بوابة حزب الاستقلال

كلمة الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال خلال الذكرى الرابعة والأربعين لوفاة زعيم التحرير علال الفاسي

الاثنين 14 ماي 2018

مفهوم تماسك المجتمع وتضامنه عند الزعيم علال كان ملازما للوحدة الترابية للوطن
الزعيم الراحل بقدر ما كان حريصا على استقلال المغرب وتعزيز وحدته وصيانة قيمه بقدر ما كان داعيا للوحدة العربية الكبرى
كان نضاله من أجل استقلال المغرب مقرونا بالكفاح من أجل تحرير فلسطين
الشعب المغربي واحد –متنوع بمقومات وعناصر حضارية وثقافية لا يمكن الفصل بينها
ارتياح كافة مكونات الشعب المغربي لتنامي تفهم المجتمع الدولي لعدالة ومشروعية قضيتنا، وتقديره لمبادرة الحكم الذاتي
دعوة الإخوة في الجزائر الشقيقة إلى استلهام الدروس والعبر واستحضار الصفحات المشرقة من تاريخنا النضالي المشترك




تخليدا للذكرى الرابعة والأربعين لوفاة زعيم التحرير المرحوم علال الفاسي، نظم حزب الاستقلال يوم الأحد 13 ماي 2018، مهرجانا خطابيا كبيرا، تحت شعار "الفكر الوحدوي عند علال الفاسي" بالرباط، وذلك بحضور وازن لمناضلي ومناضلات الحزب بمختلف أقاليم وجهات المملكة.
وترأس الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال أشغال المهرجان الخطابي، الذي حضره المجاهد عباس الفاسي الأمين العام الأسبق للحزب، والأخوين عبد الواحد وهاني الفاسي نجلي الزعيم علال الفاسي، بالإضافة إلى الحضور الوازن للإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب.
وعرف المهرجان الخطابي الذي قدم فقراته الأخ شيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني للحزب، خلال بداية أشغاله إلقاء النشيد الوطني ونشيد حزب الاستقلال، إلى جانب تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وقراة  سورة الفاتحة ترحما على روح فقيد الوطنية الزعيم علال الفاسي.

وفاء لروح الزعيم الخالد والقائد المجاهد والوطني الغيور  

وتناول  الكلمة الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، شاكرا الحضور المكثف لجميع الاستقلاليين والاستقلاليات من أجل الاحتفاء معا بالذكرى السنوية لرحيل زعيم التحرير المرحوم علال الفاسي، معتبرا أن هذه المناسبة التي يدأب الحزب على تخليدها وفاء لروح هذا الزعيم الخالد والقائد المجاهد والوطني الغيور والقدوة والرمز المتعدد الأبعاد، تقديرا لمواقفه الوطنية الخالدة وتضحياته المجيدة في سبيل استقلال وطنه، وكرامة مواطنيه، وصيانة حرمة دينه وعزة امته، وتثمينا لفضائله وعطائه الفكري في مختلف مجالات المعرفة.
وأردف الأخ الأمين العام قائلا "أنه قبل أربع وأربعين سنة غادرنا الزعيم علال الفاسي في لحظة نضالية استثنائية بطعم الوطن، لكن عطاءاته التي لم تنقطع في مختلف أطوار حياته، ما تزال حية حاضرة ومتجددة بيننا عبر أفكاره المبتكرة، وتصوراته الرصينة، واجتهاداته الجريئة، وأشعاره الوطنية، ومشاريعه الاستشرافية في الفكر والسياسية والمجتمع، التي تتجاوز الحاجة الظرفية والمرحلية وتصمد أمام التغيرات ولا يزيدها الزمن سوى شحذا وقيمة، ذلك ان صاحبها قد استبطن منذ البداية وبوعي جد مبكر، ما يظل ويبقى في الشخصية والنبوغ المغربيين".
وأضاف الأخ نزار بركة أنه في هذا الأفق، يجدر تناول المشروع الوحدوي لدى الزعيم علال الفاسي، سواء تأملاته الفكرية والتنظيرية الواردة في كتاباته ومؤلفاته، أو من خلال تجلياته في عدد من الأعمال والمواقف والمبادرات التي سعى إليها الزعيم تجسيدا لهذا المشروع الوحدوي بأبعاده الوطنية والسياسية والثقافية والجيو-استراتيجية، مبرزا أن الزعيم علال الفاسي رحمه الله كان شخصية وطنية متميزة بالعلم النافع والعبقرية الأدبية، والتفرد الفكري والتفاني غير المشروط في تقديم التضحيات الجسام في سبيل العرش والوطن4

 تشبع بخصال الوطنية المؤسسين 

وأكد الأخ الأمين العام أن حزب الاستقلال يتوخى من خلال استحضار الذكرى العطرة لروح هذا الزعيم الوطني الفذ، أن تسود شمائل الرواد والمجاهدين الأفذاذ وخصال زعماء الوطنية المؤسسين، والاستخلاص من مواقفهم الوطنية النبيلة وسيرتهم الحافلة بالأمجاد والبطولات، والدروس والعبر لاستكمال رسالة الزعيم الخالد في التحرير والوحدة، وبناء الديمقراطية الحقيقية، وتحقيق التنمية والتعادلية الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن شروط الحياة الكريمة لكافة المواطنات والمواطنين.
وأبرز الأخ نزار بركة أنه يسجل بكل اعتزاز تخليد هذه الذكرى تحت شعار "الفكر الوحدوي عند علال الفاسي"، في ظرفية نحن أحوج فيها إلى الوحدة ورص الصفوف وتحصين تماسك المجتمع بكل مكوناته وروافده، من جهة وإلى توحيد الكلمة ولم شمل العائلة الاستقلالية بكل مكوناتها وفاء لروح زعيم الوحدة الذي ضرب أروع الأمثلة في العمل الوحدوي من جهة أخرى، مسجلا أن أهم  ما كان يطبع فكر علال الفاسي ويبرز في أعماله وأحاديثه وأقواله وكتاباته هو نزوعه إلى الوحدة بعيدا عن التفرقة والشتات.
وذكر الأخ الأمين العام بأن الزعيم علال الفاسي كان يؤمن بالوحدة إيمانا لا حدود له، وكان حسه الوحدوي يدفعه دوما إلى أن يكون وحدويا في جميع الميادين، وهذا ما أضفى على حياته كلها طابع التميز وأكسبه صفة التفرد وارتقى به إلى مصاف المجاهدين الأفذاذ الذين احدثوا في مجتمعاتهم تأثيرا عميقا وجعل الأجيال في تعاقبها تبقى مدينة له بما قدم لها من صدق في التوجيه، وعصارة في الأفكار، ونبل في المقاصد.
 
البعد الإسلامي من مرتكزات الفكر الوحدوي عند الزعيم علال الفاسي
 
وسجل الأخ نزار بركة أنه من بين مرتكزات الفكر الوحدوي عند الراحل علال الفاسي البعد الإسلام، حيث كان ينطلق في نزعته الوحدوية من الإسلام، دين التوحيد الذي يدفع إلى العمل الوحدوي في مختلف أشكاله ومناحيه، بحيث تشبع بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية التي تدعو إلى الوحدة وتحث على التمسك بها، وهو الأمر الذي كان له انعكاس في مسيرته النضالية وكفاحه الوطني وقيادته للحركة الوطنية.
وأوضح الأخ الأمين العام أن علال الفاسي كانت عقيدة التوحيد، منطلق دفاعه المستميت عن الوحدة الإسلامية التي دعا إليها في المحافل والمنتديات وفي أعماله الفكرية والأدبية، معتبرا الأمة الإسلامية أمة واحدة حدودها دار الإسلام وشعارها توحيد الله وإقامة العدل بين الناس، مسجلا أنه انطلاقا من دفاعه عن الوحدة الإسلامية، بلور رحمه الله فكرة التضامن الإسلامي، وحرص على إيلاء قضايا العالم الإسلامي وشؤونه كامل عنايته واهتمامه، بما في ذلك الدفاع عن تمكين الشعوب الإسلامية الحق في الحرية والاستقلال والنهوض بأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.
 
دفاع مستميت عن القضية الفلسطينية
 
وأبرز الأخ نزار بركة أن الزعيم الراحل اعتبر القضية الفلسطينية قضية اسلامية من صميم الوحدة الإسلامية التي كرس حياته للدفاع عنها، كما تشهد على ذلك مواقفه الخالدة تجاه تحرير فلسطين وإنقاذ المسجد الأقصى، مسجلا أنه عايش جرح نكبة الشعب الفلسطيني، وكان نضاله من أجل استقلال المغرب مقرونا بالكفاح من أجل تحرير فلسطين، وقد جعل مكتب المغرب العربي بالقاهرة رهن إشارة المناضلين الفلسطينيين، وكان وثيق الصلة بقيادات منظمة التحرير الفلسطينية "فتح".
وأشار الأخ الأمين العام إلى أن علال الفاسي لم يتوقف يوما عن الدعوة إلى حشد الدعم المادي والمعنوي والتعبئة الفكرية والشعبية لنصرة إخواننا الفلسطينيين، وكان في مقدمة المؤسسين للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني وقد قال في حقه الشهيد ياسر عرفات "نحن في فلسطين، ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الفلسطيني  "فتح"، نعتز بأخينا علال الفاسي الذي كان واحدا منا، عمل من أجل فلسطين وشعبها ونصرة قضيتها العادلة، وإننا لن ننسى أبدا أن الزعيم المناضل الوطني القومي علال الفاسي رحمه الله، لقي ربه وهو يدافع عن فلسطين وقضية شعبها".
 
علال الفاسي رائد الوحدة الوطنية بمفهومها الشامل
 
واستحضر الأخ نزار بركة أن الزعيم علال الفاسي كان رائدا وحدويا بامتياز في أفكاره وتوجهاته ومواقفه، وكان حريصا على التركيز على عومل الوحدة الوطنية والمذهبية والترابية لبلادنا، وفي هذا الصدد كان الزعيم الراحل يدرك أن من أهم عوامل التضامن وتعزيز الوحدة الوطنية التمسك بالوحدة المذهبية، في إطار المذهب المالكي البعيد عن كل مظاهر الغلو والتطرف، وكان يحذر من انجذاب بعض المثقفين أو السياسيين إلى الأفكار المتطرفة وتقليدها، دون إدراك الأخطاء التي ستجرها على الأمة، وذلك حرصا منه على حصانة مجتمعنا وإبقائه مجتمعا متماسكا ومتضامنا.

كما سجل الأخ الأمين العام أن علال الفاسي استوعب في سن مبكرة خصوصية التربة المغربية التي تتميز بخصائص قلما تتوفر في بلد عربي آخر إنه شعب واحد –متنوع بمقومات وعناصر حضارية وثقافية لا يمكن الفصل بينها، والتي تشكل منظومة متجانسة ومنصهرة تقوي الانسية المغربية، وتخلق المناخ الملائم للتعايش التساكن داخل الوطن الواحد الموحد.
وأكد الأخ نزار بركة أن حزب الاستقلال انبرى سيرا على خطى زعيم العمل الوحدوي، ورائد الإنسية المغربية، مدافعا عن تماسك الأمة ووحدتها، بفعل ما سجله في الآونة الأخيرة من أفكار ودعوات وتوجهات ونزعات من لدى البعض تمس بقيم ونموذج المجتمع المغربي وتستهدف تماسكه وتساكنه، وتسوق لاختيارات مجتمعية مضادة للثوابت الجامعة للأمة المغربية وللهوية الوطنية في تنوع مكوناتها وروافدها والتي تتميز بمكانة الصدارة التي يتبوؤها الدين الإسلامي بمبادئه وتعاليمه السمحة.

وشدد الأخ الأمين العام على ضرورة التحلي باليقظة المشفوعة بالعمل في إطار السياسات العمومية والمبادرة المواطنة من أجل توطيد أواصر الانتماء والارتباط بالإنسية المغربية، لا سيما في صفوف الشباب، وتعزيز مناعة المواطن فيما يحصن لديه قدرات التماسك والتضامن والعيش المشترك والانفتاح، وغيرها من القيم الايجابية والبناءة التي تشكل المقومات الحيوية للهوية الوطنية، خاصة في ظل عودة الدعوات إلى القوميات الحصرية، واتساع نفوذ الأمميات الافتراضية العابرة للحدود والأوطان.
 
نضال دائم من أجل الوحدة الترابية
 
كما اعتبر الأخ نزار بركة أن الزعيم علال الفاسي كان مفهومه لتماسك المجتمع وتضامنه ملازما للوحدة الترابية للوطن، لذا شغلت قضية الوحدة الترابية حيزا هاما من اهتماماته، مبرزا أنه عاش متشبثا بها، مناضلا أقصى ما يكون النضال من أجل دعمها والدفاع عنها، وهو نضال كان نابعا من تصوره لمفهوم الوحدة الوطنية المستندة أساسا على وحدة الأرض ووحدة الكيان، متصديا لخصوم الوحدة الترابية على اختلاف أنواعهم وتعدد أشكالهم، حتى اصبح رمزا لهذه الوحدة وعنوانا لها.
وأشار الأخ الأمين العام إلى  "الألوكة" التاريخية التي وجهها الزعيم علال الفاسي إلى مؤتمر الشبيبة الاستقلالية المنعقد بفاس سنة 1956، لإثارة انتباه الشباب ومن خلاله الرأي العام الوطني والدولي إلى أن الاستقلال مازال منقوصا، نظرا لأنه لم يشمل أجزاء هامة من الوطن، وظل يدعو إلى مواصلة النضال لاستكمال الوحدة الترابية، إلى أن تم استرجاع أقاليمنا الصحراوية، الساقية الحمراء ووادي الذهب بفضل المسيرة الخضراء التي أبدعها وسهر على تنظيمها وإنجازها جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني.

وعبر الأخ نزار بركة بهذه المناسبة عن تجديد اعتزازه بالانتصارات المتتالية التي ما فتأت تحققها بلادنا في مواجهة خصوم الوحدة الترابية، بفضل ما يبذله جلالة الملك محمد السادس من جهود حثيثة، دعما للدبلوماسية الرسمية والشعبية في الدفاع عن قضيتنا الوطنية وحقوقنا الثابتة.
وأعرب الأخ الأمين العام عن ارتياح كافة مكونات الشعب المغربي لتنامي تفهم المجتمع الدولي لعدالة ومشروعية قضيتنا، وتقديره لمبادرة الحكم الذاتي، التي تشكل بالنسبة لبلادنا، رسميا وحزبيا وشعبيا، سقفا لا يمكن تجاوزه لإنهاء التوتر المفتعل، وخطوة متقدمة لتحقيق الجهوية الموسعة التي تعتبر لبنة قوية لتعزيز بناء الصرح الديمقراطي، علاوة على كونها رافعة تنموية، محفزة على تطوير الخصوصيات المحلية في إطار من التكامل والتضامن بين مختلف الجهات، بما يعزز الوحدة الوطنية والترابية.
 
علال الفاسي رائد الوحدة المغاربية والعربية
 
كما سجل الأخ نزار بركة أن الزعيم الراحل بقدر ما كان حريصا على استقلال المغرب وتعزيز وحدته وصيانة قيمه، بقدر ما كان داعيا للوحدة العربية الكبرى، في مختلف امتداداتها الجغرافية والقطرية، حيث سعى،دائما إلى إشاعة الوعي بضرورة تعزيز العلاقات بين الأقطار المغاربية وبلورة عناصر التقارب بينها، وصولا إلى تحقيق الوحدة الشاملة، فعمل على تجسيد هذا المطمح بإقامة مكتب المغرب العربي بالقاهرة إبان الكفاح الوطني، وغداة الاستقلال اتخذ مبادرة الدعوة لبناء المغرب العربي، قبل انعقاد مؤتمر طنجة التاريخي، كما ترافع على المستوى المغاربي في العديد من مؤلفاته ومقالاته بهدف إخراج هذا الحلم المشروع إلى النور.
وأضاف الأخ الأمين العام أنه في هذا الإطار، سبق له أن قال في كتابه (معركة اليوم والغد) : "لابد أن يكون أساس الاستقلال هو الاتحاد مع إخواننا الذين نكون وإياهم مجموعة إنسانية واحدة بماضيها العقائدي والعاطفي والتاريخي وبصلته الجغرافية والحضارية وبكل المقومات التي تجعلها كتلة واحدة، ووحدة المغرب العربي عنصر هام وضروري في القضاء على تخلف أقطاره لأن الأمراض الاجتماعية والتاريخية واحدة وعلاجها غير متباين".
 
نداء من القلب للإخوة الجزائريين
 
وفي غمرة الحديث عن الجهود الخيرة للزعيم علال الفاسي وكفاحه الطويل لبناء اتحاد المغرب العربي، لم يدع الأخ نزار بركة هذه المناسبة تمر دون أن يغتنمها ليجدد النداء للإخوة في الجزائر الشقيق ودعوتهم لاستلهام الدروس والعبر، واستحضار الصفحات المشرقة من تاريخنا النضالي المشترك، وما يقتضيه من واجب الوفاء لأرواح شهدائنا جميعا من أجل تجاوز المعيقات الظرفية التي عطلت مسار هذا الخيار الاستراتيجي الذي شكل على الدوام مطلبا ملحا لشعوبنا ومطمحا لإرادته الخيرة، ولما يشكله تشييد هذا الصرح المغاربي من دعم وإسناد للأقطار المغاربية ضمن محيطها الإقليمي والدولي، ولما يحققه من مصالح مشتركة لشعوبها وأجيالها المستقبلية في التنمية والتقدم والازدهار.
 
الزعيم علال الفاسي ونضاله من أجل الوحدة العربية والإفريقية
 
وأبرز الأخ الأمين العام أن الزعيم علال الفاسي إذا كان من أشد المدافعين عن الوحدة العربية التي يعتبرها لبنة من لبنات الوحدة الإسلامية، فكان يطالب العرب بتحقيق وحدتهم والتكتل مع بعضهم البعض للوقوف صفا واحدا في وجه المؤامرات الاستعمارية، فإن ذلك لم يشغله عن العمق القاري لبلادنا في إفريقيا، مسجلا أنه كان بحسه الوحدوي، يدعو لوحدة إفريقيا، مبرزا مقومات التلاقي والتضامن بين اقطارها، بفعل ما عايشه عن قرب من معاناتها واضطهادها الاستعماري خصوصا خلال العشر سنوات التي قضاها منفي في أدغالها.
وتابع الأخ نزار بركة أنه علاوة على إعجابه بغنى الحضارة الإفريقية وتنوع ثقافتها، وما لمسه من ميل الإنسان الإفريقي للإسلام الذي كان للمغرب دور هام في نشر تعاليمه السمحة في بلدان جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن الزعيم علال الفاسي كانت لديه قناعة راسخة بأن النضال من أجل تحرير المغرب والأقطار المغاربية هو جزء من الكفاح التحرري القاري.
 
الزعيم علال الفاسي ومسألة الديمقراطية
 
وأوضح الأخ الأمين العام أن المعركة من أجل الديمقراطية شكلت أحد الثوابت الأساسية التي كرس الزعيم علال الفاسي حياته للدفاع عنها في وقت مبكر، إيمانا منه بان الكفاح من أجل الحرية والاستقلال لن يكون ذا معنى حقيقي في غياب ديمقراطية تضمن الحريات والحقوق الفردية والجماعية، وصون كرامة المواطن، بما يوازن بين الحقوق والواجبات، لذلك كان يؤمن بضرورة المزاوجة بين العمل الوطني التحرري، والانكباب على التفكير العميق في إعداد تصور واضح وشامل لتوعية المشروع المجتمعي الذي ينبغي تحقيقه.
وأضاف الأخ نزار بركة أنه في هذا الإطار كانت معركة الديمقراطية حاضرة في البرنامج السياسي الذي اعتمدته كتلة العمل الوطني في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، حيث قررت أن تتحدى سلطة الحماية بتقديم برنامج إصلاح إثر مشاورات واسعة، تمثل في مذكرة مطالب الشعب المغربي التي تقدمت بها في نونبر 1934، والتي أكد على ضرورة الشروع في وضع لبنات الديمقراطية المحلية، يقول الزعيم "وقبل إعطاء هذه الإصلاحات صيغتها النهائية، عملت الكتلة على الاتصال بسائر طبقات الأمة في حواضرها وبواديها، للتعرف على تطلعات المواطنين، والوقوف على الأفكار والتوجهات العامة، لنخلص إلى أن البلاد في حاجة ماسة إلى نظام يحفظ حقوق المغاربة ومصالحهم، أمة وأفرادا، ويسير بهم في صراط التقدم المستقيم".

كما استحضر الأخ الأمين العام مفهوم الزعيم الراحل للديمقراطية الشاملة، من خلال ما تضمنه كتابه (دائما مع الشعب): "إن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كل لا يتجزأ، فلا مجال لتأجيل الحريات السياسية للحصول على الحريات الاقتصادية .. لأن الحريات متضامنة فيما بينها، وهي إما أن تكون كلها أو لا تكون".
وأردف الأخ نزار بركة أن الزعيم علال الفاسي في مقام آخر من الكتاب أكد "أن معركة الديمقراطية طويلة وصعبة، ولكن لابد من خوضها والثبات فيها، إنها بطبعها ليست معركة عنف، ولكنها معركة سلام. وهي قبل كل شيء تربية للنفس ومران على أن نعتبر حقوقنا واقفة عند حقوق الآخرين إنها في سعة الصدر وانفتاح القلب والتسامح في المعاملة والتوفيق بين المتناقضات".
 
علال الفاسي.. مسار حافل وقدوة الأجيال الحالية والقادمة
 
كما أكد الأخ الأمين العام أن هذا هو المسار الحافل الذي ينبغي أن تسير على دربه الأجيال الحالية والقادمة من خلال المشاركة في الشأن العام، والانخراط في العمل السياسي، والدفاع عن القضايا الوطنية، والتمسك بالثوابت الجامعة للأمة المغربية وإعادة الاعتبار للشأن السياسي وتكريس الديمقراطية في بلادنا.
واعتبر الأخ نزار بركة أن هذه قطوف فقط من سيرة زعيم وطني قح، وقدوة في الكفاح والإيثار النضالي المتشبث بالمقدسات والثوابت، وفقيه مقاصدي متنور تفاعل مع مستجدات الواقع، ومفكر مجدد تشرب تحولات الأزمة المعاصرة، وشاعر ألمعي حرك الضمائر والعزائم، وعلامة شامخة ومضيئة في ذاكرة الأمة المغربية، زعيمنا الراحل علال الفاسي.
كما استحضر الأخ الأمين العام بهذه المناسبة بفخر واعتزاز الرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس  إلى المشاركين في المهرجان الخطابي الذي احتضنته مدينة العيون إحياء للذكرى الثلاثين لوفاة الزعيم علال الفاسي. ومما جاء فيها: "كان وسيبقى مدرسة لمن يريد مزاولة السياسة الصادقة في أهدافها، النزيهة في تعاملها، الفاعلة في منهجها.
فالمغرب في أمس الحاجة اليوم إلى نخبة من أمثال علال الفاسي وغيره من رواد جيله، الذين أعطوا لمفهوم الوطنية أروع تجلياته، بانخراطهم في العمل الجاد، وتأطير المواطنين عن قرب من مشاغلهم الحقيقية، دونما انسياق وراء النظريات المستوردة او التيارات الداخلية الهادمة." (انتهى النطق الملكي).