بوابة حزب الاستقلال

الأخ نزار بركة يبرز التحولات العميقة التي تشهدها المملكة سيرا على روح وثيقة المطالبة بالاستقلال

الاحد 15 يناير 2023

بلادنا انتقلت إلى عَتَبَةٍ أَعْلَى في الإصلاحات الهيكلية الاجتماعية


نظم حزب الاستقلال، يوم السبت 14 يناير 2023 بالمركز العام للحزب، مهرجانا خطابيا تخليدا للذكرى 79 لتقديم وثيقة 11 يناير 1944 للمطالبة بالاستقلال، ترأس فعالياته الأخ نزار بركة الأمين العام للحزب، وذلك في ظل حضور وازن للإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، وثلة من برلمانيي ومنتخبي الحزب وأطره ومناضلاته ومناضليه الذين حجوا من مختلف أقاليم المملكة.

وفي اطار فعاليات هذا المهرجان، قام الأخ نزار بركة وعدد من قياديي الحزب ومناضليه بزيارة لمعرض للصور الفوتوغرافية الخاصة بالموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وعدد من الصور المؤرخة للحظات خالدة في تاريخ الحركة الوطنية وحزب الاستقلال، لينطلق بعد ذلك المهرجان الخطابي الذي افتتحت أشغاله بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم، وترديد النشيد الوطني ونشيد حزب الاستقلال، وقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء الوطن، ليتناول بعد ذلك الأخ عبد الإله البوزيدي عضو اللجنة التنفيذية والمنسق الجهوي للحزب بعمالة الرباط وإقليم الخميسات كلمة افتتاحية أبرز من خلالها دلالات الذكرى وروحها المتجددة.

كما تميز هذا المهرجان الخطابي، بالكلمة الهامة التي ألقاها الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، مؤكدا أن هذه الذكرى المجيدة، تعتبر إحدى المحطات المُضيئة في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، ووضع حَدٍّ لعهد الظلم والاستعمار والقطع مع زمن الحِجْرِ والحماية، وتحقيق الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، وهي الذكرى التي يحتفي حزب الاستقلال هذه السنة تحت شعار: "التحولات المُهَيْكِلَةُ في خدمة الإنصاف".
 
مبرزا أنه 11 من يناير سنة 1944، أقدم حزب الاستقلال بتنسيق وثيق واتفاق محكم مع بطل التحرير جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، وبإسناد من الرعيل الأول للوطنيين الأحرار، على خطوةٍ غير مسبوقةٍ في تاريخ الكفاح الوطني، تمثَّلت في تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال إلى الإقامة العامة لسلطات الاحتلال الفرنسي، وسُلِّمَت نُسَخٌ منها إلى ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالرباط، وإلى ممثل الاتحاد السوفياتي آنذاك، وهي الخطوة التي جَسَّدَتْ بِحَقٍّ قوةَ تَلاحُمٍ مَتِينٍ بين العرش والشعب، وأَلْهَبت حماس مختلف شرائح المجتمع في كل ربوع المملكة للوقوف وقفةَ رجلٍ واحدٍ في مواجهة الظلم والاستبداد، دفاعا عن الحرية والاستقلال والثوابت الوطنية، وعن وحدة الأمة ومقدساتها.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة الأخ نزار بركة في المهرجان الخطابي التخليدي للذكرى 79 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال :

 

"• يُسعدني أن أجدد اللقاء بكم في هذه المناسبة المجيدة، إحياءً للذكرى التاسعة والسبعين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 1944، إحدى المحطات المُضيئة في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، ووضع حَدٍّ لعهد الظلم والاستعمار والقطع مع زمن الحِجْرِ والحماية، وتحقيق الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، وهي الذكرى التي نحتفي بها هذه السنة تحت شعار: "التحولات المُهَيْكِلَةُ في خدمة الإنصاف".
 
• في مثل هذا اليوم من سنة 1944، أقدم حزب الاستقلال بتنسيق وثيق واتفاق محكم مع بطل التحرير جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، وبإسناد من الرعيل الأول للوطنيين الأحرار، أقدم على خطوةٍ غير مسبوقةٍ في تاريخ الكفاح الوطني، تمثَّلت في تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال إلى الإقامة العامة لسلطات الاحتلال الفرنسي، وسُلِّمَت نُسَخٌ منها إلى ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالرباط، وإلى ممثل الاتحاد السوفياتي آنذاك، وهي الخطوة التي جَسَّدَتْ بِحَقٍّ قوةَ تَلاحُمٍ مَتِينٍ بين العرش والشعب، وأَلْهَبت حماس مختلف شرائح المجتمع في كل ربوع المملكة للوقوف وقفةَ رجلٍ واحدٍ في مواجهة الظلم والاستبداد، دفاعا عن الحرية والاستقلال والثوابت الوطنية، وعن وحدة الأمة ومقدساتها.
 
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• مَضَتِ اليَومَ تسعةٌ وسبعون سنة على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، وخمسةٌ وثلاثون على إقرارها عيدا وطنيا من طرف المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، لكن مضامينها التحررية والديمقراطية ودلالاتها الوطنية والسياسية وحمولتها الحماسية المُفْعَمَةَ بروح التضحية وسُمُوُّ الشعور الوطني، لازالت مُلْهِمَةً لأجيال الحاضر والمستقبل، تَنْهَلُ منها الدروس والعِبَرَ وتستخلص من معانيها النبيلة القيم الوطنية الحقة لمواصلة بناء صَرْحِ المغرب الذي نتطلع إليه جميعا، بروحِ وعزيمةِ الموقعين على الوثيقة، ولكسب رهانات السيادة الوطنية بمختلف أشكالها وتوطيد المسار الديمقراطي وتحقيق المقاصد التعادلية في الإنصاف وتكافؤ الفرص والتضامن وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وضمان الحياة الكريمة لكافة المواطنات والمواطنين.
 
• لقد شكل تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، مُنْعَطَفاً حَاسِماً في تاريخ المغرب المعاصر، بحيث تَحَوَّلَ الوعي الوطني لدى الشعب المغربي ملكا وشعبا، من مجرد المطالبة بالإصلاحات في ظل الحماية، إلى المطالبة بالحرية والاستقلال، في ظل الوحدة الترابية للمملكة وإرساء ملكية دستورية وديمقراطية ضَامِنَةً للحقوق والحريات الفردية والجماعية، حَافِظَةً لثوابت الأمة ومقدساتها ووحدتها الوطنية.
 
• لقد زرعت وثيقة الاستقلال الأمل لدى كل فئات الشعب المغربي، بل وفتحت الآفاق الواعدة لنهضة الأمة بمشروع مجتمعي متكامل وبمضامين إصلاحية تؤسس لعهد جديد مَطْبُوعٍ بتحولات سياسية وديمقراطية وحقوقية واقتصادية واجتماعية، لمغرب ما بعد الاستقلال.
 
• وما كان لبلادنا أن تَتَمَلَّكَ هذه الوثيقةَ المُرَصَّعَةَ بِنُبْلِ المقاصد والغايات، لولا التلاحم المقدس بين العرش والشعب الذي يسكن الوجدان والضمائر.
• وقد كان النَّفَسُ الإصلاحي لوثيقة المطالبة بالاستقلال مُلهِماً لحزبنا، من حيث مُسَاهَمَتُهُ في التأسيس للتحولات المجتمعية في بناء المغرب المستقل، وذلك من خلال إبداعه لوثيقة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية في 11 يناير سنة 1963، بما تَضَمَّنتهُ من رؤية إصلاحية متواصلة ومتجددة، وما تَلاَهَا من أفكار واقتراحات وحلول ومبادرات تنشد إرساء دعائم مجتمع متوازن ومتضامن، بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، يضمن الكرامة والازدهار للافراد والمجتمع.
 
• ويعتز حزبنا، المُتَشَبِّعُ بالفكر التعادلي المتجدد، باستحضاره للرؤية الإصلاحية لوثيقة المطالبة بالاستقلال، في كل ما يُنتجه من أفكار واقتراحات ونظريات، وفي كل ما يقدمه من حلولٍ ومبادراتٍ، وما يعتمده من مواقف وقرارات في كل ما يخدم مصلحة الوطن ومصالح المواطنات والمواطنين من مختلف مواقعِ المسؤولية، وعبر مختلف المحطات السياسية لبلادنا.
 
• وهاهو اليوم، يَلتفُّ إلى جانب كل الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية لإنجاح الانتقالات والتحولات المهيكلة الداعمة للثقة والتطور والإنصاف خاصة فيما يتعلق بأوراش الإصلاح الاستراتيجية التي يقودها، بحكمة وتبصر جلالة الملك محمد السادس أيده الله، في تلاحم متجدد، يحقق الطَّفَرَات النوعية والانتقالات الهيكلية والتحولات المَفْصَلِيَّةُ في مسار بلادنا.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• تَعرف قضية وحدتنا الترابية نَقْلَةً نَوْعِيَّةً غير مسبوقةٍ بفضل الرؤية الملكية المتبصرة، بل وتعيش على إيقاع تحول استراتيجي في المقاربة والنتائج، جسده بحزمٍ الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء الذي وضع الأسس والمحددات والثوابت التي يتعين مراعاتها بشأن القضية الوطنية.
 
• هذا التحول، هو ثمرة مسار تراكمي للانتصارات والمكاسب والمساعي التي حققتها الدبلوماسية الرسمية والبرلمانية والحزبية والشعبية والاقتصادية، وبفضل نجاعة وفعالية النموذج التنموي الجديد الذي اعتمدته بلادنا بأقاليمنا الجنوبية برعاية ملكية سامية، والذي حقق أكثر من 80% من التزاماته، وحقق نتائج مهمة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، وفي تجهيز هذه الأقاليم بالبنيات التحتية واللوجيستيكية، وتوفير الخدمات الأساسية لساكنتها.
 
• وفي صُلْبِ هذا التحول كذلك، الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وتزايد وتيرة الدعم والإشادة بعدالة قضيتنا الوطنية، واتساع دائرة القناعات بوجاهة مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحل واقعي وجِدِّي وذِي مصداقية، من شأنه ضمان الاستقرار والأمن والازدهار بالمنطقة، وهو ما عكسته قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2018 إلى الآن، الدَّاعيةُ إلى تَحَلِّي الأطراف المعنية، بما فيها الجزائر، بالواقعية وروح التوافق، لضمان الوصول إلى حل سياسي واقعي وعملي ومستدام ومتوافَقٌ عليه.
 
• وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه المواصفات الأممية في نظر حزبنا تنطبق على المقترح المغربي للحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية، وتستبعد كل السيناريوهات البائدة التي عَفَا عنها الزمن، وفي ذلك انعكاس واضح لا لُبْسَ فيه، لمدى تطور وعي المجتمع الدولي المتزايد بعدالة قضية وحدتنا الترابية ورجاحة ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية تحت السيادة المغربية.
 
• لقد بات إنصاف التطورات الإيجابية التي عرفتها قضية وحدتنا الترابية والجهود التي بذلتها بلادنا لتثبيت سيادتها الوطنية، يقتضي طَيَّ هذا الملف الذي عَمَّرَ طويلا، واستثمار المقاربة الملكية الخَلاَّقَةِ في التعامل مع قضيتنا الوطنية، التي تجعل ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، والمعيار الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات، كما ورد في الخطاب الملكي لـ 20 غشت 2022، مع ما يتطلبه ذلك من اعتماد هذا التحول الاستراتيجي، في بناء العلاقات والشراكات الدولية، وبما يُحفِّزُ على إعادة الحياة للاتحاد المغاربي، وعلى انخراطٍ واضحٍ وشفَّافٍ لدول الاتحاد الأوروبي في تَبَنِّي هذا التوجه، مع ما يقتضيه ذلك من حماية وتحصين الشراكة بين الطرفين من المضايقات والهجمات الإعلامية المتعددة التي تقوم بها أقَلِّيةٌ منزعجة من العلاقات المتينة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• لقد خَطَتْ بلادنا بكل ثقة وثبات، بعد 79 سنة من تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، و67 سنة من الاستقلال، خُطُوَاتٍ جَبَّارَة، حققت خلالها العديد من المكاسب والإنجازات سواء على صعيد استكمال وحدتها الترابية، أو على صعيد توطيد سيادتها في باقي المجالات الاستراتيجية للسيادة بمختلف أجيالها وأبعادها، أكسبها مَنَاعَةً وَقُدُرَاتٍ متزايدةٍ على الصمود والتصدي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
 
• لذلك ليس من قبيل المبالغةِ أو تَضْخِيمِ المُنْجَزِ، أن نؤكد بكل اعتزاز، أن بلادنا تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس أيده الله، تحولت اليوم إلى نموذج مُتَفَرِّدٍ على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وقوة إقليمية صاعدة، أثارت بتطورها التنموي وانتصاراتها ونجاحاتها المتوالية حَنَقَ الأعداء والخصوم.
 
• ولم يعد مستغربا، أن تتلقى بلادنا، وهي تُقوِّي تموقعها الجيو-سياسي، الضَّربات من القريب والبعيد، وتُحَاكَ ضدها المؤامرات وتَحْتَدُّ ضِدَّهَا الحملات العدائية.
 
• نعم، لقد كَثُرَ حُسَّادُ بلادنا وارتفعت وتيرة استهدافها، بالموازاة مع مواصلتها تحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات، يُضَافُ إلى رصيدها التاريخي والحضاري وما راكمته من مقومات:
- الاختيارات الحكيمة والمتبصرة لجلالة الملك حفظه الله والتفاف الشعب المغربي وراء الإرادة الملكية المِقْدَامَةِ؛
- الانفتاح السياسي وما واكبه من ترسيخ لمكتسبات حقوقية وديمقراطية ودستورية جسدتها المضامين المتقدمة لدستور 2011؛
- الانخراط الإيجابي لبلادنا في المجتمع الدولي وإصطفافه الدائم إلى جانب السلم والسلام والقضايا العادلة في العالم؛
- التدبير المتميز للحقل الديني والأمن الروحي، والمساهمة في إشعاع نموذج الإسلام الوسطي المبني على الاعتدال والتسامح والاجتهاد المنفتح؛
- اعتماد سياسة تَمَلُّكِ القرار السيادي في كل المجالات الاقتصادية والطاقية والغذائية والصحية والصناعية واللقاحية؛
- القدرة على الصمود في مواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا؛
- تنويع الشركاء الاقتصاديين عبر العالم وفق منطق رابح-رابح، بعيدا عن الصراعات الدولية، ومنطق الحرب الباردة الذي كان يَرْهَنُ المصالح الاقتصادية للبلدان بمواقفها السياسية والسيادية؛
- نهج الاندماج الإقليمي الإفريقي، من خلال اعتماد مقاربة ترتكز على التنمية المشتركة والمُنْصِفَةُ والمُسْتَدَامَةُ مع الدول الإفريقية بصيغة رابح-رابح، مؤطرة بالاتفاقيات والشراكات التي وقعتها بلادنا مع العديد من الدول الإفريقية إِبَّانَ الزيارات الملكية لتلك الدول، والتي مَكَّنَتْ من تعزيز ريادة بلادنا قاريا وفتحت الباب واسعا أمام الاستثمارات المغربية في العديد من القطاعات بالمنطقة، استهدفت التثمين المحلي للموارد الطبيعية الإفريقية وتدعيم الوسائل والكفاءات ونقل الخبرات في أفق تحقيق الأمن الغذائي وتحسين ظروف عيش الساكنة الإفريقية.  
 
• ولِصَوْنِ مكتسبات هذا المَنْحَى المُطَّرِدِ في مسار استكمال وحدتنا الترابية، وتوطيد سياداتنا الوطنية، نجدد التأكيد على ضرورة رَفْعِ نَسَقِ التعبئة الوطنية الشاملة ورصِّ الصفوف في إطار جبهة داخلية قوية للترافع عن القضية الوطنية والتعريف بها على أوسع نطاق في مختلف المحافل الدولية الرسمية والحزبية لمواجهة المخاطر المُحْدِقَةِ ببلادنا والتصدي لمناورات خصوم وحدتنا الترابية.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• لقد انتقلت بلادنا إلى عَتَبَةٍ أَعْلَى في الإصلاحات الهيكلية الاجتماعية، تجسيدا لتوجه الدولة الاجتماعية كما حدَّدَ معالمها وركائزها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وإِعْمَالاً لروح وفلسفة وثيقة المطالبة بالاستقلال ومقاصد المشروع المجتمعي الذي بَشَّرَتْ به.
 
• وهاهي الحكومة، التي نحن أحد ركائزها الأساسية، تعمل جَاهِدَةً بتوجيهات من جلالة الملك، على تنزيل هذا الخِيَارِ الاستراتيجي في مجال تقليص الفوارق الاجتماعية، من خلال عدد من السياسات والبرامج والمشاريع نجد في صَدَارَتِهَا وَرْشَ تعميم الحماية الاجتماعية الذي يُشكِّلُ قَطْيعَةً مع المَاضِي، ويُعِيدُ الاعتبار لجميع المغاربةِ بدون تَمْييزٍ، بحيث سيمكِّنُهُم من الاستفَادةِ سواسيةً من الحق في التغطية الصحية والحق في التعويضات العائلية، لاَسِيَمَا بالنسبة للفئات المعوزة في المجتمع من مختلف الأعمار. وهي أوراش تنطلق عمليا سنة 2023، وتحرص الحكومة على تنْفِيذِهَا وفق التوجيهات الملكية السامية والجدولة الزمنية التي ينص عليها القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، كما تَمَّتْ تعبئة الموارد الكافية في إطار القانون المالي لتغطية نَفَقَاتِهَا (9.5 مليار درهم للتَّغطية الصحية للمُعوزين، و3 مليار درهم للتعويضات العائلية، فَضْلاً عن 2.5 مليار درهم لبرامج تيسير ودعم الأرامل والأشخاص في وضعية إعاقة).
 
• هذا وزيادةً على ملايير الدراهم التي أَنْفَقَتْها أو رَصَدَتْهَا الحكومة لدعم المواد الأساسية، من غاز بوتان وسكر ودقيق ليِّن وتحمل زيادات فواتير الكهرباء من أجل التخفيف من ضغط التضخم وحماية القدرة الشرائية للأسر المغربية أمام انعكاسات ارتفاع الأسعار الدولية، فقد عملت الحكومة في إطار تقليص الفوارق الاجتماعية وتيسير الارتقاء الاجتماعي على:
 
- تخصيص حوالي 100 مليار درهم من ميزانية 2023 لقطاع الصحة والتعليم، بالنظر إلى أهمية الخدمات المتعلقة بتأمين ولوجِ وجودة التَّمدرس والعلاجات للمواطنات والمواطنين، لاسيما ذَوِي الدَّخْلِ المحدود والمعوزين؛
- رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص وتخفيض المدة اللازمة للاستفادة من المعاش من 3240 إلى 1320 يَوْمَ عملٍ، لتمكين فئات واسعة من العاملين في المقاولات من الحق في معاش التقاعد، وبالتالي الاستفادة من دَخْلٍ قَارٍّ؛
- رفع الحد الأدنى للأجر في الوظيفة العمومية إلى 3500 درهم؛
- ورفع أجور الأطباء والممرضين والأساتذة الجامعيين.
 
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• وتَوَخِّياً للإنصاف الذي يمثل الهدف الأسمى لهذا الورش الملكي الهام، عملت الحكومة مُطَوَّقَةً بتعهداتها الواردة في برنامجها الحكومي، المُستَلْهَمِ من التزامات البرامج الانتخابية للأحزاب المكوِّنَةِ لها، والمؤطَّرة بروح الانسجام والتضامن والتعاون والرؤية المشتركة بأبعادها الوطنية والجهوية والترابية، وفي إطار من التنسيق والتقائية وتكامل السياسات العمومية على:
 
- تسريع وتيرة إخراج والمصادقة على المراسيم التطبيقية الخاصة بفئات عريضة من المستفيدين، مَكَّنَتْ المستقلِّين والحرفيين (الفلاحون، الصناع التقليديون، التجار، الفنانون، المقاولون الذاتيون، الأطباء، الصيادلة، الموثقون، المهندسون، المساحون الطوبوغرافيون، البياطرة، أطباء الأسنان، المرشدون السياحيون وممارسو مهن التمريض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي...) والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة المتوفرين على بطاقة راميد، من التغطية الصحية الإجبارية والاستفادة من نفس سُلَّةِ العلاجات والخدمات التي يستفيذُ منها موظفو القطاع العام وأُجراء القطاع الخاص، بشكل يضمن تكافؤ الفرص في نفس الحقوق والواجبات؛
- تمكين المستفيدين من نظام المساعدة الطبية "راميد" (أكثر من 11 مليون مستفيذ) من الاستفادة من نظام التأمين الإجباري عن المرض، وهو ما سيمكن من توفير دخل غير مباشر وتقليص التكاليف الصحية بالنسبة لأسر الطبقة المتوسطة الدنيا والفقيرة؛
- ضمان استفادة الأسر التي تعاني الفقر والهشاشة والتي لا تستفيد من تعويضات عائلية، من دعم مباشر في إطار تعميم هذه التعويضات، ويتعلق الأمر بـ 7 مليون طفل و3 ملايين أُسرة ليست لها أطفال في سن الدراسة والمسجلة في السجل الاجتماعي الموحد؛
- تسريع وتيرة تنفيذ ورش الاستهداف الاجتماعي للمعوزين والفئات الهشة، بما يقتضيه ذلك من إخراج وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد؛
- تعزيز آلية التعويض عن فقدان الشغل، وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، من خلال تنزيل نظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطاً خاصّاً، ليشمل كلَّ الفئاتِ المعنيةِ، ضمانا لاستقرارهم المهني والاجتماعي والأسري.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• كما كان في مقدمة أولوياتها، وهي تُعِدُّ قانون المالية لسنة 2023، تَجْسِيدُ تَوَجُّهِ الدولة الاجتماعية من خلال، تعزيز الدعم الاجتماعي وتحسين دخل الأسر وتقوية الطبقة المتوسطة وتوسيع قاعدتها وتخفيف الضغط الجبائي وتوفير فرص الشغل والحفاظ عليها لحماية المواطنات والمواطنين من البطالة والفقر والهشاشة.
 
• ولأن الظرف الحالي، ظرف خاص، مليء بالتحديات والإكراهات التي أفرزتها الظرفية الاقتصادية غير الملائمة الناتجة عن تداعيات جائحة كورونا، وانعكاسات الحرب في أوكرانيا، فإن الحكومة، انطلاقا من مسؤوليتها السياسية وهويتها الاجتماعية، لم تستسلم لهذه المُثبِّطاتِ ولم تَرْكَنْ إلى التبرير وتقديم الأعذار، في المُضيِّ قُدُماً في تقليص الفوارق الاجتماعية، بل تجاوبت مع انتظارات المغاربة في خلق فرص الشغل والحفاظ عليها، لإخراج الناس من الفقر والهشاشة، من خلال:
- تعزيز قدرات التشغيل العمومي، من خلال توفير 40.000 ألف منصب مالي خُصِّصَ الحَيِّزُ الأكبر منها للصحة والتعليم لدعم خدمات هذين القطاعين؛
- الرفع من الاستثمار العمومي من 240 مليار درهم إلى 300 مليار درهم، ليبقى الهدف الأساسي من هذه الاستثمارات هو خلق فرص الشغل؛
- تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، لإعطاء دينامية جديدة للاستثمار العمومي، لتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني وخلق المزيد من فرص الشغل؛
- تمديدُ العملِ ببرنامج تحفيز إلى متمِّ سنة 2026، لتشجيع المقاولات والجمعيات والتعاونيات الحديثةُ النَّشْأَة على التشغيل عبر تحمل الدولة، لمدة سنتين، للاشتراكات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولحصة المُشَغِّل المتعلقة بضريبة التكوين المهني، وكذا الإعفاء من الضريبة على الدخل في حدود 10.000 درهم؛
- دعم برنامج "أوراش" بـ 2.25 مليار درهم بهدف توفير 250 ألف منصب شغل خلال سنتي 2022 و 2023؛
- دعم برنامج "فرصة" بـ 1.25 مليار درهم على شكل قروض شرف تصل لـ 10 ملايين سنتيم منها مليون سنتيم كمنحة مع ضمان المواكبة والتوجيه والتكوين؛
- إعطاء نفس جديد لبرنامج "انطلاقة" وضمان استدامة المشاريع المحدثة بفضله؛
- دعم المقاولات الوطنية وحمايتها من الإفلاس للحفاظ على فرص الشغل، وذلك من خلال:
✓ ضَخُّ 13 مليار درهم لأداء مستحقات الضريبة على القيمة المضافة، لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة من التوفر على قدر كبير من السيولة من أجل الصمود والانخراط في دينامية خَلْقِ القيمة المضافة وفرص الشغل؛
✓ السماح للمقاولات التي تعاني من صعوبات مالية جَرَّاءَ تداعيات جائحة كورونا، بإعادة جدولة سَدَادِ القروض المضمونة في إطار آليَّتَي "أكسجين" و"إقلاع" وبالتالي الاستفادة من فترةِ سَدَادٍ إضافيةٍ؛
✓ اتخاذ إجراءات وتدابير تخفيفية، لصالح المقاولات العاملة في مجال قطاع البناء والأشغال العمومية لمساعدتها على تجاوز تداعيات ارتفاع أسعار مواد البناء، خلال تعاقداتها في إطار الصفقات العمومية؛
✓ تقليص بكيفية تدريجية الضريبة على الشركات من 31% إلى 20% في أفق 2026، في مقابل الرفع من الضريبة على المقاولات الكبرى إلى 35% وعلى المؤسسات المالية ومؤسسات التأمين إلى 40%؛
✓ إصلاح المرسوم المُنَظِّم للصفقات العمومية لتعزيز الشفافية وتحسين مناخ الأعمال ومساعدة المقاولات وتدعيم آلية الأفضلية الوطنية (صادقت الحكومة على مشروع المرسوم رقم 2.22.431  المتعلق بالصفقات العمومية يوم الخميس 29/12/2022)، من خلال:
− رفع قيمة سندات الطلب من 200.000 درهم إلى 500.000 درهم لإفساح المجال أمام المقاولات الصغيرة جدا؛
− إعادة توجيه آليات تقييم العروض إلى الأحسن ثمنا بدل الأقل؛
− تخصيص 30% من مُجْمَلِ الصفقات للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا وللمقاولات المبتكرة المبتدئة وللتعاونيات.  
 
• إننا أمام ثورة اقتصادية واجتماعية حقيقية موسومة بتحول عميق يقوده جلالة الملك، برز وَقْعُهُ بَادِياً للعَيَانِ وصار جَنْيُ ثماره في متناول اليد بما ينطوي عليه من نهضة تنموية اقتصادية واجتماعية وإرساءٍ لدعائم العدالة الاجتماعية والمجالية وتحسينٍ لظروف عيش المواطنات والمواطنين وصيانة كرامتهم وتحصينِ ودعمِ الفئات الهشة والفقيرة، في سياق ظرفيةٍ مُتَّسِمَةٍ بالتقلبات الاقتصادية والمخاطر الصحية والطوارئ المتعددة الأبعاد.
 

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• وعلى منوال جهود الإنصاف الاجتماعي، الهدف المنشود لتقليص الفوارق الاجتماعية، تعمل الحكومة على تقليص الفوارق المجالية لتحقيق الإنصاف المجالي من خلال، تحسين الولوج إلى الخدمات الصحية، والولوج إلى الماء، وتحسين جاذبية الاستثمار بالمناطق القروية والنائية، وذلك في أفق إحداث التوازن الاجتماعي والمجالي والاقتصادي وإرساء العدالة المجالية والتوزيع العادل للثروة وضمان تكافؤ الفرص للجميع في الاستفادة من ثمار التنمية الاقتصادية والاجتماعية:
 
1- لقد انطلقت بلادنا في تنزيل التحول المنشود للمنظومة الصحية، بحيث:
- لم تعد مرتكزة بشكل رئيسي على ميزانية الدولة فقط، بل تم تدعيمها بتمويلٍ من صناديق الضمان (CNSS-CNOPS) لحل إشكالية الولوج للخدمات الصحية؛
- لأن توفير هاته الأخيرة بالجودة الكافية، للفئات الهشة والفقيرة في المناطق الجبلية والقروية والنائية، بَاتَ مَدْخَلاً حاسما لتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص ومحاربة التوريث الجيلي للفقر، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
 
• ولاشك أن القانون الإطار الجديد رقم 06.22 المتعلق بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية (صدر في الجريدة الرسمية في دجنبر 2022)، يستجيب لهذا التوجه، من خلال:
- إعادة هيكلة وتأهيل شامل للقطاع الصحي، بما يستجيب لانتظارات المغاربة في تسهيل الولوج للخدمات الصحية بمختلف جهات المملكة؛
- اعتماد مقاربة ترابية في تنزيل الإصلاح الصحي، من خلال التأسيس لمنظور جهوي للحصول على عمل مترابط ومتكامل ومشترك بين المستشفى الجامعي والجهوي والإقليمي والمستوصفات والمراكز الصحية في المناطق القروية ضمانا للعدالة المجالية الصحية؛
- اعتماد حكامة استشفائية وتخطيط ترابي للعرض الصحي؛
- اعتماد توزيع مُتَكَافِئ ومُنْصِف للخدمات الصحية عبر التراب الوطني، من خلال خرائط صحية جديدة تُدْمِجُ جهات المملكة في تطوير الخدمات الصحية؛
- إحداث مستشفيات جهوية على المستوى الوطني بما يُمَكِّنُ كل جهة من التوفر على مستشفى جامعي خاص بها، إرساءً للتوازن على الصعيد الجهوي، وللعدالة ومبدإِ تكافؤ الفرص؛
- تثمين الموارد البشرية الطبية وتحفيزها على المستوى المجالي للقطع مع تمركزها في المدن الكبرى والساحلية، مَسْنُوداً بمجهود خاص في التكوين وتعزيز القدرات والكفاءات؛
- اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين وتكوين المخزون الاستراتيجي الوطني من الأدوية والمنتجات الصحية، تَكْفُل الولوج العادل إلى الأدوية الأساسية بجودة وأسعار مناسبة بمختلف جهات المملكة.
 
2- كما أن تفعيل الميثاق الجديد للاستثمار، من شأنه خلق فرص الشغل وإرساء عدالة مجالية، تمكن من النهوض بتنمية مُنصفة للمجال من خلال تشجيع الاستثمار في الأقاليم الأكثر هشاشة وتقديم دعم خاص للمناطق الحدودية والنائية وتحسين جاذبية الاستثمار بها، واعتماد تحفيزات لجلب الاستثمارات ودعم المقاولات على غرار المشاريع المهيكلة بكل من إقليم الناظور بجهة الشرق، والداخلة بالأقاليم الجنوبية (ميناء الناظور غرب المتوسط والميناء الأطلسي بالداخلة وما يواكبهما من مشاريع صناعية واقتصادية موفرة لفرص الشغل) والمناطق الصناعية الجديدة.
 
3- ويبقى الحصول على الماء حق دستوري؛ حيث كرس دستور المملكة لـ 2011، في مادته 31 "المساواة في وصول المواطنين والمواطنات إلى الشروط التي تسمح لهم بالتمتع بالحق في الحصول على الماء والبيئة الصحية". 
 
في هذا الإطار وبفضل السياسة الرشيدة والاستباقية التي نَهَجَهَا المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله وسار على نهجها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تمكنت بلادنا من إنجاز بنيات تحتية مهمة لتعبئة الموارد المائية الاعتيادية والغير الاعتيادية، تلعب دورا مهما على المستويات الاجتماعية والاقتصادية. إلا أن الاكراهات التي تعرفها هذه الموارد، وخاصة تأثير التغيرات المناخية التي تَجْتَاحُ بلادنا كباقي بلدان العالم، تُعِيقُ تنمية هذه الموارد لمواكبة كل الحاجيات المائية للساكنة وللقطاعات المستهلكة والمستعملة للماء.
 
أمام هذه التحديات، تم إنجاز الاستراتيجية الوطنية للماء سنة 2009 والتي تم تقديمها لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في 14 أبريل من نفس السنة. إلا أن البرامج والمشاريع التي سطرتها هذه الاستراتيجية عرفت تَأَخُّرا كبيرا وخاصة الهيكلية منها والمرتبطة بضمان الأمن المائي والغذائي.
 
وبالنظر للإجهاد المائي الذي تعرفه بلادنا نتيجة توالي سنوات الجفاف منذ 2018، وتطبيقا للتوجهات الملكية السامية في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة لضمان الماء للجميع والتي تمحورت حول أربعة توجهات رئيسية تتسم بالآنية والاستعجالية، انْكَبَّتِ الحكومة الحالية على تسريع وتيرة إنجازها لخلق نقطة تحول حاسمة في تنزيل السياسة المائية. وتَهُمُّ هاته التوجهات:
- إعادة استعمال المياه العَادمة وتحلية مياه البحر لدعم ضمان تزويد المدن الساحلية بالماء الصالح للشرب وسقي المساحات الخضراء مما سيمكن من تخصيص المياه المُعَبَّأة بواسطة السدود للمدن والمراكز والمناطق القروية الداخلية. وبهذا سنقوم بعدالة مجالية في تخصيص المياه المعبأة بين الساكنة بعالية الأحواض وسَافِلَتِهَا؛
- الاقتصاد في الماء والحد من تبذِيره من خلال تدبير عقلاني لمياه الشرب بالرفع من مردودية قنوات توزيع الماء الصالح للشرب وقنوات جَرِّ وتوزيع مياه السقي لاستعمال أمثل للمياه في كل مجالات استغلالها واستعمالها، مع ما يتطلبه ذلك من التقائية المشاريع القطاعية لنجاعة التدبير المائي والمالي لكل المشاريع التي تهم قطاع الماء؛  
- الحفاظ على الموارد المائية الجوفية كمورد استراتيجي للأجيال المقبلة من خلال العُقَد المائية التي قمنا بإعدادها وتوقيع أربعة منها لتدبير تشاركي يهم كل مُسْتغلي الطبقات المائية الجوفية وعن طريق تطعيمها الاصطناعي.
 

• تلكم أيتها الأخوات، أيها الإخوة، بعض مظاهر التحولات والإصلاحات الهيكلية، التي نحن مدعوون جميعا، انطلاقا من رصيدنا الفكري المتنور، وخيارنا التعادلي المتجدد، وتجربتنا الرائدة في تدبير الشأن العام المحلي والوطني، ومن باب الوفاء بالتزاماتنا وتعهداتنا المشتركة مع حلفائنا في التحالف الحكومي، نحن مدعوون لإنجاحها وإسناد الحكومة في مختلف أوراش الإصلاح ومواكبتها في تنزيل البرنامج الحكومي، بما يستجيب لتطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين ويُلَبِّي مطالبهم المشروعة في توفير شروط الحياة الكريمة.
 
• ونعتز في حزب الاستقلال، بأن ما تعرفه بلادنا من تحولات عميقة، تسير على نَهْجِ وَخُطَى وروح ومبادئ وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي طبعت بأبعادها السياسية ومضامينها الإصلاحية مسار مغرب ما بعد الاستقلال، بدءا بتأسيس دولة الحرية والاستقلال والوحدة بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، مرورا بعصرنة الدولة وتحديثها وبنائها السياسي والديمقراطي في عهد المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، وصولا إلى عهد الملكية المواطنة، التي أَرْسَت، بقيادة حكيمة ومتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، دعائم الدولة الاجتماعية وأسَّست لمغرب التحولات السياسية والدبلوماسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، بالنظر لما تعرفه بلادنا من نفس إصلاحي متجدد كفيل بتعزيز دولة الإنصاف والتضامن والتعاون والعيش الكريم للمواطنات والمواطنين.
 
• كما نعتز بكون الأهداف النبيلة التي يروم تحقيقها التحول المجتمعي الذي تعمل الحكومة على تجسيده على أرض الواقع، بما يتضمنه من تقليصٍ للفوارق الاجتماعية والمجالية،  ترسيخا لأسس الدولة الاجتماعية، يتماهى تماما مع أهداف ومرامي التعادلية الاقتصادية والاجتماعية التي أبدعها الزعيم علال الفاسي رحمه الله وقدمها للمغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في 11 يناير 1963، لتكون امتدادا طبيعيا لوثيقة المطالبة بالاستقلال.
 
• ولتحصين هذه المكاسب والإنجازات، وما يرافقها من انتصارات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والرياضية، والتي يتعين استثمارها على الوجه الأمثل لتعزيز مكانة بلادنا وَرِفْعَتِهَا بين الأمم، بات من الواجب علينا البناء على الزَّخَمِ الهُوِيَّاتِي والمنسوب الكبير للحس الوطني، الذي ما فَتِأَتْ تُذْكيه هذه التراكمات الإيجابية المتواترة، من أجل تمتين روابط الانتماء إلى الوطن والإنسية المغربية. وهو أمر يستلزم أن نعمل جميعا على مواصلة سيرورة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تَوَافَقْنَا حول مضامينها في النموذج التنموي الجديد، والتي من شأنها توطيد مقومات الرابط الاجتماعي والتماسك المجتمعي، وإرساء منظومة للقيم والأخلاقيات تَقْطَعُ مع كل أشكال الفساد والتضاربات التي تحقق المصالح الشخصية على حساب الصالح العام، وغيرها من الممارسات الضَّارَّةِ برصيد الثقة في الفعل العمومي، وفي التعاملات بين المواطنات والمواطنين والمؤسسات.  

أيتها الأخوات، أيتها الإخوة؛
 
• إننا أمام ورش مفتوح للتحولات والإصلاحات الهيكلية التي تنسجم مع انتقالات المجتمع وتطوراته وتستجيب لمتطلبات المرحلة وتطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين، يتطلب منا، إِذْكَاءَ قُدُرَاتِنَا الجماعية كاستقلاليات واستقلاليين على الإبداع والاقتراح وبلورة الحلول والبدائل في مواكبة هذه التحولات وإنجاحها، باستحضار القيم الاستقلالية الأصيلة،  والفكر التعادلي المتجدد والتشبُّع بالحس الوطني الراسخ.
 
• ويتطلب منا قبل كل شيء، رفع منسوب التعبئة النضالية ورص الصفوف ومواصلة تعزيز وحدة الحزب وتماسكه، تحت سقف البيت الاستقلالي الجامع والمُحَصَّنِ من أي إِنْهَاكٍ تنظيمي.
 
• نعم، إن الرهان معقود على مختلف تنظيمات الحزب ومؤسساته الموازية وروابطه المهنية وكافة مناضلاته ومناضليه، من أجل الالتفاف حول حزبهم العتيد، لإنجاح الاستحقاقات التنظيمية للحزب، خلال هذه السنة، وفي مقدمتها عقد المؤتمر الثامن عشر للحزب، الذي نريد له أن يكون مؤتمرا جامعا ومحطة تنظيمية فارقة في تاريخ الحزب وعُرسا استقلاليا وديمقراطيا بامتياز، ومناسبة لتقييم الأداء السياسي والتنظيمي للحزب والتداول في القضايا المجتمعية الكبرى مع ما يتطلبه ذلك من تطوير لبيته الداخلي وتحديث عمل مؤسساته وهياكله وآليات اشتغاله بشكل يكون معه قادرا على مواكبة تحولات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى تجديد نُخَبِهِ وتطوير فكره التعادلي، لتعزيز جاذبية العرض الاستقلالي وتقوية مكانة الحزب في الساحة السياسية الوطنية.
 
أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛
 
• وفاء للروح الإصلاحية التي حملتها وثيقة المطالبة بالاستقلال، يحدونا الأمل أن يستشعر الجميع رسالتها الوطنية ووَقْعَهَا المجتمعي، للانخراط بكل مسؤولية وروح وطنية في إحداث الإصلاحات المنشودة، واستثمار كل تعبئة إرادية وطنية للعزائم والقُدرات والمكتسبات لإنجاح هذا الجيل الجديد من التحولات الحاسمة في مسار تطور بلادنا وازدهارها. وليكن ذلك أعظمَ تكريمٍ وعرفانٍ لمن صنعوا حدث 11 يناير 1944 وأسَّسوا بتضحياتهم لما نحن عليه اليوم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته."