.

وتستمر المعطيات الرقمية في كشف حقيقة الوضعية الاقتصادية من خلال العجز المالي الذي سيرتفع الى 6.8 في المائة، والعجز التوأم أي ميزان الأداءات إلى 6 في المائة، ثم المديونية بنسبة 76 في المائة، والتي تتجاوز لأول مرة 100 في المائة بإضافة مديونية المؤسسات العمومية والجماعات.
وأكد الأخ نزار بركة أنه تعزيزا للصرح الديمقراطي يجب أن يكون صوت المواطن فاصلا في تحديد الخريطة السياسية واختيار من يمثله في غرفتي البرلمان وفي الجماعات، على اعتبار أن الاستحقاقات الجماعية والتشريعية ستكون في يوم واحد، مبرزا أهمية الحرص على نزاهة وشفافية العملية الانتخابية والتنافس الشريف على أساس البرامج الانتخابية والمصداقية السياسية، منبها في ذات السياق إلى ضرورة المصادقة على القوانين الانتخابية خلال الدورة الخريفية وتخطي الخلافات حول النقط العالقة بين الأطياف السياسية، مذكرا أن 80 في المائة من المقترحات التي تقدم بها حزب الاستقلال تم قبولها، وهي تتجاوز 20 مقترحا.

من جانب آخر، وفي إطار ما وصفه بعدم استثمار الزمن السياسي وتنزيل تدابير ناجعة لاسترجاع ثقة المواطنين، أشار الأخ الأمين العام إلى أن الحكومة الحالية ولأول مرة لم يكن لديها استحقاقات في وسط الولاية، ومع ذلك انشغلت بصراعات داخلية بين مكونين أساسين كان عنوانها البارز البلاغات المضادة وتبادل الاتهامات وغياب الانسجام بين الأغلبية الحكومية، موازاة مع تعطيل قوانين مهمة كالقانون الجنائي بسبب تباعد وجهات النظر حول الإثراء غير المشروع والقانون الانتخابي، الذي لايزال محط جدالات، مضيفا أنه يتعين على رئيس الحكومة الحسم في هذه التجاذبات وبلوغ توافقات تنهي تعطيل الأغلبية للإصلاحات المنتظرة.

وبعدما شدد على أن مظاهر الأزمة ستتفاقم وتتعمق، منعكسة بذلك على الفئات الضعيفة والهشة، أوضح الأخ نزار بركة أن التغيير أضحى ضروريا من خلال صناديق الاقتراع من أجل القطع مع السياسات التفقيرية وإفراز حكومة قوية ومنسجمة تنصف الفئات المتضررة في المجتمع المغربي وتخرج البلاد من الأزمة وتواجه التحديات المستقبلية.

كما سجل الأخ الأمين العام أن الحكومة لم تبلور رؤية واضحة لتخطي مظاهر العجز وانعاش الاقتصاد والحد من نزيف انكماش الطلب الداخلي، مشيرا إلى أن سياستها الفئوية اتسمت بليبرالية مفرطة انبنت على منطق الامتيازات ودعم المقاولات الكبرى وليس المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتعميق الفوارق والتفاوتات التي عملت حكومة الأستاذ عباس الفاسي منذ 2007 على تقليصها، معتبرا أن فئات عريضة لا صوت لها ليدافع عنها بقيت خارج رادار الحكومة ولم تلق المساندة والإنصاف على غرار الصناع التقليديين وأرباب وعمال وعاملات الحمامات، وكذا النساء اللواتي يتدبرن دخلهن من الأعراس لمواجهة تكاليف الحياة.

وأبرز الأخ نزار بركة أن جائحة كورونا غير مسؤولة لوحدها عن الوضعية الصعبة حاليا، حيث واجهت حكومة عباس الفاسي أزمة عالمية حادة في 2008 وتمكنت من تحقيق 5 في المائة كمعدل نمو ونقلت في 2011 للحكومة الموالية مؤشرات متوازنة وصلبة اجتماعيا واقتصاديا، لكن معدل النمو اتجه حينها نحو التقهقر الى 4.4 في المائة ثم 3 في المائة، وتراجع بشكل ملفت حاليا الى ناقص 5 في المائة، فضلا عن الانكماش الخطير في المحصول الزراعي الى 30 مليون قنطار علما أن مخطط المغرب الأخضر الذي انطلق في 2009 حدد الحد الأدنى للمحصول في 60 مليون قنطار من الحبوب مهما كانت الظروف المناخية، موازاة مع ازمة العطش الكارثية في البوادي، وجزم بالتالي على أن الحكومة المقبلة لن تتوفر على هوامش مريحة لتدبير الشأن العام، بل ستجد نفسها أمام أزمة صعبة.

ونوه الأخ نزار بركة بحصيلة الفريق النيابي للحزب وبمواقفه الثابتة في محطات مهمة وصعبة مثل حراك الريف وجرادة، ووقوفه المستميت ضد ضرب مجانية التعليم والدفاع عن الامازيغية، وتجويد النصوص القانونية على منوال القوانين المالية والقانون الجنائي بعيدا عن نوايا العرقلة والانبطاح، داعيا أعضاء الفريق الاستقلالي الى مواصلة الجهود للدفاع عن المواطن المغربي وقدرته الشرائية ومعارضة السياسات اللاشعبية، في اطار المبادئ الاستقلالية والتعادلية الاقتصادية والاجتماعية.