بوابة حزب الاستقلال

كلمة الأستاذ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال في ندوة “حقوق الإنسان في المغرب بين المقتضيات الدستورية والممارسة “

الاربعاء 13 ديسمبر 2017

المغرب حقق تراكمات إيجابية ومكتسبات وازنة في مجال حقوق الإنسان بفضل النهج الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك
ضرورة تحصينُ المكتسبات التي تحققت والعمل على وتطويرُها رصد وتقييم الاختلالات والنقائص التي ينبغي معالجتُها
لا بد من إرساء مقاربة مندمجة تتناول مسألة حقوق الإنسان في شموليتها وبأجيالها المختلفة


كلمة الأستاذ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال في ندوة “حقوق الإنسان في المغرب بين المقتضيات الدستورية والممارسة “
احتضنت القاعة 11 بمجلس النواب، بعد زوال يوم الثلاثاء 12 دجنبر 2017، مائدة حول موضوعحقوق الإنسان في المغرب بين المقتضيات الدستورية والممارسة ” من تظيم الفريق الاستقلاليللوحدة والتعادلية بمجلس النواب بشراكة مع العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان،وهي الندوةالتي تتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان .
وقد ترأس الأستاذ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال أشغال هاته المائدة المستديرة الهامة، إلىجانب الأخ نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس ذالنواب، إضافة إلى كل السادة منمحمد أوجار وزير العدل، والنقيب المصطفى الريسوني  عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعبدالرزاق روان الكاتب العام للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان.

كلمة الأستاذ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال في ندوة “حقوق الإنسان في المغرب بين المقتضيات الدستورية والممارسة “

وتناول الكلمة خلال هذه الندوة الأستاذ نزار بركة، مبرزا أن هذه الندوة مناسبةً سانحةً للوقوف على حصيلة ما تحقق في هذا الصدد بالنسبة لبلادنا، من تراكمات إيجابية ومكتسبات وازنة بفضل النهج الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس حفظه الله،في تجاوب مع تضحيات ونضالات ومطالب القوى الوطنية والديمقراطية والحقوقية؛وانسجاما كذلك مع التزامات المملكة المغربية بالمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة. وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال أنه ينبغي تحصينُ المكتسبات التي تحققت في مجال حقوق الإنسان والعمل على وتطويرُها، وأيضا القيام برصد وتقييم الاختلالات والنقائص التي ينبغي معالجتُها وتدارُكهابما يُمَكِّنُ بلادنا  من استكمال مقومات الحياة الكريمة والمواطنة الكاملة للجميع كما يضمنُها الدستور. وشدد الأخ نزار بركة على ضرورة إرساء مقاربة مندمجة تتناول مسألة حقوق الإنسان في شموليتها وبأجيالها المختلفة، وذلك من أجل تشخيص واقع فعلية هذه الحقوق ببلادنا، مع وضع معايير ومؤشرات إنجاز محددة تُمَكّنُنَا من تتبع وتقييم الآليات والقوانين والسياسات العمومية التي تضطلع بحماية وإنفاذ هذه الحقوق بكيفية مستدامة، ومدىوقعها على تحسين ظروف عيش المواطِنات والمواطنين، وضمان كرامتهم.. في ما يلي النص الكامل لكلمة الأستاذ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال:

السيد الوزير؛

السيد الامين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛

السيد رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية؛

السيد رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان؛

السيدات والسادة   النواب؛

أخواتي، إخواني؛

حضرات السيدات والسادة؛
سعيد بأن أكون معكم فيأشغال هذا اللقاء الهام الذي ينظمه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، حول موضوعحقوق الإنسانبالمغرب بين المقتضيات الدستورية والممارسة؛

 هذا اللقاء يصادفُ، كما تعلمون،إحياءَنا لليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يتميزهذه السنة بالاحتفاءبمرورِ سبعينَ عاما على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تحت شعار:

لنقفْ جميعامن أجل المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية
هذا اللقاء يُشَكِّلُ، بالأساس، مناسبةً سانحةً للوقوف على حصيلة ما تحقق في هذا الصدد بالنسبة لبلادنا، من تراكمات إيجابية ومكتسبات وازنة بفضل النهج الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس حفظه الله،في تجاوب مع تضحيات ونضالات ومطالب القوى الوطنية والديمقراطية والحقوقية؛وانسجاما كذلك مع التزامات المملكة المغربية بالمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة؛

ولعل دستور 2011 يجسد هذه الالتقائية التي انطلقت مع مسلسل المصالحات في العديد من المجالات، ويترجم هذا التعاقد الإراديمن خلال التنصيص على منظومة متقدمة للحقوق والحريات بمختلف أجيالها؛
وعلاوة على المنجزات التي تحققت، على أهميتها، والتي ينبغي تحصينُها وتطويرُها،تعتبرُ هذه المناسبةُ أيضا لحظةً من أجل رصد وتقييم الاختلالات والنقائص التي ينبغي معالجتُها وتدارُكهابما يُمَكِّنُنَا من استكمال مقومات الحياة الكريمة والمواطنة الكاملة للجميع كما يضمنُها الدستور؛

أخواتي، إخواني؛

حضرات السيدات والسادة؛
كما لا يخفى عنكم، إن مسألة حقوق الإنسان سواء في بلادنا أو في غيرها، هي كلٌّ غيرُ قابل للتصرف والتجزيئ ، ومنظومةٌ حيثتتعالق الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحيث تتداخل حقوق الفرد والجماعة والمجتمع؛

وهنا، تحضرُني قولة لمؤسس التعادلية الاقتصادية والاجتماعية،المرحوم الزعيم علال الفاسي، يؤكد فيها:

” إن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كل لا يتجزأ، فلا مجال لتأجيل الحرياتالسياسية للحصول على الحريات الاقتصادية … لأن الحريات متضامنة فيما بينها، وهي إما أن تكونكلُّها أو لا تكون“.
كما يعتبر الزعيم علال الفاسي أن الحرية بهذا المعنى متعدد المستويات، في اقترانها بالمسؤولية تجاه الذات والمجتمع، هي الأساس الحقوقي والقيمي الذي يرتكز عليه المشروع المجتمعي التعادلي، فضلا عنتحقيق المساواة وضمان تكافؤ الفرص وتوفير الحاجيات الأساسية للحياة الكريمة؛

وبالتالي، لا بد من إرساء مقاربة مندمجة تتناول مسألة حقوق الإنسان في شموليتها وبأجيالها المختلفة، وذلك من أجل تشخيص واقع فعلية هذه الحقوق ببلادنا، مع وضع معايير ومؤشرات إنجاز محددة تُمَكّنُنَا من تتبع وتقييم الآليات والقوانين والسياسات العمومية التي تضطلع بحماية وإنفاذ هذه الحقوق بكيفية مستدامة، ومدىوقعها على تحسين ظروف عيش المواطِنات والمواطنين، وضمان كرامتهم؛
وفي هذا الصدد، تجدر الملاحظة إلى أن ارتفاع منسوب الوعي والممارسة على مستوى الاختيار الديمقراطي والتعددية السياسية، وحرية الفكر والرأي والتعبير الفردي والمنظم بمختلف أشكاله ومضامينهووسائطه،بما يعكسُ ديناميةَ المجتمع المغربي وتنوعه..؛
لا يُوازيه في المقابل تطورٌ مماثلعلىمستوى فعلية الحقوق، سواء ذات البعد المواطناتي الأساسي، أو ذات البعد التنموي المباشروالعلاقة بجودة الحياة، رغم الجهود المبذولة والإمكانيات المعبأة، ولا سيما الخصاصُ المسجل في مجالات:
 °تكافؤ الفرص والإنصاف في الولوج إلى خدمات لائقة في مجالات التعليم والصحة والشغلوالسكن؛

°المساواة بين الجنسيناجتماعيا واقتصاديا، ومحاربة كل أشكال التمييز؛
°الولوج إلى الثقافةوالفن والترفيه والرياضة خاصة بالنسبة للشباب؛
°الولوج إلى اللغات الرسمية من خلال تنمية استعمال العربية، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وصيانة الحسانية وباقي اللهجات والتعبيرات الثقافية؛
°حماية الطفولة والأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين؛
°الولوج إلى البيئة السليمة وضمان حقوق الأجيال القادمة؛
°حماية حقوق المهاجرين في الإدماج الاقتصادي والاجتماعي؛
 وهذا، بالإضافة إلى اتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية سواء فيما بين الجهات، أوفيما بين ساكنة المدن وساكنة القرى والمناطق الجبلية، بل وفيما بين الأحياء داخل المدينة الواحدة؛
 ممايسائلُ كل الفاعلين والمتدخلين المعنيينبإدراج المقاربة الحقوقية في صلب مختلف سياسات تدبير الشأن العام، كانت قطاعيةً أو ترابية، وجعلِها في خدمة المواطن وصون كرامته؛

أخواتي، إخواني؛

حضرات السيدات والسادة؛
لست هنا بصدد تقديم أو تقييمالحصيلة الحقوقية لهذه السنة، لأن هذه المهمة هي موكولةٌ لمراصد المؤسسات الوطنية والحكومية المسؤولة، وجمعيات المجتمع المدني الترافعي في مختلف المجالات الحقوقية؛

ولكن، هذا لا يمنع من التشديد على مجموعة من نقط اليقظة التي ينبغي الانتباهُ إليها والاهتمامُ بها، وبلادنُا تسيرُ بخطى ثابتة في ترسيخالخيارِ الديمقراطي وبناء دولة القانون والمؤسسات؛
صحيح أن فعلية حقوق الإنسان هي مسألة معقدة ترتهن بالإرادة السياسية وبالعقليات وبنمط الحكامة، وكذلك بوتيرة التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية داخليا ودوليا، ولكن المهم بالنسبة لبلادنا هي المضي في مسار الإصلاح الذي انطلق مع دينامية المصالحات، في ظل السقف والهوامش المفتوحة التي يمنحها الدستورروحًا ومقتضياتٍ وتأويلا؛ مع ترصيد المكتسبات وتمنيعها من عوامل النكوص والتراجع؛
ومن هذا المنظور، لا بد من نقاش هادئ ومسؤول حول الإشكاليات المطروحة في بعض النوازل، في بعض الأقاليم، وفي بعض المناسبات، التي تهم حرية التعبير عن المطالب المشروعة، وحرية التظاهر السلمي المكفولة بمقتضى الدستور، وذلك بما يوازن:
من جهة، بين فعلية الحقوق بمختلف أجيالها، وتحقيق التنمية الشاملة للساكنة،  بما يراعي الحاجيات والخصوصيات الثقافية المحلية والجهوية الداعمة للوحدة،  وتحقق للمواطن الإنصاف والعدالة وإمكانية الارتقاء الاجتماعي بالتكوين والشغل والاستحقاق؛

ومن جهة ثانية،بين سمو القانون واحترام المؤسسات، في إطار الخيار الديمقراطي والحوار المدني في الترافع وتدبير الخلافوبما يقتضي ذلك، ونحن داخل قبة البرلمان، من إسراع باستصدار واستكمال الآليات التشريعية والمؤسساتية والتنظيمية المتعلقة بفعلية حقوق الإنسان، كما ينص عليها الدستور؛
وفي إطار هذه نقط اليقظة، هناك أيضا مفارقةٌ عنيدة وخطيرة تُسائلنا جميعا، وهي ظاهرة العنف المتفشي الذي تعاني منه المرأة والفتاة بالأشكال والتجليات المختلفة لهذا العنف، جسديا ورمزيا واجتماعيا واقتصاديا، رغم الضمانات الدستورية والقانونية التي توفرها بلادٌنا لتحقيق المواطنة الكاملة دون تمييز بين الجنسين، ورغم أهمية المكتسبات والإصلاحات والجهود المبذولة في هذا الصدد؛
ويبدو أن معالجة هذه المفارقة لن يتأتى فقط بتوفير الموارد وتمكين النساء، ووضع السياسات والبرامج الداعمة لمكانة المرأة في المجتمع، بل لا بد من العمل الإصلاحي والبيداغوجي على مستوى البنيات الذهنية المتصلبة،والأنماط السلبية في التفكير والسلوك تجاه حقوق المرأةوحقوق الإنسان بصفة عامة؛
وهنا، لا بد من إرساء أنماط إيجابية في التفكير والسلوك تنتقلُ بين الأجيال انطلاقا من الأسرة والمدرسة والإعلام والتمثُلات الثقافية السائدة، حتى يتملكُّ المجتمع قيماللاعنف والمساواةوالاحترام المتبادل تجاه المرأة وباقي الفئات الهشة؛
وحتى يصبحُ المجتمع هو الضامن منظومة الحقوق التي تبقى في حاجة إلى منظومة قيم تساهم في تيسير فعليتها، وبلوغ أهدافها الفُضلى، وتوفير أجواء الثقة والتساكن والتسامح والعيش المشترك بين أفراد وفئات المجتمع؛
وهنا يجدر التأكيد على راهنية الفكر التعادلي الذي يُدمج الحقوق والواجبات والقيم في منظومة واحدة متجانسة من حيث البناء والمقاصد، من أجل إرساء مجتمع متوازن ومتضامن؛
إذتكونُ كل الفئات وجميع الجهات متآزرة في ما بينها لصالح تحرير الفرد والمجتمع وتحقيق للمواطنات والمواطنين شروط العيش الكريم؛
في الختام، ولمواجهة هذه التحديات، نحن في حاجة اليوم إلى لحظة إرادية جديدة تستعيد روح وفلسفة المصالحات الكبرى التي عرفتها بلادنا منذ نهاية التسعينيات، من أجل إبرام توافقات كبرى في مجال هذا الورش المفتوح باستمرار على البناء والتطور، بتضافر جهود الجميع،  قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية وأحزاب سياسية ونقابات وجمعيات المجتمع المدني؛

وفقنا الله لما فيه خير بلادنا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


كلمة الأستاذ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال في ندوة “حقوق الإنسان في المغرب بين المقتضيات الدستورية والممارسة “

كلمة الأستاذ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال في ندوة “حقوق الإنسان في المغرب بين المقتضيات الدستورية والممارسة “