بوابة حزب الاستقلال

في ليلة الوفاء.. الأخ نزار بركة يعدد مناقب فقيد الحزب الكبير سي محمد الوفا ويستحضر مساره النضالي والمهني والسياسي الحافل

الاربعاء 30 ديسمبر 2020

في ظل أجواء تغمرها مشاعر الوفاء ونعي ورثاء مؤثر لفقيد الحزب الكبير المرحوم سي محمد الوفا، مرت فعاليات الأمسية التأبينية التي نظمتها منظمة الشبيبة الاستقلالية مساء يوم الثلاثاء 29 دجنبر 2020 بالمركز العام للحزب بالرباط، وفاء لروح الفقيد العزيز وأحد قياديي حزب الاستقلال البارزين وأبنائه البررة.

هذه الأمسية التي ترأس فعالياتها الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال إلى جانب الأخ عثمان الطرمونية الكاتب العام لمنظمة الشبيبة الاستقلالية، عرفت حضور عدد من الشخصيات والقيادات الحزبية من بينهم السيد عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة والسيد محمد أمكراز وزير التشغيل والكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية وعدد من الأخوات والإخوة أعضاء وعضوات اللجنة التنفيذية وبرلمانيي الحزب وعدد من المناضلات والمناضلين وأفراد عائلة المرحوم وأصدقائه ومحبيه، الذين حجوا جميعا ليودعوا بقلوب مكلومة رجلا وطنيا صادقا من طينة الكبار.


وتناول الأخ نزار بركة الكلمة، معربا في مستهلها عن بالغ تأثره بهذا الرزء الكبير وعن تلقيه لهذا المصاب الجلل بقلب خاشع منكسر، وعيون دامعة ونفس مكلومة تغمرها مشاعر الأسى والألم، لفقدان مناضل فذ ومجاهد مخلص، المشمول بعفو الله، فقيد الحزب الكبير، الأخ والصديق والقريب العزيز، المرحوم سي محمد الوفا.

وعبر الأخ الأمين العام عن اعتزاز حزب الاستقلال برسالة التعزية الملكية في وفاة الأخ محمد الوفا، والتي عدد فيها جلالة الملك مناقب الفقيد وما كان يتحلى به من تفان وإخلاص في خدمة المصالح العليا للوطن وغيرة وطنية صادقة ووفاء مكين للعرش العلوي المجيد وتشبث متين بثوابت الأمة ومقدساتها.

واعتبر الأخ نزار بركة أن تنظيم الشبيبة الاستقلالية  لهذه الأمسية التأبينية المهيبة، وفاء لروح الفقيد، المجاهد سي محمد الوفا، الكاتب العام الأسبق للمنظمة الشبيبة الاستقلالية، هو تعبير صادق عن ما يكِنُّه جميع الاستقلاليات والاستقلاليين، للراحل رحمه الله، من مشاعر المحبة والتقدير والاعتزاز بالخدمات الجليلة التي قدمها لوطنه ولمواطنيه وللحزب وبالإسهامات الكبرى التي طبعت مساره النضالي والمهني والسياسي.
 


وأبرز الأخ الأمين العام أن مسار فقيد الحزب حافل بالبذل والعطاء بإيثار وسخاء، شاهد على شموخ هذا المناضل الوطني الكبير وعلى بروره وروحه الوطنية الصادقة وتفانيه وإخلاصه لثوابت الوطن ومقدساته ولقيم الحزب ومبادئه وخدمة الصالح العام، حيث كان رحمه الله مناضلا استقلاليا فذا، تربى وترعرع في مدرسة الوطنية الأصيلة بحزب الاستقلال، ونهل من معينها نبل الأخلاق، وفضيلة الوفاء، وحسن الخصال، ومعاني الوطنية الصادقة والمواطنة الحقة وشجاعة الجهر بالحق والاستماثة في الدفاع عنه.

كما سجل الأخ نزار بركة أن الفقيد تدرَّج في جميع هياكل الحزب وتنظيماته ومؤسساته، ناسجا لأطيب العلاقات وأرقاها مع كافة المناضلات والمناضلين ومختلف قيادات التنظيمات الحزبية، حيث تحمل رحمه الله، مسؤولية رئاسة الاتحاد العام لطلبة المغرب من سنة 1969 إلى سنة 1972، ثم انتخب كاتبا عاما لمنظمة الشبيبة الاستقلالية ما بين سنة 1976 و1984، فعضوا باللجنة التنفيذية للحزب لعدة ولايات، بالإضافة إلى عضويته بكل من المجلس الوطني واللجنة المركزية للحزب، وتقلده مسؤولية إدارة صحافة الحزب من خلال مؤسسة الرسالة.
 

مبرزا أن عطاء الفقيد تميز في كل هذه المحطات الحزبية والنضالية بالجدية والمسؤولية والانضباط والتحلي بالروح الوطنية العالية، حيث كان رحمه الله مناضلا مثابرا، متشبعا بفكر الزعيم علال الفاسي ومدافعا صلبا عن قيم الحزب ومبادئه وعن مرجعيته التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، ناجعا وحاسما في مختلف المسؤوليات الحزبية التي تقلدها وكافة المهام التي كُلِّف بها وأنجزها بكل كفاءة واقتدار، فضلا عن تقديراته وملاحظاته القيّمة واقتراحاته النيّرة وإسهاماته الفعالة التي شكلت طوال مساره النضالي قيمة مضافة سواء في اجتماعات اللجنة التنفيذية أو المجلس الوطني أو اللجنة المركزية.

كما استحضر الأخ الأمين العام  صلابة الفقيد سي محمد الوفا ومواقفه الشجاعة داخل حرم الجامعة وتشبثه بعقيدته الاستقلالية في خضم التدافع الإيديولوجي القوي حينئذ وهو رئيس للاتحاد العام لطلبة المغرب، مستذكرا في الآن ذاته الدور السياسي الكبير الذي لعبه المرحوم إلى جانب بعض إخوانه أمثال الأستاذ امحمد الخليفة والأستاذ سعد العلمي.. في التقريب بين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكذا مساهمته الفعالة في تأسيس الكتلة الديمقراطية التي أَحدَثت نقلة نوعية في مجال الإصلاحات السياسية والدستورية واستهدفت إرساء القواعد الصلبة والأسس المتينة لترسيخ نظام ديمقراطي حقيقي ببلادنا وتكريس سلطة المؤسسات وتعزيز سيادة القانون ودمقرطة وتحديث أجهزة الدولة على كافة مستوياتها، وتَمتُّع المواطنات والمواطنين بحريات وحقوق المواطنة.
 


وأردف الأخ نزار بركة قائلا : "لقد قَدَّرَ فقيدنا العزيز عِظم وحجم المسؤوليات والمهام المتعددة التي تقلدها، فكان له حضور متميز وفاعل في الميدان الأكاديمي منذ اشتغاله أستاذا جامعيا بكلية الحقوق بالرباط سنة 1976، كما سجل نفس الحضور في المسؤوليات الانتخابية، فشهد له القاصي والداني، بعلو كعبه وقوة أدائه البرلماني، حينما انتخب نائبا برلمانيا من سنة 1977 إلى سنة 1997، حيث ساهم في ارتقاء وتطور أداء الحزب في الدفاع والترافع عن مصالح المواطنات والمواطنين وتعزيز مكانة الحزب في المشهد السياسي الوطني"، مستحضرا باعتزاز مواقف الفقيد القوية ضد برنامج التقويم الهيكلي سنة 1983 والدور الذي لعبه في تقديم ملتمس الرقابة ضد الحكومة سنة 1990، مضيفا أن هذا الحضور القوي لازمه في فترة ترأسه للمجلس البلدي لمدينة مراكش ما بين 1983 و 1992، وهي فترة أبان خلالها عن جدارة واقتدار في تدبير الشأن المحلي وخدمة مصالح الساكنة، وتدعيم الديمقراطية المحلية.

كما أوضح الأخ الأمين العام أن سي محمد الوفا رحمه الله كان لرصيده الفكري والنضالي، وحسه الوطني العالي وما راكمه من خبرة وتجربة في مساره الأكاديمي والمهني، الأثر البارز في مسؤولياته الدبلوماسية والحكومية، حيث شغل الراحل منصب سفير صاحب الجلالة في كل من جمهورية الهند ما بين سنة 2000 وسنة 2004 والجمهورية الإسلامية الإيرانية سنة 2006 وجمهورية البرازيل الاتحادية سنة 2009، مبرزا أنه في كل هذه المحطات الدبلوماسية كان الفقيد  دبلوماسيا متميزا، مدافعا قويا عن المصالح العليا للبلاد، مترافعا مُفحِما عن ثوابت الوطن ومقدساته وقضاياه الكبرى وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، مسجلا أن هذا المسار أهَّله لدخول حكومة صاحب الجلالة سنة 2012، حينما عُيِّن وزيرا للتربية الوطنية ثم وزيرا منتدبا لدى رئيس الحكومة مكلفا بالشؤون العامة والحكامة في أكتوبر 2013.
 


وأكد الأخ نزار بركة أن المرحوم سي محمد الوفا عرف بخصاله الحميدة وأخلاقه العالية وشمائله النبيلة، وهي مناقب أكسبته تقدير ملكه ووطنه وحزبه ومواطنيه، كما أكسبته محبة واحترام محيطه المهني والسياسي والحزبي وكل من عرفوه ولمسوا عن قرب نبل الرجل ووفائه وإخلاصه وتفانيه في خدمة مصالح الوطن، إذ كان الفقيد رحمه الله يتميز بقدرته العجيبة على تدبير الخلاف، والتعايش مع الاختلاف..، بحيث كان الفقيد حاضرا وشاهدا ومشاركا بحماس كبير، في مختلف المحطات والمعارك السياسية الكبرى التي شهدتها بلادنا منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي، والمحطات التأسيسية الحاسمة في مسلسل الانفراج السياسي، والانتقال الديمقراطي، والعمل الوحدوي في إطار الكتلة، والتحضير لتجربة التناوب..
 
كما اعتبر الأخ الأمين العام أن سي محمد الوفا كان دائما، في صدارة كل هذه المعارك والمحطات، حيث كان المناضل الاستقلالي الصلب والثابت على المبادئ والمواقف وشجاعة الرأي، مع تغليبِهِ لمنطق الحوار الذي يحترم باقي الفرقاء، وجنوحِهِ إلى التوافق البناء والدفع في اتجاه إيجاد الحلول، جاعلا من الصالح العام، ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

كما أكد الأخ نزار بركة أن الفقيد كان  رجل التعايش مع الاختلاف من كل الألوان والأطياف والحساسيات السياسية والمجتمعية، من اليمين إلى اليسار، ومن الجامعة إلى الصحافة، ومن العمق الترابي إلى مختلف مستويات صناعة القرار ورجالات الدولة...، وهو ما يفسر المكانة والحظوة التي كان وما يزال يتميز بها، وحتى بعد وفاته، لدى أوساطٍ واسعة ومتنوعة ومتباينة أحيانا، بحيث استطاع أن يقرب فيما بينها، مقتنعا بأن العلاقات المبنية على الاحترام والتعاون ونكران الذات وحب الوطن، قادرة على تذويب أي خلاف أو اختلاف.
 

وسجل الأخ الأمين العام أن  حزب الاستقلال فقد في رحيل الفقيد العزيز، مناضلا مخلصا وإطارا كبيرا من الأطر الكُفأة التي بصمت على مسيرة حزبية ووطنية ناصعة، مردفا بالقول: "عزاؤنا جميعا استثمار هذه المسيرة النضالية الحافلة بالصدق والغيرة الوطنية والوفاء لقيم الحزب، لما تمثله من دروس وعبر لشبابنا للتأسي بقادته، ورموزه في النضال والتحلي بأرقى الخصال للمساهمة في بناء الوطن".

 وختم الأخ نزار بركة كلمته، مودعا بتأثر وحسرة كبيرين فقيد الحزب الكبير سي محمد الوفا، سائلا العلي القدير أن يجزيه خير الجزاء على ما أسداه للوطن وللحزب من خدمات جليلة وأعمال مبرورة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه جميل الصبر والسُّلوان.
 
إنا لله وإنا إليه راجعون